مرافئ 126

ةٌ
من درر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام):
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى الله وَأُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا دَارُ شُخُوصٍ، وَمَحَلَّةُ تَنْغِيصٍ، سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ، وَقَاطِنُهَا بَائِنٌ، تَمِيدُ بِأَهْلِهَا مَيَدَانَ السَّفِينَةِ، تَقْصِفُهَا الْعَوَاصِفُ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ، فَمِنْهُمُ الْغَرِقُ الْوَبِقُ، وَمِنْهُمُ النَّاجِي عَلَى بُطُونِ الْأَمْوَاجِ تَحْفِزُهُ الرِّيَاحُ بِأَذْيَالِهَا، وَتَحْمِلُهُ عَلَى أَهْوَالِهَا، فَمَا غَرِقَ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُسْتَدْرَكٍ، وَمَا نَجَا مِنْهَا فَإِلَى مَهْلَكٍ، عِبَادَ الله الْآنَ فَاعْلَمُوا وَالْأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ، وَالْأَبْدَانُ صَحِيحَةٌ، وَالْأَعْضَاءُ لَدْنَ، وَالْمُنْقَلَبُ فَسِيحٌ، وَالْمَجَالُ عَرِيضٌ قَبْلَ إِرْهَاقِ الْفَوْتِ، وَحُلُولِ الْمَوْتِ، فَحَقِّقُوا عَلَيْكُمْ نُزُولَهُ وَلَا تَنْتَظِرُوا قُدُومَهُ.


من حكايات البهلول مع هارون العباسي
روي ان هارون العباسي لما دخل الكوفة خرج الناس ينظرون إليه، فناداه البهلول: يا هارون ثلاثاً، فقال الرشيد: من يجري عليّ في هذا الموضع، فقيل له بهلول، فرفع طرف السجف فقال له: ادنُ مني، فقال يا هارون روينا بالإسناد عن قدامة بن عبد الله العامري، قال رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) رمى جمرة العقبة لا ضرب ولا طرد، ولا قيل بين يديه إليك إليك، وتواضعك في شرفك يا هارون خيرٌ من تجبرك وتكبرك، قال فبكى الرشيد حتى بدت دموعه، وقال: أحسنت يا بهلول، زدنا يرحمك الله، قال أيضاً روينا عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أيما رجل أتاه الله مالاً وسلطاناً وجمالاً فأنفق من ماله، وعفّ جماله، وعدل في سلطانه، كتب في ديوان الله من الابرار، قال له: أحسنت يا بهلول، وأمر له بجائزة، فقال: يا بهلول إن كان عليك دين قضيته عنك، قال يا رشيد: إن هؤلاء أهل الرأي بالكوفة أجمعوا على أن قضاء الدين بالدين لا يجوز، قال: فهل لك أن أجري عليك رزقاً يقوم بك ويكفيك؟ فرفع طرفه نحو السماء وقال: يا هارون، أنا وأنت عيال الله، ثم تركه ومضى.


لكي لا تغيب شمس المساواة
كانت عائلة المرجع الكبير الشيخ مرتضى الأنصاري رحمه الله في أزمة مالية، لأن المبلغ الذي قرره لها الشيخ مثلما قرر لبقية العوائل التي كفلتها المرجعية الشيعية، لم يكف لتوفير جميع حاجيات المنزل.
فطلبت زوجة الشيخ من أحد المقربين له أن يتكلم مع الشيخ ليزيد في المبلغ قليلاً كي تتمكن من القيام بشراء الحاجيات.. فلما جاء الوسيط وتكلم مع الشيخ لم يسمع جواباً منه، لا نفياً ولا إثباتاً.. وفي الغد حينما جاء الشيخ الأنصاري إلى المنزل قال لزوجته: اغسلي ثوبي واجمعي لي الأوساخ (الغُسالة) في ظرف، فغسلت زوجته الثوب وأتتْ بما أمرها سماحة الشيخ!..
فقال لها الشيخ: اشربي هذه الأوساخ!..
فقالت وهي مندهشة: كيف لي أن اشربها وتشمئز منها نفس كل إنسان؟!..
فقال الشيخ: نحن والفقراء في الأموال الموجودة بيدي على السواء، لا ميزة لأحد على أحد، فإذا أخذنا منها أكثر من حقنا فكأننا شربنا مثل هذه الأوساخ.
نعم، لكي لا تغيب شمس المساواة والعدالة عن حياتنا يجب أن نكون هكذا دائماً. قصص وخواطر /ص250

نشرت في الولاية العدد 126

مقالات ذات صله