الحنين لمشاهدة البرامج التلفزيونية القديمة

هشام أموري ناجي

ابجد هوز، المرسم الصغير، سينما الاطفال، الرياضة في اسبوع، العلم للجميع.. وغيرها من البرامج والمسلسلات الدرامية والمسرحيات التي عُرضت على شاشة التلفزيون العراقي في العقود الاخيرة من القرن الماضي جعلت ممن عاصر ذلك الوقت يتوق لرؤية تلك الاعمال ضارباً عرض الحائط كل ما ينتج الان من برامج وافلام ومسلسلات على الرغم من الامكانات الهائلة التي تتوافر عليها هذه الاعمال الفنية والاعلامية.

ان مما تميزت به شاشة التلفاز في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي هي كثرة البرامج الهادفة بأنواعها المختلفة، وان كان بعضها مغرضا سياسياً الا انها لا تخرج عن الذوق العام، فكانت البرامج المعروضة على الشاشة قد تم فحصها مسبقاً وحذف المشاهد والنصوص من الاعمال العربية والاجنبية التي لا تتوافق وتتلاءم مع القيم والتقاليد المتبعة في مجتمعنا العراقي بشكل عام، اضافة الى ان البرامج والمسلسلات المنتجة محليا والتي كانت تُسوّق الى محطات وتلفزيونات عربية نتيجة لما تحمله من مضامين وطاقات فنية وانتاج على مستوى عالٍ قلما نجد مثيلا لها في الدول العربية.
برامج هادفة :
ان الصبغة العامة التي تمتعت بها اغلب البرامج التلفزيونية السابقة هي الاهتمام بطبيعة الرسالة التي تحتويها تلك البرامج وبخاصة برامج الاطفال التي نقلت ادب الطفولة الى عالم آخر يبعث على التسلية والثقافة العميقة.
اضافة الى برامج اخرى اهتمت بفئة الشباب كالرياضة في اسبوع الذي استمر عرضه ثلاثين عاماً، وكذلك برنامج العلم للجميع الذي ترك بصمة علمية على جموع غفيرة من العراقيين وهم ينتظرون الساعة التاسعة من يوم الاربعاء لمشاهدة حلقة جديدة منه للتعرف على احدث ما وصل اليه العلم من تكنلوجيا وصناعات وغيرها من الاخبار العلمية.
اليوم ومع تواجد العشرات من الفضائيات العراقية لم تستطع أن تنتج برنامجا علمياً واحدا مختصا كالذي قُدم في الوقت السابق على شاشة تلفزيون العراق، كما لم نشاهد فضائية واحدة اهتمت بعالم الطفولة وقدمت برنامجا ينمي هذه الثروة المهمة التي تركناها تشاهد الفضائيات المختصة بالأطفال و تحمل مساوئ عديدة كالعنف والمشاهد الجنسية المخلة.
دراما مثالية.. وجيل مميز:
مرت الدراما العراقية منذ انطلاقها بالعديد من الفنانين المبدعين والكتّاب والنقاد الذين تركوا بصمة واضحة في التاريخ الفني على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بالبلاد، وقد قدم التلفزيون العراقي كثيرا من الاعمال السينمائية والمسرحية والتلفزيونية والاذاعية بقيت احداثها وشخوصها عالقة في اذهان الجمهور يتذكرها ويشتاق لمشاهدتها كثير من العراقيين مرة أخرى.
وقبل ان يسود الانترنت كانت هنالك فئه من الناس تسعى لشراء الاشرطة والاقراص المدمجة التي تحتوي على الاعمال الفنية القديمة لتكرار مشاهدتها لما تحتويه من افكار واداء وقدرات عالية لا تقل مهارة عن الاعمال العربية الاخرى التي لاقت حضورا وشهرة.
تراجع في الاداء والنص والانتاج:
مع التقدم الحاصل في مجال الاعلام والاتصال والانتاج السينمائي في العالم رافق ذلك تقدم بالأداء الفني والادبي الذي يعدّ اللبنة الاولى لأي مشروع فني يتم انتاجه في المؤسسات الاعلامية والفنية، وعلى الرغم من ذلك يلاحظ في الآونة الاخيرة تراجع كبير في أداء الاعمال الفنية التي تم انتاجها في العراق اذا ما قورنت مع الاعمال القديمة وذلك للضعف الكبير في اقلام الكتّاب اذ كانت نصوصهم ركيكة فارغة من مضامين رسالية تحمل في طياتها هموم ومحن الشعب طوال ثلاثة عقود من الحرمان والجور، وبدل ان تحتوي على رسائل تهدف الى حل المشكلات الاجتماعية وتمتين العلاقات الودية بين الناس وابراز التقاليد والارث الحضاري للعراق اتجهت اقلام بعض الكتّاب لإظهار وتسويق صور العنف والقتل والجريمة والاحتيال ملبية بذلك رغبة مؤسسات اعلامية او منتجين لهم اجندات خارجية ومآرب اخرى.
هذا التراجع في الاداء لم يترك للنتاجات الاعلامية والفنية العراقية فرصة لأن تفرض نفسها في السوق العربي الى جانب الاعمال المصرية والسورية والخليجية وبقي الانتاج العراقي الاسوء ولا يشهد تعلقا من المشاهدين له كما في السابق .

نشرت في الولاية العدد 106

مقالات ذات صله