قال أمير المؤمنين عليه السلام: (من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب).
أمير المؤمنين (عليه السلام) بوساطة هذه الكلمات القليلة يعطينا درساً عظيماً في أسلوب الحياة في داخل المجتمع الواحد ليكون مجتمعاً متراصاً خالياً من الثغرات التي يمكن للأعداء الدخول بوساطتها وإفساده بطرقٍ شتّى، فهو عليه السلام يتحدث عن كفارات الذنوب أي الأمور التي تمحو الذنوب وتسقطها عن صاحبها، ومن منّا اليوم ليس مذنباً أو عاصياً ولكن الله عزوجل لم يترك عباده المؤمنين هكذا إنّما جعل لهم مخارج ليسقطوا ذنوبهم ويمحوها وهذا طريق مفتوحٌ مادامت الحياة مستمرة لكلّ منّا، وقد حدد عليه السلام الذنوب العظام التي تودي بالإنسان إلى مزالق العذاب و مهاوي النار إن لم يتدارك نفسه وينتبه لأفعاله وتصرفاته، إذن هذه الكفارت تخصُّ هذه الذنوب العظام والتي لاينجو منها إلا ذو حظٍّ عظيم، ولكن ما هذه الكفارات لهذه الذنوب؟ يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): إنّها إغاثة الملهوف، من هو الملهوف وكيف تتم إغاثته؟ نطرح هذا السؤال لننتبه لمسألة مهمة جداً وهي أنّ البعض يحب ويتوق لفعل الخير ومساعدة الآخرين ولكن ربما يخطأ في إختياره وتشخيصه لعمل الخير ربما بعض الأحيان يظنّ أنّ هذا عملُ خيرٍ ولكن يظهر بعد حين أنّه عملٌ غير صالح، لذا علينا السؤال وتوخي الحذر من أن نعمل عملاً ويكون في غير محلّه، أمّا في صدد الإجابة عن السؤال المتقدم، حول الملهوف وكيفية إغاثته، الملهوف هو ذلك الشخص الذي تقطعت به السبل ولايجد لنفسه حلاً ينتشل نفسه من مستنقعات هذه الحياة ومنها المادية أو الاجتماعية أو الأخلاقية وغيرها كثير، لذلك تجده يتوسّل بالآخرين علّهم يمدوا له يد العون لاستنقاذه من هذا الوحل الذي علق فيه، فمرّة تجد إنساناً قد غرق بذنوبه وهو نادمٌ على ارتكابها فيستغيث بالمؤمنين لإرشاده و وضعه على جادة الصواب، ومنهم يستغيث بالآخرين لإنقاذه من الدين والعسر المادي في هذه الحياة، فتجد من المؤمنين الخيرين من يمدّ له يد العون لانتشاله من هذا المأزق المادي وهكذا المآزق الأخرى التي نعيشها أو نشهدها أو نسمعها ربما يومياً فهل فكّر أحدنا بأن يكون المغيث لهؤلاء الملهوفين ليكفر عن ذنوبه ومعاصيه مادامت الروح في أجسادنا، وكذلك صاحب الكرب العظيم والغم والحزن فكثير من الأحيان تجد نفسك تحمل هموم الدنيا بأسرها تأتيك المشكلات من كل صوبٍ وحدب وما أكثر المشكلات الاجتماعية في أيامنا هذه، كثير من الأحيان يعيش أحدنا مقبوض القلب حزين وهو لايعلم ما الأمر وما السبب في ذلك والأسباب ربما كثيرة ولكن لايعلم من أي سبب منها يعيش كلَّ هذا الكرب والهم، وباستطاعة كلّ أحدٍ منّا إذا ما رأينا أخاً لنا يمرُّ بمثل هذه الظروف الصعبة ويعيش هذه الهموم أن ننفس عنه كربه ونحمل معه جزءاً بل كل ما يعيشه من هذه الكروب كي نخفف عن كاهله حملها بوساطة كلمة طيبة أو مساعدة مادية أو معنوية كي يستعيد عافيته ونزرع الأمل في نفسه وروحه مرةً أخرى، ولكن يبقى هذا العمل الذي أسديناه لهذا المكروب وهذا التنفيس في عين الله عزوجل فكما نفسنا عن كربه سينفس الله عن همومنا وكروبنا وأي همٍ وكرب أعظم من هم وكرب الذنوب التي نرتكبها يومياً ربما من غير أن نشعر ومن غير أن نقصد فما الحياة إلا مجموعة من اللحظات والثواني والساعات فكلما انتهت ساعة انتهى جزءٌ من حياتنا فهلا سارعنا لتكفير هذه الذنوب بإغاثتنا لملهوف أو تنفيسنا عن مكروب؟
نشرت في الولاية العدد 122