من خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام):
((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَنْ عِتْرَتِهِ وَ دِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَيْدِيهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً مِنْ وَرَائِهِ وَ أَلَمُّهُمْ لِشَعَثِهِ وَ أَعْطَفُهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَةٍ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ وَلِسَانُ الصِّدْقِ يَجْعَلُهُ اللَّهُ لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ يَرِثُهُ غَيْرُهُ .
ومنها: أَلَا لَا يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لَا يَزِيدُهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وَلَا يَنْقُصُهُ إِنْ أَهْلَكَهُ وَمَنْ يَقْبِضْ يَدَهُ عَنْ عَشِيرَتِهِ فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْهُ عَنْهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ وَتُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْهُ أَيْدٍ كَثِيرَةٌ وَ مَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِهِ الْمَوَدَّةَ)) .
(نهج البلاغة 65)
أدب الحوار
إن من آداب حسن الحوار هي : حُسن التخاطب، والابتعاد عن الألفاظ غير المنضبطة (السوقية)، وعدم استفزاز أو ازدراء الغير، واحترام الطرف الآخر، إخلاص النيّة، والإذعان للحق، والتواضع، الإصغاء. ونحن بحاجة ماسة للحوار أفراداً وأسراً ومجتمعات، وحضارات ومؤسسات. ليتفهم كلٌ مقصد الآخر، ولنستمع لوجهات الآخرين، بلا تشنج، للوصول الى نتيجة مرضية للطرفين، أو الاستفادة من أمور قد تكون خافية علينا، أو الوصول الى أرضية مشتركة يمكن أن نبدأ منها في التعاون والتآلف.
ومن فوائد الحوار: كسب حب وود الآخرين عبر التواصل معهم، وترويض النفس وكبح جماحها على قبول النقد واحترام الآخرين ووجهات نظرهم، نقل الأفكار وتبادل المعلومات وتنمية القدرة على إعمال الفكر واستخلاص النتائج، الوصول الى حلول أو أرضية مشتركة للإنطلاق منها نحو الأفضل للطرفين.
القناعة كنز لا يفنى
جاء في القصص القديمة أنّ ملكاً أراد أن يكافئ أحدَ مُواطنيه، فقال له: «امتلك من الأرض كلّ المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيراً على قدميك»، ففرح الرجل وشرع يمشي في الأرض مسرعاً ومهرولاً بجنون، وسار مسافةً طويلةً فتعب، ففكّر في العودة إلى الملك كي يمنحه مساحة الأرض التي قطعها، ولكنّه غيّر رأيه، فقد شعر أنّه يستطيع قطع مسافةٍ أكبر، وعزم على مواصلة السّير، فسار مسافاتٍ طويلة، وفكّر في العودة إلى الملك مكتفياً بالمسافة التي قطعها، إلّا أنّه تردّد مرّةً أخرى، وقرّر أن يواصل السّير حتى يحصل على المزيد. ظلّ الرّجل يسير أياماً وليالي، ولم يعد أبداً، إذ يُقال أنّه قد ضلّ طريقه وضاع في الحياة، ويقال أنّه مات من شدة إنهاكه وتعبه، ولم يمتلك شيئاً، ولم يشعر بالإكتفاء أو السّعادة أبداً، فقد أضاع كنزاً ثميناً، وهو القناعة؛ فالقناعة كنزٌ لا يفنى.
إختر صديقك
اختر صديقك واصطفيه تفاخرا إن القرين الى المقارن ينسب
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحبا إن الكذوب لبئس خلا يصحب
وذر الحسود وإن تقادم عهده فالحقد باق في الصدور مغيب
واحفظ لسانك واحترز من لفظه فالمرء يسلم باللسان ويعطب
وزن الكلام اذا نطقت ولا تكن ثرثارة في كل ناد يخطب
والسر فاكتمه ولا تنطق به فهو الأسير لديك اذ لا ينشب
واحرص على حفظ القلوب من الأذى فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
واحذر عدوك إذ تراه باسما فالليث يبدو نابه اذ يغضب
لا خير في ود امريء متملق حلو اللسان وقلبه يتلهب
نشرت في الولاية العدد 135