الإمام علي عليه السلام في مواجهة التغيير

هشام أموري ناجي

بعد ان تسلم الإمام علي(عليه السلام) الخلافة عقيب مقتل عثمان في سنة 35هـ وأن الأوضاع كانت متردية بشكل عام، على اثر ذلك وضع الإمام علي عليه السلام خطة لإصلاح الدولة وركز فيها على شؤون مهمة كالإدارة والاقتصاد.

تطهير جهاز الدولة:
من الأعمال التي انجزها الإمام علي عليه السلام عند توليه منصب قيادة الدولة الإسلامية عزل ولاة وعمال عثمان الذين سخروا جهاز الحكم لمصالحهم الخاصة واثروا ثراء فاحشا مما اختلسوه من بيت المال، كمعاوية ابن ابي سفيان واتباعه الذين ساد فسادهم في البلاد الإسلامية .
ويروى ان جماعة من اتباع الإمام علي عليه السلام اشاروا عليه بإبقاء بعض اتباع عثمان في مناصبهم ريثما تستقر الأوضاع السياسية ثم يعزلهم بعد ذلك فأبى عليه السلام واعلن أن ذلك من المداهنة في دينه وهو مما لا يقره ولا يرضاه ضميره الحي الذي لا يسلك اي طريق يبعده عن الحق، ولو ابقاه ساعة لكان ذلك تزكية له وإقرارا بعدالته وصلاحيته للحكم.

إرجاع اموال المسلمين المنهوبة:
اصدر الإمام علي عليه السلام اوامره بإرجاع جميع الأموال التي نهبت من قبل اتباع الحكام السابقين، فبادرت السلطة التي كان يشرف عليها بوضع اليد على الأملاك التي وهبها عثمان لأقربائه وحاشيته, وقد فزع بنو امية كأشد ما يكون الفزع.
وبهذه الاعمال التي بادر بها الإمام علي عليه السلام كشف كل الاعمال الفاسدة التي دأب عليها الحكام السالفين وعمالهم وقضاتهم.. فلم يستطع احد منهم تحمل العار الذي لحقه بما فعل بدولة رسول الله صلى الله عليه وآله, فعزموا على تحميل الإمام علي عليه السلام دم عثمان لالحاق الاذى به ومن يعينه.
وهذه الأعمال التي قام بها الإمام علي عليه السلام أدت إلى فزع القبائل القرشية التي كانت تستفيد من سلطة عثمان وقد اصابها الذهول، فقد ايقنت ان الإمام سيصادر الأموال التي منحها لهم عثمان بغير حق فكتب عمرو بن العاص رسالة الى معاوية جاء فيها:
(ما كنت صانعا فاصنع اذ قشرك ابن ابي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها)
لقد راح الحسد ينهش قلوب القرشيين والأحقاد تنخر ضمائرهم فاندفعوا الى اعلان العصيان والتمرد على حكومة الإمام عليه السلام.

الإمام علي في مواجهة قريش:
امتحن الإمام عليه السلام امتحانا عسيرا من الأسر القرشية وعانى فيها اشد الوان المحن والخطوب في جميع ادوار حياته فيقول عليه السلام: (لقد اخافتني قريش صغيرا وانصبتني كبيرا حتى قبض رسول الله صلى الله عليه واله، فكانت الطامة الكبرى والله المستعان على ما تصفون).
وتحدث عليه السلام في رسالته الى اخيه عقيل عن اجماعهم على حربه كما أجمعوا على حرب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: (فدع عنك قريشا في الضلال, وتجوالهم في الشقاق وجماحهم في التيه, فإنهم قد أجمعوا على حرب رسول الله صلى الله عليه وآله قبلي فجزت قريشا عني الجوازي فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطان ابن امي .. أما ما سألت عنه من رايي في القتال فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقي الله لايزيدني كثرة الناس حولي عزة ولاتفرقهم عني وحشة…).
ولم يعرهم الإمام عليه السلام اهتماما وانطلق يؤسس معالم سياسته العادلة ويحقق للأمة ما تصبو اليه من العدالة الاجتماعية وقد اجمع رأيه عليه السلام على ان يقابل قريش بالمثل ويسدد لهم الضربات القاصمة ان خلعوا الطاعة واظهروا البغي.
فيقول عليه السلام: ما لي ولقريش اما والله لقد قتلتهم كافرين ولأقتلنهم مفتونين وما لنا الى عائشة من ذنب الا انا ادخلناها في حيزنا، والله لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته فقل لقريش فلتضج ضجيجها).

نشرت في الولاية العدد 104

مقالات ذات صله