القضية الحسينية ودور الإعلام في ترسيخ مبادئها

هشام أموري ناجي

ظلت المجالس والمنابر منذ مئات السنين تنقل للأجيال قضية الإمام الحسين عليه السلام والمآسي والظلامة التي لحقت به وآله وصحبه (عليهم السلام) وما جرى عليهم في ذلك اليوم، اضافة الى الدور الذي قدمته الثورة وانقلاب الموازين في المعادلات العسكرية والاجتماعية من هزيمة المقتول أمام نصره وتخليد ثورته.
ومع شدة التطور في وسائل الاعلام الا انها لم تتناول جوانب المبادئ الحسينية بشكل كامل واكتفت بنقل المجالس والشعائر الموسمية وتسليط الضوء عليها واهمال او تغييب الجوانب الفعالة من قيم هذه الثورة .

عام جديد ونتاجات مستهلكة
مع حلول شهر المحرم الحرام وشهر صفر تبث من خلال الفضائيات الدينية كثير من المجالس والبرامج الكلاسيكية التي اعتاد عليها المرء في كل عام على ان يشاهدها من دون ان يطرأ عليها اي تجديد او تغيير، وبما ان المناسبة التي حلت تحمل في طياتها كثير من المبادئ الانسانية والدينية التي تستحق ان تُدرس وتُفسر لأجيال جديدة قادمة عن طريق انتاج برامج مختلفة وصناعة اعلام متجدد يواكب الفكر والتكنلوجيا الحديثة ولا تستمر ببث اعمال فائضة عن حاجة المستهلك، لذا عليها تبذل جهدا لإنتاج برامج درامية وكارتونية وسينمائية وفواصل وغيرها من الاعمال التي ترسخ صورة الاحداث في ذهن المشاهدين عن طريق المرئيات لكونها الاوسع جمهورا، الا ان هذه المؤسسات الاعلامية بقيت تراوح في مكانها معتمد على النتاجات المستهلكة أو المحروقة كما يسميها اصحاب الاختصاص.

فضائيات بلا جدوى
لا يخفى على كل متتبع في مجال الاعلام والاتصالات الحديثة ان الاعلام المرئي بات اليوم يتصدر وسائل الاعلام الاخرى لكونه يتضمن مميزات لا تملكها غيرها لانها تتعامل مع اهم حاستين لدى الانسان (السمع والبصر) وبما ان ابناء مجتمعنا اليوم بدت عليهم علامات الكسل في مجال القراءة والمطالعة وبخاصة فئة الشباب وفي الوقت نفسه ليست لديهم دراية بتاريخهم الاسلامي الحافل بالمعطيات والانجازات التي تجسدت بشخصيات عظيمة خلدتها صفحات التاريخ، فكان لا بد للمؤسسات الاعلامية والفضائيات العمل الجاد على انتاج اعمال تلفزيونية تخلد هذا التاريخ المزدهر حتى لا نعطي الفرصة للآخرين لإنتاج افلام ومسلسلات لصياغة التاريخ وشخصياته على مزاجها السياسي والايدلوجي وتفرضها علينا ليطلع ابناؤنا على تاريخ مشوه مليء بالانحرافات والمتغيرات البعيدة عن تراثنا وتاريخنا، فبعد الانفتاح الذي شهد العراق بعد عام 2003 ولحد الان شهد ظهور العديد من الفضائيات الدينية والسياسية كأنهم في سباق لحصد المشاهدين والاتباع لهذا الاتجاه او ذلك التيار الديني والمذهبي، فضائيات بلا هدف لا يهمها رغبة الجماهير او اتجاههم المهم فرض اجندات ما تنقل تصورات واراء ما وراء الحدود لتقدمها لأبنائنا بأفكار ومفاهيم مغلوطة.

اعلامنا بلا نتاجات
حتى نواكب العالم في طريقة تسويق قضايانا، علينا ان نفكر بشكل مدروس اعلاميا للخروج من بودقة التخندق والتجاذبات السياسية والفئوية ومغادرة الاعلام الديني الرائج اليوم في مجتمع يتنفس التعاليم الدينية في كل مكان وزمان كونه يحمل مضامين اكل الدهر عليها وشرب لم تستطع ان تخاطب العالم بطرق منهجية لجذب ود الناس ومشاعرهم واقناعهم بقضية الاسلام ومبادئه، هذا من جانب ومن جانب اخر وفيما يخص القضية الحسينية التي نحن بصددها وكيفية تسويقها الى العالم بطريقة احترافية يفهمها الطرف الاخر فيكون ذلك عن طريق رعاية من قبل الدولة والمؤسسات ذات العلاقة بأنشاء شركات للإنتاج الفني اسوة بباقي دول العالم عندما تسوق قضاياها وظلاماتها وتراثها للعالم من خلال السينما والدراما والمسارح بأشراف خبرات محلية واجنبية لها باع طويل في الاخراج والانتاج والكتابة والتسويق .

قضيتنا مغيبة
كذلك هو حال الرسالة الحسينية بكل ما تحمله من معان سامية ومضامين ومبادئ خالدة، لم يقدم الاعلام الديني المتخصص أي خطوة بالاتجاه الصحيح لتوضيح وتفسير اسباب قيام الثورة الحسينية وما الغرض الذي من اجله قدم الامام الحسين عليه السلام اهل بيته واصحابه الخلص قرابين في سبيل الله من اجل كشف زيف الاموين وفضحهم امام العالم وما ارتكبوه في حق الانسانية من هتك لحرمات الله وقتل النفس ومحاربة آل رسول الله وصحبته ونهب اموال المسلمين لصرفها على المنكرات وارتكاب الرذيلة وشراء الذمم.
يجب ان يهتم العاملون في المؤسسات الاعلامية والثقافية والدينية على ابراز كل هذه الصور بكل حرفية واخلاص بعيدا عن التجاذبات فالوقت الان متاح لهم ولديهم فسحة كبيرة من الحرية التي لم تتاح لغيرهم في السابق.

نشرت في الولاية العدد 109

مقالات ذات صله