السعادة الحقيقة التي نحتاجها

ابتهال ابوصيبع

ان سعادة الانسان في الحقيقة ليست في المتع والملذات الدنيوية ولكن السعادة الحقيقة هي التي يشعر بها الانسان بقربه من الله عز وجل وفنائه فى ذات الله جل وعلا، وهو شعور الانسان دائما بما يقول و يفعل حيث ما يولد عنده البهجة والطمأنينة وهو شيء محسوس وليس ملموسا ويجب ان تكون السعادة التي نعنيها هي السعادة  الروحيّة الكاملة التي تبعث الأمل والرضا، وتثمر السكينة والاطمئنان، وتحقق الامن النفسي والروحي للإنسان، فيحيا سعيداً هانئاً آمنا مطمئناً،

فالإنسان السعيد هو الذي ينسجم مع قناعاته ويرى نفسه هدفا يسعى اليه فيعيش حالة السعادة اثناء سيره الى الهدف المقصود وكلما زاد قربا منه كلما زاد نشوة وسعادة والدليل على ذلك ان امامنا الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء (كلما اشتد عليه البلاء اشرق وجهه الشريف)
أنواع السعادة:
أولا: السعادة الحقيقية
هى السعادة المصاحبة للإنسان فى دنياه وأخراه والتي تبعث الاطمئنان في النفس، وهي أمر غير مرئي لكن يحسّه الانسان في أعماقه. وتحصيل السعادة له مراحل، ومن يصمم على تحصيلها لا شك يوفّق لذلك لأنها تنحصر في معنى واحد وهو الرضا بما قسمه الله تعالى، وشكر الله سبحانه على كل حال.
وإن الدنيا فيها إمكانيات كثيرة كالمال والعلم والجاه والمنصب، ولكن السعادة لا تحصّل بهذه الامور فقط، بل إن سعادة الإنسان تنحصر في أمر واحد وهو أن يقنع ويرضى بحياته وبما قسم الله تعالى له، وأن يشكر الله تعالى على كل حال، وهذا ما صرّح به القرآن الكريم والادعية الشريفة والروايات الواردة عن أهل البيت صلوات الله عليهم، ومن يقنع ويرضى بما قسم الله له سوف ينجو من كثير من المشاكل، ولا تصيبه الامراض النفسية الخطيرة، ولا يقتل نفسه ولا يتعدّى على الآخرين أو يقتلهم.
لا شك أن الرضا بما قسم الله تعالى ليس معناه أن لا يسعى الانسان في رفع مشاكله أو سدّ نواقص حياته، بل عليه مع ذلك أن يكون راضياً بما قسمه الله عزّ وجلّ له، هذه هي السعادة الحقيقية في القرب من المولى ودوام ذكره ولزوم الطريق المستقيم لأنها دائمة في الدنيا و الآخرة.
ثانيا: السعادة الوهمية
هي كل سعادة يبحث عنها الانسان فى غير طريق الله أو بعيدا عن منهجه، فمن الناس من يظن أن السعادة فى المال والبنين ومنهم من يظن أن السعادة فى المناصب الاجتماعية، ومنهم من يظن أن السعادة فى الشهرة والنساء والقصور وغيرها من الامور التي يعتقد الناس أن سعادتهم فيها، انما هي زهرة الحياة الدنيا لكنها ليست هي سبب سعادة الانسان ان لم تتوج بمفهوم الاستخلاف فيها من قبل صاحبها، وإنها قد تكون سبب شقائه وبؤسه فصاحب المال في ارق دائم على جمعه وحراسته وزيادته وصاحب المنصب والجاه في خوف مستمر من فقدانه والأزواج والأبناء قد يحتضنهم الانسان ويكونوا الد اعدائه.
صحيح أن هذه الأمور تسعد الانسان ولكنها قد تجعله يبتعد عن طريق الله أو يحكم بغير ما أنزل الله أو يتقلب فى النعمة و ينسى المُنعِم، وإذا كان الانسان يقظا ولم تغره هذه الأشياء و لم تنسه ذكر ربه فانه يسعد بها في حياته وعند الموت تُسلب منه فهي سعادة غير دائمة.
مصاديق السعادة تختلف عند الناس، فمنهم من يراها في الايمان والعمل الصالح والإحسان الى عباد الله سبحانه وتعداد نعمه وشكرها وطلب العلم وجهاد النفس وحسن الخلق والكسب الحلال وبذل المال في وجوه الخير او في عيون طفل بريء او مقارعة الاعداء او في المرابطة على الثغور او ادخال السرور على قلب يتيم او مسكين او مريض ومسح دمعة مهموم او مكروب والى اخره.
ونستنتج ان السعادة هي عندما تشعر بأن الله راض عنك وان يجعلك عز وجل ترضى بالقدر الذي تواجهه وبالحياة التي تعيشها حتى ولو كانت حياة صعبة مليئة بالأحزان والمصاعب والذكريات الاليمة، فليس من السهل ابدا ان تتكيف مع الحياة وان ترضى وتقنع بها، ونرى ان الانسان الذي يحقق ذلك قد حصل على السعادة الحقيقية لأنه بذلك قد فوض امره الى الله عز وجل وتوكل عليه في حياته كلها وبذلك سينال رضا الله وعونه ان شاء الله تعالى لان هناك أشياء كثيرة يرى فيها الإنسان أسباباً للسعادة، لكن السعادة الحقيقية تكمن في أن يكون قلب الإنسان عامراً بحب الله سبحانه وتعالى فيعيش المرء براحة وطمأنينة ورضا و قناعة، فلا يلتفت كثيراً للأشياء المادية، لأن السعادة الحقيقية هي راحة البال و طاعة الرحمن.

نشرت في الولاية العدد 107

مقالات ذات صله