العطاء في شخصية مسلم بن عقيل

أرشد رؤوف قسام

(الكوفة… المسجد … الأزقة والأسواق … السفارة….القوة … الغربة النصرة…الشهادة .) هذه كلها محطات في حياة الشهيد ألأول في نهضة الحسين (عليه السلام) ابن عمه وسفيره ومبعوثه البطل مسلم بن عقيل عليه السلام ولعلها اختزلت ما يقارب من ثمانية وثلاثين عاما من عمره الشريف فبالرغم من شجاعته وعلمه وورعه وتقواه على طول سنوات عمره الشريف ألا أن التركيز التاريخي صار فقط في موضوع التمهيد لثورة الحسين (عليه السلام) وحتما هو شرف ما بعده من شرف ..
وفي موضوعي هذا أود ان أسلط الضوء على جانب القوة والعطاء في شخصية مسلم (عليه السلام)… أن دراسة أي شخصية من الشخصيات البارزة والمهمة في التاريخ تستوجب استحضار مجموعة من العوامل والأبعاد التي تتكون منها هذه الشخصية حتى يمكن توضيح الصورة الحقيقية لتلك الشخصية ومن هذه الأبعاد مثلا الوراثة والنشأة والتربية والسلوك والبيئة والمواقف والتصرفات والظروف السياسية والاجتماعية وغيرها من العوامل الأخرى التي لها تأثير في تشكيل تلك الشخصية ومن هذا المنطلق سأتوجه الى نظرة سريعة ومختصره لأهم الخصائص في حياة سيدي ومولاي مسلم بن عقيل عليه السلام :
1ـ انتسابه الى أشرف سلسلة نسبيه عرفها الوجود فهو من أطهر بيوتات العرب ومن قريش فهو من بني هاشم وأبوه عقيل بن ابي طالب العالم والعارف والنسابة وجده ابو طالب مؤمن قريش وكافل الرسول ألأعظم ومربيه وحاميه وناصره وجده الأكبر عبد المطلب بن هاشم سيد البطحاء وسيد مكة وتستمر سلسلته النسبية الى نبي الله اسماعيل الذبيح ابن سيدنا أبراهيم النبي خليل الرحمن وابو الأنبياء عليهم جميعا سلام الله وعلى نبينا محمد افضل الصلاة والسلام وهذه السلسلة الطيبة كان يعرفها سيدنا مسلم منذ نعومة أضفاره وكان يعتز بها أيما اعتزاز لذلك تركت أثرا واضح وجلي على تركيبته الشخصية القوية
2ـ تربى مسلم بن عقيل في بيت جبل على الفضيلة والعفة والتعالي على كل الاصعدة من ملبس ومأكل ومنطق طاهر مطهر إذ الصلاة والصيام والقرآن لها موئل وكنف فكان ربيبهما فلا يدنو من لقمة الا وهو عارف بحكمها وحليتها فمنذ الولادة تغذى على الفضيلة والاخلاق والايمان ولباسه من التقوى والحصانة
3ـ ملازمته لعمه أمير المؤمنين (عليه السلام) منحه روح الجهاد مبكرا وتعلم كيف يطيع أمر الأمام في الحرب والسلم فصارت له الحنكة العسكرية والمعرفة بالقيادة
4ـ الملازمة السلوكية لأولاد عمه الحسن والحسين عليهم السلام منحته القدرة على التعامل السياسي الحكيم والسيطرة على العواطف والانضباط في اختيار المواجهة أو الركون الى التفاوض والصبر فهو تارة قائدا محنكا يعرف القرار ويتخذه بشجاعة وهو في ذات الوقت جندي شجاع ومطيع لأمام زمانه
5ـ علاقته بالأسرة علاقة محبة وإخلاص وزواجه من بنت عمه وما لمسه من حنان والفه منحه الرأفة والرقة وحسن التعامل مع الضعفاء في الحرب والسلم ومن هذا تتجلى الصورة الحقيقية لشخصية مسلم بن عقيل(عليه السلام) في ميزان القوة والعطاء ومن هذه التجليات استلهم البطولة من حب الله ورسوله وائمة الحق المعصومين بعيدا عن العواطف والقرابة فصار الناطق الرسمي لصوت الحسين (عليه السلام) بقوته وعطاءه فكان صوتا مجلجلا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم ومن قوته وعطائه دخل الكوفة وحيدا فجمع الأنصار والمؤيدين وصار عليهم قائدا فذا حتى تفرقوا عنه وبقي وحيدا لكنه لم يخضع او ينكسر بل أبدى بسالة وشجاعة قل نظيرها في مواجهة بطش اعوان السلطة الاموية رغم عددهم وعدتهم وهو وحيدا وسط هؤلاء الاعداء حقا كانت شخصيته استثنائية في القوة والعطاء وفي ظروف حرجة صعبه ولا اعتقد تتكرر مثل هذه الشخصية على مر الزمان وذلك لعدم توافر عواملها وابعادها ابدا . ومن هنا جاءت فضيلة زيارته والدعاء تحت قبته ومصداق ذلك ما كتب على باب صحنه الشريف شعرا :

ازائرا كناف الحمى أبدأ بمسلم             وعج لعلي غوث كل دخيل
فأن علي المرتضى باب أحمد              و باب علي مسلم بن عقيل

نشرت في الولاية العدد 118

مقالات ذات صله