مرافئ 122

من وصية الإمام أمير المؤمنين لابنه الإمام الحسن عليهما السلام
واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يعيرك بالإنابة ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى، ولم يشدد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرحمة.


حكاية ديجون الفيلسوف اليوناني الشهير مع الاسكندر الكبير
أرسل الاسكندر إلى ديجون يدعوه إلى مجلسه فقال للرسول قل له يقول لك ديجون إذا منعك عن المسير اليّ استغناؤك عني بسلطانك فقد منعني عن المسير إليك استغناني عنك بقناعتي.
فسار الاسكندر إليه مع وزرائه وحاشيته فوجده جالساً في الشمس على الأرض فلم يأبه له ديجون فقال له الاسكندر أنا الملك اسكندر فأجابه وأنا الكلب ديجون فقال كبير الوزراء للاسكندر لو كنت مكانك لضربت عنقه فقال الاسكندر لو كنت أنا أنت لم أصل إلى ما وصلت إليه ثم التفت الاسكندر إلى ديجون وقال له سل حاجتك قال حاجتي أن تتنحّ جانباً فقد حجبت عني نور الشمس فذهب الاسكندر وهو يقول لو لم اكن الاسكندر لكنت ديجون.
وهكذا الروحانيون كانوا يلقون الملوك وأهل الدنيا بالإعراض وعدم الاكتراث حتى ولو كانوا بعظمة الاسكندر الذي ملك الشرق والغرب.
ونضير ذلك الخليل بن أحمد ارسل إليه سليمان بن علي وكان أمير الأهواز رسولاً يطلبه لتأديب وُلده فوجده الرسول يبلّ خبزاً يابساً بالماء ويأكل فقال له أجب الأمير قال لا حاجة لي به قال الرسول يغنيك عن هذا قال الخليل ما دمت أجده فلا حاجة لي بأحد كائناً من كان ثم قال للرسول بلّغ الأمير هذه الرسالة:
للناس مال ولي مالان مالكها
إذا تحارس أهل المال حرّاس
مالي الرضا بالذي أصبحت أملكه
ومالي اليأس عمّا حازه الناس


رجل يسرق الجيوب
ورد في الكشكول رقى الشيخ جعفر رحمه الله المنبر وقال أيها الناس أحببت قبل الشروع ألِفت انظاركم إلى شيء وهو أنه أخبرني أحد الناس أنّ في هذا اليوم دخل إلى النجف رجل يسرق الجيوب وهو ماهر في السرقة فأحببت أن تعلموا ذلك.
ثم رأى الناس وقد صاروا في ولولة وكلٌ جعل يمد يده في جيوبه يميناً وشمالاً خوفاً من ذلك السارق الموهوم هذا والشيخ مطل عليهم من أعلى المنبر والمنظر أمامه إلى أن هدأت الحالة فتبسّم رحمه الله قائلاً ما بالكم أني لم أقل دخل النجف آلاف السرّاق بل قلت سارقاً واحداً وهذا الكلام من البشر محمول على الصدق والكذب ما بالكم وقد رأيت كلّ واحد منكم يمد يديه في جيوبه ويتفقّد ما عنده من الدراهم وغيره خشيةً من ذلك السارق الموهوم وإذا كان القول صحيحاً فما قيمة الرجل الواحد بالنسبة لكثرتكم فبمجرّد قول جعفر لكم أخذتم الاحتياط الكافي لأنفسكم وما قيمة ما تملكون في جيوبكم فلِمَ لم تسمعوا قول الله تعالى في القران الشريف وفي أماكن شتى يحذّركم العدوّ اللدود وهو الشيطان هذا غير الأخبار الواردة عن نبيكم محمد صلى الله عليه واله والأئمة عليهم السلام فلماذا لم تأخذوا له الاحتياط فإذا والعياذ بالله سرق منكم الإيمان فما العوض حتى تجعلوا ذلك العوض في مكانه وأن الفاني عندي وعندكم حسب ما أرى أعز مما عند الله واستغفر الله وأتوب إليه.

نشرت في الولاية العدد 122

مقالات ذات صله