مسجد الرأس في العتبة العلوية المقدسة

_07F4128

أ.د. صلاح الفرطوسي

ذكر السيد عبد المطلب الخرسان في كتابه (مساجد ومعالم) الصفحة(21) أن مسجد الرأس يقع غرب عمارة الصحن الحيدري ملاصقا لضلعه الغربي، وهو من المساجد القديمة البناء، ونقل عن الشيخ جعفر محبوبه انه بني مع الحرم العلوي كما يظهر من جدرانه، ونسبه البراقي الى الشاه عباس الأول(ت 1038هـ/1692م)، وكان النائيني(طيب الله ثراه) يؤم الجماعة فيه، ثم أعقبه السيد جمال الدين الهاشمي(قدس) في إمامة الجماعة فيه، وكان المرجع الديني السيد محسن الحكيم(طيب الله ثراه) يلقي دروسه على طلابه فيه.
ويبدو انه سمي بهذا الاسم لمقابلته موضع رأس الإمام علي(عليه السلام) أو لأن رأس الحسين(عليه السلام) مدفون فيه كما ذهبت الى ذلك رواية عن الإمام الصادق(عليه السلام).

 

وذهبت الدكتورة سعاد في كتابها (مشهد الامام علي في النجف/ 153) الى ان بناء المسجد المذكور يرجع الى عصر الإيلخانيين كما تدل كتابات وجدتها في محرابه القديم، وجدد في عهد الشاه عباس الأول، ثم في عهد السلطان نادر شاه حينما أمر بتذهيب قبة الضريح والمئذنتين، أما نفقات عمارته فبلغت عشرين ألف نادري تبرعت بها رضية سلطان بيكم زوجة نادر شاه، ورمم ايضاً في عهد السلطان عبد الحميد، وصنع له منبر رخامي، ودوّن عليه تاريخ الترميم وهو سنة (1306هـ/1888م).
مسجد ينسب لغازان بن هولاكو:
وذكر الشيخ محمد حرز الدين في معارفه (3/242) ان هذا المسجد بناه غازان بن هولاكو (ت730هـ/1330م) ويبدو ان ما ذكره جدير بالنظر، ويساعد على قبوله ما ذكره ابن بطوطة حين زار النجف الأشرف سنة (726هـ/1326م) إذ قال: (وللعتبة باب آخر عتبته أيضا من الفضة يفضي إلى المسجد، وله أربعة ابواب عتبتها فضة)، وسبق ذكر ذلك في اثناء الحديث عن زيارته، وقدر بعضهم ان المسجد المذكور هو المسجد المنسوب الى عمران، وهو تقدير يصعب الأخذ به لأن المنسوب رواق، والمراد بالرواق الإحاطة.
وذكر الشيخ محمد حرز الدين في كتابه(تاريخ النجف الاشرف 3/242 ـ 243) في أثناء ترجمة الميرزا هادي الخراساني المتوفى سنة (1285هـ/1868م) ـ الذي عرف عنه ولعه بالآثار ـ ان السيد داود الرفيعي روى للميرزا هادي عن أبيه عن آبائه ان في المسجد المذكور إيواناً صغيراً مربعاً في الجدار القبلي بين محراب المسجد والساباط فيه قبر وعليه شباك من فولاذ ثمين وله باب صغير فيه قفل: (هو موضع قبر رأس الحسين بن علي أمير المؤمنين(عليهما السلام) كما دلت عليه الروايات، ثم ان السيد ـ أي داود ـ أوقف الميرزا هادي، وكانت عليه أيضا قطعة ستار خضراء وإلى جانب هذا الإيوان صخرة مربعة مكتوب عليها بخط كوفي ومنه أن هذا المسجد عرف بمسجد الرأس بناه غازان بن هولاكو خان أقام لبنائه سنة كاملة ضاربا خيامه بين النجف الأشرف ومسجد الحنانة في الثوية حتى أكمله) ـ وإقامة غازان سنة لبناء مسجد مسألة فيها نظر كثير ـ وعلق الشيخ محمد حسين حرز الدين في هامش الصفحتين المذكورتين على هذا القبر بأن الاسماعيلية الهنود كانت تزوره، وبسبب كثرتهم فتحت إدارة الأوقاف العثمانية باباً له من تكية البكتاشية وسدت بابه الأول، ثم عادوا فسدوا هذا الباب وبقي المسجد مغلقا سنين عدة لحين تشكيل حكومة عربية في العراق، وقال: (وفي هذا الدور صار الكشف الثاني للقبور وبدأ التعمير الثاني للقبور سنة 1351هـ/1932م ودخلنا إلى المسجد من بابه الأول يوم 23 من ذي الحجة من تلك السنة فنظرنا الى رسم القبر فلم نجد شيئا سوى صخرة على الجدار القبلي طولها اكثر من ذراع وعرضها ذراع مكتوب عليها مستديرا آيات من القرآن الكريم منها قوله: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ)، وفي وسطها سطر كوفي تقريبا، ومساحة أرض المسجد أعلى من أرض الساباط بذراعين والمفروض ان أرضه كانت ارض الوادي الأصلية وهي أسفل من بلاط الصحن اليوم بأربعة أذرع أو أكثر).

_DSC0082
صخرة المسجد الثمينة:
وقال السيد عبد المطلب الخرسان في كتابه (مساجد ومعالم:23): (هذه الصخرة عليها كتابة بالخط الكوفي، كانت موجودة في المكان الذي ذكره الشيخ حرز الدين، وكانت صخرة أخرى على هيأة محراب مثبتة في محراب المسجد، ولهاتين الصخرتين قيمة أثرية، ففي عام 1965م جاءت بعثة من الآثار، وقد جلبوا معهم كاميرات حديثة لتصوير بعض الآثار، وسألوني عن هاتين الصخرتين فدللتهم عليهما، وسألتهم عنهما فأخبروني أن إدارة الآثار صوّرت هاتين الصخرتين عام 1937م، وأن هاتين الصخرتين من الحجر المعروف بالحديد الصيني، وهما من نوع نادر منه حيث انهما ملونتان، وعند هدم المسجد تم نقل الصخرتين الى المخزن لحفظهما من التصدّع).
ونُقل عن الشيخ جعفر محبوبه أن مسجد الرأس شيد ثانية في أيام العلامة السيد بحر العلوم، وأنه كان يقول لبعض خواصه انه موضع رأس الحسين(عليه السلام)، وان المسجد بُني عليه لأجله.

 

نشرت في الولاية العدد 80

مقالات ذات صله