التنمر المدرسـي خطر يهـــــــــــــدد أطــــــفالنا

م.م. زينب القصير

التنمر المدرسي، الترهيب أو الاستقواء، هذه كلها أسماء مختلفة لظاهرة سلبية نشأت في الغرب وبدأت تغزو مدارسنا بفعل تأثيرات العولمة والغزو الإعلامي الغربي وقد وردت تعريفات عديدة لهذه الظاهرة منها تعريف المؤسس للأبحاث التنمر الدراسي دان ألويس على انه: أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ أخر ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية لها تأثير لما تمثل: التهديد، التوبيخ، الإغاظة والشتائم، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل ، والتنمر لا يحدث إلا في حالة عدم التوازن في الطاقة أو القوة (علاقة قوة غير متماثلة)؛أي في حالة وجود صعوبة الدفاع عن النفس..
أسباب الظاهرة
تًرجع الدراسات أسباب ظهور التنمر في المدارس إلى التغيّرات التي حدثت في المجتمعات الإنسانية، والمرتبطة أساسا بظهور العنف والتمييز بكل أنواعه، واختلال العلاقات الأسرية في المجتمع فضلا عن تأثير الإعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية وعموما يمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة التنمر في النقاط التالية:
أولا: الأسباب الأسرية:
تميل الأسر في المجتمعات المعاصرة إلى تلبية الاحتياجات المادية للأبناء من مسكن وملبس ومأكل وتعليم جيد وترفيه، مقابل إهمال الدور الأهم الواجب عليهم بالنسبة للطفل أو الشاب، ألا وهو المتابعة التربوية وتقويم السلوك وتعديل الصفات السيئة واستبدالها بالصفات الحسنة والتربية الحسنة، وقد يحدث هذا نتيجة انشغال الأب أو الأم أوهما معا عن تربية أبنائهما ومتابعتهم، مع إلقاء المسؤولية على غيرهم من المدرسين أو المربيات في البيوت .
وإلى جانب الإهمال، يعتبر العنف الأسري من أهم أسباب التنمر، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري يطبعه العنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء، لابد أن يتأثر بما شاهده او سمعه. وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة، يميل إلى ممارسة العنف والتنمّر على الطلبة الأضعف في المدرسة.
ثانيا: الأسباب مرتبطة بالحياة المدرسية :.
ارتقى العنف في المدارس المعاصرة إلى مستويات غير مسبوقة، وصلت حد الاعتداء اللفظي والجسدي على المدرسين فالطلاب وأولياء أمورهم، حيث اندثرت حدود الاحترام الواجب بين الطالب ومعلمه، مما أدى إلى تراجع هيبة المعلمين وتأثيرهم على الطلاب، الأمر الذي شجع بعضهم على التسلط والتنمر على البعض الآخر، تماما كما يقع في المجتمعات عندما تتراجع هيبة الدولة والمؤسسات . إلى جانب ذلك يمكن أن يؤدي التدريس بالطرق التقليدية التي تعتمد مركزية المدرس كمصدر وحيد للمعرفة وكما للسلطة المطلقة داخل الفصل إلى دفع هذا الأخير إلى اعتماد العنف والإقصاء كمنهج لحل المشكلات داخل الفصل، مما يخلق بالتالي بيئة مناسبة لنمو ظاهرة التنمر.
ثالثا: الأسباب مرتبطة بالإعلام والثورة التقنية
تعتمد الألعاب الإلكترونية عادة على مفاهيم مثل القوة الخارقة وسحق الخصوم واستخدام كافة الأساليب لتحصيل أعلى النقاط والانتصار دون أي هدف تربوي، لذلك نجد الأطفال المدمنين على هذا النوع من الألعاب، يعتبرون الحياة اليومية بما فيها الحياة المدرسية، امتداد الى هذه الألعاب، فيمارسون حياتهم في مدارسهم أو بين معارفهم والمحيطين بهم بنفس الكيفية . وهنالك من خطورة ترك الأبناء يدمنون ألعاب العنف، لذلك ينبغي على الأسرة عدم السماح بتقوقع الأبناء على هذه الألعاب والسعي للحد من وجودها، كما ينبغي على الدولة أن تتدخل وتمنع انتشار تلك الألعاب المخيفة وذلك بسلطة القانون لأنها تدمر الأجيال وتفتك بهم . وإلى جانب الألعاب الإلكترونية ما يعرض في التلفاز من أفلام سواء وتزايد مشاهد العنف والقتل الهمجي والاستهانة بالنفس البشرية بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
