مسلم ارشد
من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام:
وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مُنْتَهَى بَصَرِ الْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً وَالْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا فَالْبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ وَ الْأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ وَ الْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ وَ الْأَعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ.
منها: وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَيَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَيَمَلُّهُ إِلَّا الْحَيَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ الَّتِي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَيِّتِ وَبَصَرٌ لِلْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ وَسَمْعٌ لِلْأُذُنِ الصَّمَّاءِ وَرِيٌّ لِلظَّمْآنِ وَفِيهَا الْغِنَى كُلُّهُ وَالسَّلَامَةُ. كِتَابُ اللَّهِ تُبْصِرُونَ بِهِ وَتَنْطِقُونَ بِهِ وَتَسْمَعُونَ بِهِ وَيَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَيَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي اللَّهِ وَلَا يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللَّهِ قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَنَبَتَ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ وَتَصَافَيْتُمْ عَلَى حُبِّ الْآمَالِ وَتَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الْأَمْوَالِ لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكُمُ الْخَبِيثُ وَ تَاهَ بِكُمُ الْغُرُورُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِي وَأَنْفُسِكُمْ.
قوة الإرادة
هي ما يعبر عن مثابرة المرء واندفاعه للقيام بعمل معين بصرف النظر عن العوائق والمصاعب التي سوف يواجهها في طريق انجازه لذلك العمل،وانّ السبيل الوحيد للحصول على قوة الإرادة هو ارادة القوة نفسها، فلا يمكن للفرد أن يقوّي ارادته دون أن تكون لديه الرغبة في القوة نفسها، وفي العادة يرغب الفرد بأن يمتلك الارادة القوية من أجل أسباب معينة منها إرادة النجاح في مختلف أمور الحياة، ثم تحقيق ذاته، فالارادة لا يمكن أن تقوى الّا اذا أصرّ المرء على تحقيق أهدافه وذاته، حيث انّ لكل امرئٍ أهدافه التي تحقق كيانه وذاته، وتحقق الغاية من وجوده في هذه الحياة، وكلما كان فهم الانسان للارادة وأنواعها عميقاً كلما تمكّن من استعمالها لتحقيق أهدافه، فيبدأ بإرادة الحياة، ثم ينتقل لارادة المعتقد، ومنها الى ارادة القوة، والتي تقوده بدورها نحو إرادة النجاح، وبذلك يصل الانسان الى تحقيق ذاته بتوظيفه لقوى الارادة المختلفة.
أصدق من قطاة
حكى ان قطاة تنازعت مع غراب في حضرة يجتمع فيها الماء وادّعى كل واحد منهما أنها ملكه فتحاكما الى القاضي فطلب بيّنة فلم يكن لأحدهما بينة يقيمها فحكم القاضي للقطاة فلما رآت القطاة أن القاضي حكم لها من غير بيّنة والحال أن الحفرة كانت للغراب قالت له أيها القاضي ما الذي دعاك لأن حكمتَ لي وليس لي بيّنة وما الذي جعلك تؤثر دعواي على دعوى الغراب فقال لها فقد اشتهر عنك الصدق بين الناس حتى ضربوا بصدقك المثل فقالوا (أصدق من قطاة) فقالت له إذا كان الأمر على ما ذكرت فوالله إن الحفرة للغراب وما أنا ممّن يشتهر عنه خلّة جميلة وبفعل خلافها ، فقال لها وما حملك على هذه الدعوى الباطلة فقالت له الغضب لكونه منعني من ورودها ولكنّ الرجوع الى الحق أولى من التمادي في الباطل وان تبقى لي هذه الشهرة خيرٌ لي من ألف حفرة.
نشرت في الولاية العدد 124