الحشمة وخطورة القادم

رملة الخـــــزاعي

إن من المعروف من اعتاد شيئاَ في صغره يألفه ويحبه في كبره، وتعويد فتياتنا على الاحتشام منذ الصغر مهم ليكون الحجاب محل اعتزازهن، فبمرور الوقت تتولد القناعة والاعتزاز، فالحجاب قناعة واعتزاز قبل كل شيء، مما يؤسف له نرى تهاون كبير في الحجاب من قبل الأمهات بل في احتشام الصغيرات فنرى صغيراتهن يلبسن اللباس الفاضح بدعوى إنها غير مكلفة، ونرى المكلفة حديثاً وفتاة العشرين على حد سواء في التهاون بالستر والحشمة، نتيجة التعود على اللبس الفاضح.. هذا يعود لعده اسباب أولها عدم اهتمام الأهل بهذا الجانب أو بسبب تقليد الغريبات كالصديقات والجيران والأقارب، والسبب الاكبر يعود للأم التي لم تحرص على حشمة صغيرتها مما يجعل حجم الخطر المستقبلي المحدق بأبنتها كبير، فالحجاب أمام هجمة كبيرة لإفراغه من محتواه.

إن الأم الواعية هي التي ترسخ المفاهيم الأصيلة في ذهن فتاتها قبل سن البلوغ لتبلغ وهي في كامل استعدادها للتكليف، وحتى الأم لا تعاني منها، فاقتناع الفتاة منذ صغرها بالحجاب يسير جدا، بينما يصعب كلما تقدمت في السن، ولتتذكر كل أم إن الفتاة تعتاد على ما نشأت عليه، فاعتياد الحشمة له اثر على نفسيه الفتاة في المستقبل، وللاحتشام آثار على فكر وسلوك الفتيات، فهذه دراسة بريطانية تؤكد على ان الاحتشام يحسب الصورة الذاتية للمرأة، وقد نشرت هذه الدراسة في مجلات علمية عدة إذ قام باحثون بجامعة (وستمنستر) في بريطانيا بدراسة آثار هذا الأمر فقد أجريت الدراسة على مجموعة نساء يفضلن لبس العباءة، الشادر، الحجاب من أي نوع واللبس المحتشم بشكل عام وقورنت هذه المجموعة مع مجموعه أخرى من النساء غير المحتشمات، فوجدوا إن المحجبات كن راضيات على انفسهن وينظرن للأمور نظرة ايجابية، أما الاخريات اللاتي كن غير محتشمات يعانين من عدم الثقة بأنفسهن وينظرن نظرة سلبية للأمور.
ولم يشعرن بارتياح مطلقاً عكس النساء المحتشمات وتشير دراسة أخرى توصلت لها جامعة هارفارد الامريكية ونشرتها وسائل الاعلام (إن الحجاب والاحتشام هو السبب في ابتعاد المرأة عن الانحلال الأخلاقي والأمراض الخطيرة السائدة في المجتمعات الغربية)، والشريعة الاسلامية غنية بالنصوص التي تحث على ضرورة احتشام الفتاة ومدى اهمية وآثار الحشمة في المستقبل، وأكدت روايات كثيرة على تربية الفتاة وتعويدها على الحياء ويعد الحجاب والاحتشام من أهم ما يوجد الحياء لدى المرأة عموماً والفتاة على وجه الخصوص يقول الامام الصادق (عليه السلام): (لا إيمان لمن لا حياء له) فالإيمان والحياء مرتبطان ببعضهما كيف ان نضمن الحياء لفتاة تعودت على عدم الاحتشام واللبس الفاضح؟
فإذا ما عودنا فتياتنا على الحشمة والاهتمام باللبس يكون عاملاً أساسياً في سلب الحياء منها وبالتالي سلب الايمان، وإن عدم وجود الحياء ينعكس على سلوك الإنسان فكيف نضمن سلوك سوي لفتاة عودناها على عدم الحياء؟!
يقول رسول الأكرم (صلى الله عليه واله): (من لم يكن له حياء في الدنيا لم يدخل الجنة)(كنز العمال: ج3/125)، فهل هناك أم ترضى أن تدخل ابنتها النار والعياذ بالله؟ على كل أم أن تعي حجم الخطر الذي تسببه لفتاتها، فعدم تعوديها على الحشمة منذ صغرها، وسلبها الحياء بالتالي ينعكس على سلوكها، وعدم الحياء لا يدخل الجنة بحديث صريح عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله)، فالأم الواعية تعي حجم الخطر الذي يهدد ابنتها إن لم تكن قد تربت على القيم والمبادئ الاسلامية الأصيلة والمؤمنة لا تغرها الأزياء ولا الموضة ففي الوقت الذي يحارب به الحجاب وتشويه صورته وينظر له على أنه نوع من أنواع التشدد والظلم للمرأة، نجد اهتمام من قبل دور الأزياء الغربية، فقد احتفت في الآونه الاخيرة دور الازياء العالمية بالحجاب وأهتم اشهر المصممين فيه إضافة إلى الصحف العالمية التي تهتم بعروض الأزياء المحتشمة، كما تتناقل القنوات الغربية هذه الامور بكثرة وقد نشرت في وقت قريب صحيفة (الغارديان) تقريراً عن الزي الاسلامي للنساء.
لنسأل أنفسنا هل هذا الاهتمام وليد حب الاسلام وحب مصلحة المرأة المسلمة؟ أم هناك غايات اخرى؟ فنجد إدخال الحجاب في آخر الموضة والأزياء صار محل اهتمام دور عرض الأزياء.. وهذا الاهتمام لإفراغ الحجاب من محتواه تماماً ويكون فقط بالاسم حجاب، فعلينا ان لا نغتر بكل ما يقدم لنا بدعوى التطور، وفي نفس الوقت نجد (40) علامة تجارية عالمية تهتم بعروض الأزياء الخاصة بالعباءة الاسلامية، أما اسبوع لندن للأزياء فقد جعلوا فيه حدث دائم ومهم عروض أزياء خاصة بالعباءة الاسلامية إضافة إلى المتاجر في العاصمة البريطانية التي عجت بالأزياء الاسلامية مع إضافة لمسات غربية، أما في اليوم العالمي للمرأة فقد اطلق مشروع تجاري ضخم للأزياء المحتشمة كل هذه الأحداث تثير الاستغراب والتساؤل لماذا هذا الاهتمام؟
فعلينا اذن ان نعي حجم الخطر المحدق بالحجاب الاسلامي لجعله حجاباً بالاسم فقط وهو شبه العاري وهذا ما غزا أسواقنا اليوم، وعلى المرأة المؤمنة ان تعرف حدود الحجاب وماهيته التي وضعتها الشريعة كي تميز بين ما هو اسلامي وما هو اسلامي بالاسم فقط… ولتكن رسالتنا الحفاظ على الحجاب الزينبي فهو هويتنا.

نشرت في الولاية العدد 129

مقالات ذات صله