الاحكام التي تعرضت لها سورة المائدة

الشيخ جميل البزوني

الاول: حكم وجوب الوفاء بالعقود:
وقد ورد في الآية الاولى من السورة في قوله: (َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود) المائدة الآية (1)، وهو الامر الواجب الوفاء بالعقود التي تجري بين المسلمين.
وقد دلت هذه الآية على قاعدة يسميها الفقهاء (بأصالة اللزوم)، والمراد بالعقد هو (كل تعاقد وتعاهد بين طرفين سواء كان بين الفرد وفرد آخر أو بينه وبين ربه، فانه في كلتا الحالتين يتحقق العقد وقد يعبر عنه بالعهد(1) …كما تؤيد ذلك رواية عبد الله بن سنان: (سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: {َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود} قال: العهود)(2).
الثاني: حكم حلية الأنعام:
حيث ورد ذلك في قوله تعالى: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيد) المائدة الآية (1).
الثالث: حكم احترام عدد من الأمور وحكم التعاون (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة الآية(2):
منها: الشعائر وهي مناسك الحج التي يجب ان تعظم ولا يجوز هتكها أو التهاون فيها، ومنها الحفاظ على الهدي والقلائد في الحج ومنها أن الاصطياد بعد الاحلال من الاحرام جائز، ومنها حكم التعاون على البر والتقوى(3).
الرابع: حكم أكل الميتة والدم والخنزير وما أهل به لغير الله وغيرها:
فقد دلت الآية الثالثة من سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة الآية (3) على تحريم تناول الميتة والدم والخنزير وما ذبح لغير الله وكذلك عدد من الحيوانات وهي المنخفقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وغيرها من الحيوانات التي لم تذك، وهكذا حرمة الاستقسام بالأزلام، نعم من اضطر الى تناول شيء من هذه الأصناف بسبب الجوع فلا مانع في حقه أن يتناول من ذلك.
الخامس: حكم الأصل في الاطعمة والتذكية:
وقد بينت ذلك الحكم الآية الرابعة من سورة المائدة، وعبرت عنه بالطيبات، كما بينت وسيلة التذكية الي يحل معها الصيد.
السادس: حكم طعام اهل الكتاب:
وقد ورد ذلك في الآية الخامسة من سورة المائدة الا أن الاختلاف وقع بين المسلمين في تفسير الطعام، فذهب الشيعة الى اختصاصه بالحبوب، فيما عممه غيرهم من المسلمين لكل ما يسمى طعاماً من الحبوب وغيرها.
السابع: حكم الماء وكيفية الوضوء، وما هو المطهر من ملامسة النساء:
وقد بينت الآية السادسة من المائدة الاحكام المذكورة ووقع الكلام في كيفية الوضوء نتيجة الاختلاف في تفسير الآية الكريمة، فذهب الشيعة الى وجوب المسح تبعاً لظاهر الآية، وذهب المخالفون الى وجوب الغسل تبعاً لتفسيرهم، وتعرضت الآية لحكم عدم وجود الماء وهي الطهارة الترابية(التيمم).
الثامن: حكم شكر نعم الله تعالى:
وقد بينت ذلك الآية السابعة من سورة المائدة وإن على الانسان ألا يكتم نعم الله عليه، بل ويحدث بها، ويجب عليه الشكر.
التاسع: وجوب الانصاف وعدم كتمان الشهادة:
وقد بينت ذلك الآية الثامنة والآية الحادية عشرة من سورة المائدة وجوب العمل بمبدأ قول الحق والقوامة لله ولو كان ذلك مع الجهات التي تختلف مع الانسان الشاهد.
العاشر: حكم القتل المشروع بسبب الفساد:
وقد بينت الآية الثانية والثلاثين حكم مشروعية القتل بسبب القتل، أو الإفساد في الارض مع تشبيه لكون القتل غير المشروع ينزل منزلة قتل جميع الناس(4).
الحادي عشر: حكم المحاربين:
وهو حكم إشهار السلاح في وجه الآمنين من الناس، وحكم الذين يتوبون قبل أن يلقى القبض عليهم .
الثاني عشر: حكم السرقة في الاسلام:
وقد ورد هذا الحكم في الآيتين (39-38) من سورة المائدة، ووقع الكلام في كيفية اقامة الحد على الانسان المرتكب لجريمة السرقة.
الثالث عشر: حكم القصاص في الاسلام:
وأن الانسان يقتل بالقتل، ويعاقب فيما سوى ذلك كالجرح كما ورد في الآية(45) من سورة المائدة وأن القصاص من المعتدي أمر مشروع، وأن العفو عنه أمر راجح ومحبوب.
الرابع عشر: حكم الارتداد:
قد ورد في قوله تعالى (ومن يرتد منكم عن دينه…) الآية (54) من سورة المائدة.
الخامس عشر: حكم مودة الكافر المستهزئ:
وقد بينت الآية (57) من المائدة حكم اتخاذكم أودّاء مع سخريتهم من دين الاسلام.
السادس عشر: حكم الاكل من الطيبات:
وقد بينت الآية (88) حكم الاكل وان الاصل في الاكل هو الحلية حتى يكون هناك دليل مانع من الاكل.
السابع عشر: حكم الخمر والميسر والانصاب والازلام:
وورد هذا الحكم في الآيتين (91-90) من سورة المائدة، وقد جاء هذا الحكم بعد عدد من الآيات القرآنية التي تعرضت لحكم الخمر بصورة تدريجية.
الثامن عشر: حكم الصيد أثناء الاحرام:
وقد بينت هذا الحكم الآيتان (94-95) من سورة المائدة وأن هذا الابتلاء جاء لمعرفة المطيع لله من العاصي لنواهيه، وكفارة الصيد في أثناء الاحرام مع التعمد.
التاسع عشر: حكم صيد البحر بالنسبة للمحرم:
ورد الاذن ومشروعية صيد البحر دون البر في حالة الاحرام، سواء كان الاحرام للتمتع، أو الافراد أو غيرهما من حالات الإحرام المائدة الآية (96).
العشرون: حكم السؤال بلا موجب:
وقد ورد هذا الحكم في الآية (101) من سورة المائدة، فهو أمر ليس له مبرر عقلائي وليس محبذا من الناحية الاجتماعية(5).
هذه مجمل الاحكام التي عرضت لها سورة المائدة، وقد تداخل حكم بعض الآيات مع البعض الاخر لتشابه الاحكام الواردة فيها.
المصادر
1- دروس تمهيدية في تفسير آيات الاحكام من القران الكريم ج1 ص273
2- وسائل الشيعة ج16: ص248، باب 25 من أبواب النذر والعهد، الحديث 3
3- انظر: دروس تمهيدية في تفسير آيات الاحكام ج1، ص217-218
4- انظر: دروس تمهيدية في تفسير آيات الاحكام ج1 ص600
5- انظر: دروس تمهيدية في تفسير آيات الاحكام، ج2ص998-999

نشرت في الولاية العدد 104

مقالات ذات صله