الريــــــــــاضة واحكامها

وقفة فقهية

الشيخ مقداد الكعبي

يشمل الفقه الاسلامي جميع نواحي حياة الانسان ونشاطاته، ومن ضمنها نشاطاته في مجالات الرياضة، فله في كل مفصل من مفاصلها حكم شرعي، ونحن في هذا الصدد سوف نتعرض الى مقتطفات مهمة في هذا المجال ونبين الحكم فيها بناء على رأي سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني(دام ظله).
ففي مجال البطولات الرياضية، لو نظّم اتحاد ریاضي بطولة في احدی الالعاب، ووضع مبلغاً من المال كجائزة للفائز بالبطولة، وأعلن عنها قبل المباریات، فلا بأس بذلك في حد ذاته اذا كان تخصیص الجائزة من الجهة المنظّمة للمباراة.
وتوضيح ذلك: انّ الجائزة اذا كانت مخصّصة وممنوحة من نفس الجهة المنظمة للبطولة فلا يعد ذلك من المراهنات او المقامرات، ولكن لو كانت الجائزة اموالا جمعت من نفس الفرق المتنافسة ثم تعطى للفريق الفائز فالحكم يختلف وهو عدم الجواز، لان الرهن المحرم هو ان يدفع الخاسر للرابح شيئا من المال.

رياضة كمال الاجسام
هناك رياضة تسمى برياضة كمال الأجسام وهي في الحكم الشرعي جائزة في حد ذاتها ولكن ربما تحرم لجهات اخرى، كما لو كان فيها مخاطرة بالحياة او بالأعضاء، وتجب مراعاة الستر الواجب فيها ويجوز كشف ما عدا العورة ان لم يكن امام النساء وبهدف القاء المرأة في النظر المحرم.
ولتوضيح ذلك نشير الى النقاط الآتية:
1- ان نفس ممارسة هذه الرياضة جائز.
2- اذا أدت هذه الرياضة الى ان يفقد الرياضي حياته بسببها ولو في المستقبل فعندئذ تكون محرمة.
3- من شروط جواز هذه الرياضة ان يراعي الممارس لها شروط الستر الواجب وهو يختلف بين الرجل والمرأة وكما يأتي:
أ‌- الرجل يجب عليه ان يستر العورتين (القبل والدبر) سترا تامّا من غير تجسيم، واما مع وجود المرأة وكان كشف البدن سببا لنظر المرأة له مع الريبة والشهوة فعندها يجوز فقط اظهار ما يكون اظهاره طبيعياً كاظهار جزء من الذراع والساق.
ب‌- المرأة يجب عليها ان تستر جميع البدن مع وجود الرجل الاجنبي الغريب عنها، ومع عدم وجوده يجب عليها ستر العورتين الا اذا وقعت النسوة في النظر المحرم.
وعلى المؤمن ان يحفظ عينه من النظر المشبوه ما استطاع، لانه مفتاح الشر، اذ روي عن المعصوم(عليه السلام) انه قال: (النَّظَرة سَهمٌ مَسمومٌ مِن سِهامِ إبليسَ ، فمَن تَرَكَها خَوفا مِن الله ِ أعطاهُ الله ُ إيمانا يَجِدُ حَلاوَتَهُ فى قَلبِهِ).
وروي ايضا: (لا تَكُونَنَّ حَديدَ النَّظَرِ إلى ما لَيسَ لكَ فإنّهُ لَن يَزنِي فَرجُكَ ما حَفِظتَ عَينَكَ، فإن قَدَرتَ أن لا تَنظُرَ إلى ثَوبِ المرأةِ التي لا تَحِلُّ لكَ فافعَلْ).
أما الموقف الشرعي لارتداء اللاعب الملابس الرياضية القصيرة (الشورت) فهو جائز في حدّ ذاته للاعبين الرجال.
توضيح: اي ان لبس الشورت للرجل بنفسه جائز، لكن لا يجوز للمرأة النظر اليه، واذا كان لبسه بدافع ايقاع المرأة في النظر المحرم فلا يجوز .
واخيرا نشير الى مسألة ممارسة المرأة للالعاب الریاضیة امام جمهور مختلط (اي من الذكور والاناث)، وحكم ذلك هو عدم الجواز.

الالعاب الریاضیة المحللة
تجوز ممارسة الألعاب الرياضية الكروية، ككرة القدم والسلة والطائرة والمنضدة وكرة اليد وغيرها اذا خلت من المراهنة، وتجوز مشاهدتها في الملاعب الرياضية أو على شاشات العرض المختلفة بدفع مال أو بدونه، شرط أن لا يستلزم ذلك حراما كالنظر بشهوة، أو ترك واجب كترك الصلاة، وتجوز ممارسة المصارعة والملاكمة بدون رهان إذا لم تؤدِّ الى وقوع ضرر بدني بليغ.
ولا تجوز لعبة الشطرنج والنرد(الطاولي)، وبحكمها -على الأحوط لزوماً- اللعب بالآلات الأخرى التي يتعارف التقامر بها وان كان ذلك للتسلية او نحوها، وأيضاً لا يجوز من الالعاب الرياضية ما تكون خطراً على حياة اللاعبين او تعرّضهم لضرر شديد كما في بعض أنواع الملاكمة .
أما المشاركة في المباریات القتالیة كالمصارعة والكاراتیه ونحوها مما یؤدي غالباً الى الضرر المعتد به، فیجوز ممارستها مع الأمن من الضرر البلیغ.
أما لعبة (البليارد) فلا يجوز اللعب بها مع الرهان بل وبدونه إن عدّت لعبة قمارية ولا يجوز بيعها وشراؤها في الفرض.
على أنّ تشخيص كون اللعبة الفلانية قمارية او لا يُرجع فيه الى العرف، وهو يرجع الى المكلف نفسه، فاذا ثبت انها قمارية فلا يجوز اللعب بها حتى مع غير الرهن.

الرياضة واوقات الصلاة
يمارس العديد من الشباب والصغار والكبار رياضة كرة القدم، وغالباً ما يتزامن وقت ممارستها مع وقت اذان المغرب (فريضة المغرب والعشاء) مع ما لها من فضل إذا أديت في وقتها، فهل هناك تأثير مضاعف في الاثم لذلك؟
إن تأخير الصلاة عن أول وقتها وإن لم يكن حراماً ولكن يفوت المكلّف بذلك فضيلةُ أول الوقت وقد عدّ ذلك في بعض النصوص المرويّة عن أهل البيت (عليهم السلام) تضييعاً للصلاة.
فاذا تكرر تأخير الصلاة عن موعدها فقد يعد استخفافا بالصلاة، وعندها يصبح التأخير محرما، وعلى كل حال فانّ وقت الصلاة مقدس في الشريعة الاسلامية ومن علامات المؤمن المحافظة على اداء الصلاة في وقتها.

 

نشرت في الولاية العدد 77

مقالات ذات صله