شيخ الازهر وكتابه (الإتحاف بحب الأشراف)

أحمد عبد الرسول

الاتحاف بحب الاشراف 

الشيخ عبد الله الشبراوي أبو محمد جمال الدين عبد الله بن محمد بن عامر ابن شرف الدين الشبراوي الشافعي (ولد سنة 1091هـ وقيل 1092هـ /1681م) فقيه شافعي مصري، تتلمذ على الشيخ الخراشي أول شيوخ الجامع الأزهر ونال إجازته  وهو دون العاشرة، ومن أساتذته ايضاً الشيخ حسن البدري والشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الثحلي الشافعي المكي والشيخ خليل بن إبراهيم اللقاني والشيخ محمد بن عبد الرازق الزرقاني والشيخ أحمد النفراوي والشيخ عبد الله بن سالم البصري والشيخ صالح بن حسن البهوي والشيخ شمس الدين الشرنبلالي.

 

كان يدعو الى التسامح الديني، إذ يذكر الجبرتي أن الأقباط قصدوا الحج إلى بيت المقدس، وكان كبيرهم آنذاك (نوروز)، فكلم الشيخ عبد الله الشبراوي في ذلك فكتب إليه جواباً ملخصه: أن أهل الذمة لا يمنعون من دياناتهم وزياراتهم، فهلل الأقباط لهذا وفرحوا به، إلا أن بعض المسلمين لم تعجبهم هذه الفتوى وثاروا ضد الشيخ الشبراوي.
الشبراوي واهل البيت(عليهم السلام)
جمع الشبراوي مواهب عدة ، فكان شاعراً متميزاً وكاتباً مرموقاً بمقاييس عصره، كما كان فقيهاً متعمقاً في أصول الفقه والحديث وعلم الكلام.
كان الشبراوي شاعراً متميزاً، وكان يستغل مواهبه الشعرية في نظم بعض العلوم لتسهيل حفظها على الطلاب، مثل نظمه للآجرومية في علم النحو.

وقد نظم شعرا في مدح أهل البيت(عليهم السلام) من ذلك ما قاله في مشهد الامام الحسين(عليه السلام) بمصر :

آل طه ومن يقل آل طه            مســـتجيرا بجاهكم لا يردُ
حبكم مذهبي وعقد يقيني          ليس لي مذهب سواه وعقدُ
منكم أستمد بل كل من في      الكون من فيض فضلكم يستمدُ
بيتكم مهبط الرسالة والوحي ومنـــ     ـــكـــم نــــور النــــبوة يــبدو
ولكم في العلا مقام رفيع         ما لــــكم فـــيه آل يس ندُ
يا ابن بنت الرسول من ذا يضاهيـ ــــــك افتخارا وأنت للفخر عقد؟
يا حسينا هل مثل أمك أم          لشريف أو مثل جدك جد؟
رام قوم أن يلحقوك ولكن         بينهم في العلا وبينك بُعدُ
خصك الله بالسعادة في دنـــــــــيـــــاك ثم بالشهادة بَعد
لك في القبر يا حسينا مقام          ولأعـــداك فيه خـزي وطردُ
يا كريم الدارين يا من له الدهـ ـــــر على رغم من يعاند عبد
طيبة فاقت البقاع جميعا            حين أضحى فيها لجدك لحد
ولمصر فخر على كل مصر   ولــهـــا طـــالــع بـــقــبـــرك سعد
أنا في عرض جدك المصطفى         من كــــل عـــام له الــــرحال تـشد

وقال مؤرخا باب مسجد رأس الحسين(عليه السلام) في القاهرة:

لئن كان رفضا حبكم ال محمد     فقد لذ لي في حبكم ذلك الرفض
محب اتاكم ال طه يزوركم      وقد صح في التاريخ : حبكمو رفض

ومن مؤلفاته في الشعر ديوان (مفاتيح الألطاف في مدائح الأشراف) و(نزهة الأبصار في رقائق الأشعار) و(نظم بحور الشعر وأجزائها).
تولى الشيخ الشبراوي مشيخة الأزهر عام( 1137 هـ/1724م)، وكان أول من ولي المشيخة من مشايخ المذهب الشافعي. وتوفي في سنة(1171هـ) عن عمر يناهز ثمانين عاماً، ودُفن بتربة المجاورين.
كتاب (الإتحاف بحب الأشراف)
قال المؤلف عن كتابه هذا: (مذ كنت طفلا مولعا بحب آل البيت الأطهار مغرما بسماع ما لهم من كريم الاخلاق، وقد عزمت على خدمتهم بجمع ما عثرت عليه من مناقبهم وايداع ما يشير الى عالي مراتبهم رجاء الاندراج في لمحات مجدهم والدخول في عموم شفاعة جدهم وجعلت واسطة عقد هذا التأليف وقطب رحى التصنيف خدمة سيدي الامام الحسن وأخيه الامام الحسين) (الاتحاف ص23).
وقد قيل في تقريظ هذا الكتاب:
كتاب حوى من وصف آل محمد
محاسن آثار أحاسن أوصاف
به الفاضل الشبراوي أتحف عصره
لذاك دعوه في البرايا بإتحاف

وقد جعل كتابه ثمانية أبواب، الباب الأول: في نبذة من فضائلهم وقطرة من شمائلهم، الثاني: في اخبار الامام الحسن وأخيه الحسين السيدين الشهيدين، الثالث: في حكم لعن يزيد وما ورد في أمثاله من الوعيد، الرابع: في زيارة المشهد الحسيني وبقية مدافن آل البيت بمصر، الخامس: في بقية أخبار آل بيت النبوة ذوي المجد والفتوة، السادس: في شيء من غرر الكلام التي تحلت بها منهم جباه الليالي والأيام، السابع: في حكايات مكارمهم الكثيرة ومراحمهم الشهيرة، الثامن: في حوادث الزمان وما أوقعه الدهر بالأكابر والأعيان)
ومما رواه في كتابه هذا الحديث الشريف في فضل آل محمد (صلوات الله عليهم) عن النبي (صلى الله عليه وآله): (معرفة آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لآل محمد أمان من العذاب).
طبع الكتاب في(119) صفحة بهامش كتاب حسن التوسل في آداب افضل الرسل للشيخ عبد القادر الفاكهي على نفقة مصطفى البابي الحلبي عام (1313هـ) وطبع ثانية بالمطبعة الادبية بمصر سنة(1317هـ) وثالثة سنة(1318هـ) واعيد طبعه في ايران على الاوفسيت سنة(1363هــ) وخامسة في ايران ضمن منشورات الشريف الرضي سنة(1404هـ).

واخيرا قام الاستاذ سامي الغريري بتحقيقه تحقيقا قيّما وطبعته مؤسسة دار الكتاب الاسلامي بإيران عام (1423هـ) ومن تعدد طباعة الكتاب خصوصا بمصر يعرف ما للكتاب من اهمية ورواج، فينبغي للقارىء الكريم مطالعته والنظر فيه، ففيه الكثير من الكرامات المتعلقة بمقام رأس الحسين(عليه السلام) والسيدة زينب(عليها السلام) في مصر.

نشر في مجلة الولاية العدد 79

مقالات ذات صله