علاج ظاهرة التنمر المدرسي
أولى الخطوات لعلاج هذه المشكلة هو الاعتراف بوجودها اذ ان معرفة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الظاهرة والهدف الرئيسي من المعالجات هو الوصول لمدارس خالية من التنمر لضمان بيأةٍ آمنةٍ للأطفال إذا ندرج عدة خطوات لعلاج هذه الظاهرة.
1- العلاج الأسري
تعدُّ الأسرة البيئة الأولى التي تؤثر في سلوك الطفل، وليكون التدخل الأسري فعالا، لابد من التروي وعدم العجلة في الحكم على سلوك الطفل ووصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية، واستشارة جميع المتدخلين في حياة الطفل، بما في ذلك بحث الصعوبات التي يمكن أن يواجها الطفل في المدرسة فيما يخص التحصيل الدراسي، والتي يمكن أن تكون وراء سلوكه العدواني . وفي حاله ثبوت تنمر الطفل، يجب مناقشته بهدوء وتعقل، واستفساره حول الأسباب التي تجعله يسلك هذا المنحى تجاه أقرانه، وتوضيح مدى خطورة هذا السلوك، وآثاره المدمرة على الضحية . وفي جميع الأحوال، يجب تفادي وصف الطفل بالمعتدي أو المتنمر أو أي نعته أمام زملائه، لأن ذلك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية وخيمة، كما يجب على الآباء عدم اختلاق الأعذار للطفل والتبرير لأفعاله وبخاصة أمام المعلمين والزملاء . من جهة أخرى، ينبغي التحكم فيما يشاهده الطفل في التلفاز، وتذكير الأطفال بوجوب احترام مشاعر الآخرين أثناء عرض مشاهد لأشخاص يتعرضون لمواقف مضحكة أو محرجة، وإقناعهم أن هذه الأمور غير مسلية وشرح شعور الآخرين إذا ما كانوا ضحايا لمثل هذه التصرفات.
وعموما ينبغي على الوالدين التعامل معالمة موضوعية لأن الأطفال الذين يتنمرون على الآخرين عادة ما يواجهون مشاكل خطيرة في حياتهم المستقبلية، وقد يواجهون اتهامات جنائية، وقد تستمر المشاكل في علاقاتهم مع الآخرين .
أما في حالة كان الابن ضحية للتنمر، فيجب على الوالدين إبلاغ الإدارة، والشروع في تعليم الطفل مهارات تأكيد الذات، ومساعدته على تقدير ذاته من خلال تقدير مساهماته وإنجازاته، وفي حال كان منعزلا اجتماعيا بالمدرسة فيجب إشراكه بنشاطات اجتماعية تسمح له بالاندماج مع الآخرين وبناء ثقته بنفسه.
دور الأهل لمنع التنمر المدرسي
للأهل دور كبير وفعال في معالجة الظاهرة ويكمن دورهم بعده خطوات منها
اولاً: تشجيع الطفل على الحديث والإنصات له سواء كان الضحية أو المعتدى مما يجعل المعلم يتعرف على المشكلة قبل أن تظهر.
ثانياً : وجود قادة للمدرسة يشجعون الآخرين على الإبلاغ الفوري، من خلال تيسير الوصول إلى الأخصائيين المدربين على تقييم ومعالجة المشكلات السلوكية والأكاديمية، وذلك عن جميع الملاحظات المتعلقة بعلامات الإنذار الدالة على قرب حدوث الخطر.
ثالثاً: الحقوق، لكل طالب الحق في أن لا يتعرض للإيذاء، وفي أن يتعلم في بيأة آمنة.
رابعاً :.المسؤوليات، يجب أن يتحمل المربون مسؤولية توفير إشراف أفضل ومراقبة أكثر، حيث إن إزالة الخوف من حياة الطلاب يمكّن المعلمين أن يؤدوا أعمالهم بفاعلية أكثر، كما يجب أن يتحمل الطلاب المسؤولية أيضاً إزاء احترام حقوق زملائهم وحقوقهم.
خامساً: العمل ضمن مجموعات: يمكن أن يقسم المعلم الأطفال إلى مجموعات، ليعملوا معاً، دون أن يترك لهم حرية اختيار الرفاق، على أن يختار طريقة لا تشعرهم بأنه ينوي التفريق بينهم.
سادساً: المعلم أو المربي هو القدوة فعليه أن يعلم بطرق مفيدة وسليمة دون أن تؤذي، والإيذاء اللفظي قد يكون اشد من الإيذاء الجسدي.
سابعاً : القوانين يجب أن يظهر الآباء وموظف والمدرسة تطبيق القوانين وأنهم لن يتسامحوا مع أي طالب يؤذي طالباً آخر، سواء أكان الإيذاء بدنياً أو نفسياً.

نشرت في الولاية العدد 108

مقالات ذات صله