الرقابة الإدارية في نظر أمير المؤمنين(عليه السلام)

تعد الرقابة ركن من أركان الإدارة الحديثة، إذ إن الرقابة تكون مقومة للأركان الباقية التي هي التخطيط والتنظيم والتوجيه لما تستفيده هذه الأركان من الرقابة في التغذية العكسية، وعلى هذا فان الرقابة: هي عملية متابعة النشاطات للتأكد من أنه تم انجاز الأهداف حسب ما هو مخطط ومعالجة أية انحرافات مهمة.
من خلال التعريف السابق تبين أهمية الرقابة بأنها تعمل على محورين:
الأول: تقييم الأداء في المؤسسة فيما يتعلق بفاعلية التنفيذ
الثاني: اتخاذ الإجراءات الصحيحة للعودة إلى هدف المؤسسة
مزايا الرقابة وأهميتها: تدخل الرقابة في جميع مفاصل المؤسسة ففي مجال
1- التخطيط: الرقابة تجعل المدراء يعرفون فيما إذا كانت الأهداف والخطط تسير على الخط الصحيح وما هي الإجراءات المستقبلية التي سيتم اتخاذها.
2- الموظفين: أنظمة الرقابة تزود المدراء بالمعلومات والتغذية العكسية عن أداء الموظفين وكشف القابليات والاحتياجات.
3- مكان العمل: الرقابة تعزز الأمن المادي وتساعد في تقليل الأضرار التي قد تحدث في مكان العمل أو النقص المادي المؤثر على العمل.
وقد سبق المولى امير المؤمنين لهذا الجانب المهم، حين بينه في عهده لمالك الاشتر، فقد جعل الرقابة من ضمن اولويات الوالي او المسؤول، وبين محاور الرقابة وهي:
المحور الاول الاختبار، إذ ان شغل المنصب يجب أن يقع على اساس الاختبار، والاختبار هو محور من محاور الرقابة قال (عليه السلام): (ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختباراً) حيث ان الاختبار يكشف القابليات والمواهب والخبرات.
المحور الثاني المتابعة وبيان الانجاز وتحقق الاهداف وهو الغاية من الرقابة، قال (عليه السلام): (ثم تفقد أعمالهم) ان تفقد الاعمال يكشف مدى قدرة المسؤول على الشعور بالمسؤولية وعلى مدى قابلية من تصدى للإدارة.
المحور الثالث، وهو محور مهم، وهو أن تعطي للعاملين ضابط الالتزام المطلوب حتى عند غياب المسؤول بقوله (عليه السلام): (وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم) وهو نظام المراقبة عن بعد وقيد الامام على صفات المراقب بان يكون من اهل الصدق والوفاء، حيث ان الغرض من هذا المحور ليس بناء نظام امني تسلطي بل هو اصلاحي يقوده الصدق والوفاء لان الرقابة في مفهومها الحقيقي ليس العقوبة او الترهيب بل هو تصحيح المسار وحل المشكلات كما يقوله المختصون في الادارة الحديثة.
وفي موضع آخر بين الامام على الحاكم او أي صاحب مسؤولية ان يفعله وهو يعتبر نوع من انواع الرقابة وان كانت غير مباشرة بقوله(عليه السلام): (واجعل لذوي الحاجات منك قسماً تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلساً عاماً فتتواضع فيه لله الذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك حتى يكلمك متكلمهم غير متتعتع) اذا كانت ابواب المسؤول مفتوحه لكل طالب او شاكي ستكون هناك رقابه شعبية او عامه تجعل أي متصدٍ للمسؤولية تحت طائلة السؤال والمحاسبة عند التقصير, وبين الامام عليه السلام ان غياب المسؤول عن واقعه هي آفة تؤدي الى الخروج عن الهدف وذلك بقوله(عليه السلام): ( وأما بعد فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالأمور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور) والاحتجاب هو نوع من انواع غياب الرقابة.
وهناك شواهد كثيرة لهذه المحاور نقلها التاريخ استعملها الامام في حكومته لكن لا يسع المقام لنقلها.
وعلى كل حال فان الرقابة عملية يتمّ من خلالها التأكد من أنّ كل شيء يسير في المنظمة وفقاً لمجموعة من الخطط والتعليمات الموضوعة والصادرة، إضافةً للمبادئ المعتمدة، وتكون موجودة بطريقة تمكن المواطن من الكشف عن مواضع الضعف فيها وكذلك تصحيحها، وتعد من اساسيات العمل الاداري.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــالمصادرــــــــــــــــ
1- نهج البلاغة
2- الرقابة والمراجعة الداخلية، د. عبد الفتاح محمد الصحن ـ د. محمد السيد سرايا.
3- الرقابة الإدارية في منظمات الأعمال، د. فايزالزغبي.
4- الإدارة، د. كامل محمد المغربي.

نشرت في الولاية العدد 122

مقالات ذات صله