الزائــــــرون أرواح تسبح عند علي عليه السلام

_M4G4385-2

غزوان العيساوي

مع إطلالة الفجر الولائي، وصوت حي على خير العمل، يتدفق الزائرون في أزقتها القديمة للوصول إلى قبلتهم، يدلهم صوت منائر، ارتفعت إلى السماء، هناك حيث بدأ الصوت يقترب (اشهد أن علياً ولي الله) القلوب تسرع إلى ذلك النداء كما تتسارع الخطوات في ظلمة الطريق تتبدد عندما يهل نور النداء من قبته.. (حي على الصلاة)… (لا اله الا الله.. الله اكبر) هكذا اشتبكت الكلمات علي والصلاة ولم يفترقا.

ما بين مستغفر وذاكر وقلب ينبض بحبه اجتمعوا في بيتهم الكبير باب علم رسول الله صلى الله عليه واله.
الحاجة أم جعفر 62 عاما من الكويت تجلس على كرسي المعاقين تقول” لم اشعر بشئ عندما رأيت قبة الإمام علي عليه السلام ولم يكن للعجز والألم مكان في جسدي، لذا فاني استطعت أن أحرك نفسي حينما شرعت بزيارته نزلت من الكرسي لأعانق شباكه فقد شعرت أنني الآن في الجنة ولعل ان لي جناحين صنعهما خشوعي والسلام الذي شعرت به، هذه هي الحجة الثانية لي، ففي العام الماضي كنت في مكة حيث مهد علي (عليه السلام) واليوم في بيته وضيافته “.
ويضيف علي تسليم 46 عاماً من إيران ” وصلت إلى سيدي أمير المؤمنين عليه السلام، لم اشعر بالتعب توسلت به الى الله لان من خلاله تقبل الأعمال عند الله عز وجل، وصلت وكنت منذ سنين أتمنى هذا اللقاء وبالفعل تحققت الأمنية اليوم لأكون أنا وعائلتي عنده أطوف حول قبره الشريف”
أما الشاب محمد مسعود 32 عاما من القطيف ” عندما وصلت إلى النجف الاشرف لم أسال عن مكان السكن ولم أصل اليه أتيت إلى الإمام علي عليه السلام مسرعا لألقي بنفسي عند بابه، أزوره واقلب وجهي عند أعتابه، وأبث اليه شكواي وأنا اعلم انه يسمع مني “.

عشق ولائي
هاهم الزائرون يصلون من كل جهة في العالم يطلبون علي عليه السلام ينادون باسمه، عشقهم الولائي حمل عنهم عبء رحلة قطعت آلاف الأميال للوصول اليه رغم الظروف الصعبة ومعاناة السفر وربما خطورة الطريق لكنهم وصلوا إلى مولاهم ليلقوا عنده كلماتهم التي حفظتها قلوبهم من تمنياتهم للحظة هذا اللقاء المهيب، والآن أصبح الحلم حقيقة.
يؤكد أبو تراب الباكستاني 55 عاماً من باكستان ” أول وصولي عند الإمام أخذت الهاتف وقمت بالاتصال بأهلي في باكستان وقلت لهم أنا في باب المولى علي عليه السلام: تكلموا مع أميركم، انتظرتهم أن يلقوا السلام عليه ولكني لم اسمع منهم سوى أصوات البكاء وأحسست بحرارة الدموع، وردد أبي كلمات قال فيها : ادن من عتبة باب علي عليه السلام لأقبلها ”
ومن بعيد لمحنا عجوزا كانت تمشي بصحبة امرأة أخرى كبيرة بالعمر وهي محنية الظهر تقول ” رغم مرضي فاني في كل يوم جمعة آتي من محافظة ذي قار لزيارة الإمام علي عليه السلام لم اطلب منه شئ لنفسي وإنما أساله بحقه عند الله أن يحفظ العراق وشبابنا الذين يحاربون الإرهاب والضلالة والظلم ”
امرأة أخرى تقول ” رغم المعاناة بالوصول لكننا نصل إلى مرقده الطاهر فإننا بين الفترة والأخرى نأتي من محافظة البصرة لغرض الزيارة وفي كل مره نشتاق إلى الزيارة أكثر ولكننا نحتاج إلى وسائل للنقل ميسرة للتنقل لان اغلب الزائرين الطاعنين في السن لا يستطيعون الوصول للمرقد الشريف فيبقون في السيارة لان المسافة شاقة عليهم وبعيدة جدا”.

O28A0246

إمام الإنسانية
لم يكن الزائرون من خارج العراق ومن داخله من مذهب ما محدد بل من مذاهب وأديان أخرى يصلون إلى مرقد الإمام علي عليه السلام يعدوه إماما للجميع وليس لطائفة معينة انه إمام الإنسانية والعدالة الحقة.
يقول نائب وزير الدولة للشؤون الخارجية السويسري ايفز روسييه “وجدنا من خلال زيارة الإمام علي انه موقع للسلام المتمثل بزائريه من مختلف الطوائف وهو الهدف الذي يطمح اليه الجميع”
أما نائب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في العالم والتابعة للأمم المتحدة السيدة كيت جيلمور تقول”أنا اشعر وكأني في بيتي عند مرقد الإمام علي، وجدت قمة الكرم، وأحيي قلب النجف الأشرف حيث وجدت الرعاية الكبيرة للنازحين من مختلف الطوائف وهذا أمر إنساني معبر يثلج القلوب، لأن قضية رعاية هؤلاء النازحين تعكس التسامح والإيثار والمحبة للآخرين مع إنني لمست وجود معاناة وعوز في المدينة إلا أن ذلك لم يمنع من ضيافة مئات الآلاف من النازحين وتقديم الخدمات لهم ولضيوف المدينة وهذا يبعث الأمل والإلهام ومنار أمل للمستقبل.
كما أكد مستشار وزارة الخارجية السلوفاكية إن الهدف من الزيارة إلى العتبة العلوية المقدسة هو للتعرف على هذه الشخصية العظيمة التي ملأت كل أرجاء المعمورة وأيضا للإطلاع على هذا الصرح العظيم، ولقد شعرت بالقدسية عند دخولي الى هذا الصرح العظيم ولا أخفي إحساسي بالطمأنينة والأمان حين أتجول بين هذه المجاميع من زائري هذا المرقد الطاهر، مؤكدا بقوله “أنا بصدد تأليف كتاب خاص حول الحياة في العراق وكنت قد توقفت عن إعداده حتى يأتي اليوم الذي أتشرف فيه بزيارة مرقد أمير المؤمنين عليه السلام لأقف على حقيقة هذا المرقد المقدس وقد تحقق حلمي ذاك”

مركزا للوحدة والوئام
وقال ووه تاي رئيس وفد من تايوان زار العتبة المقدسة “أن المجموعة السياحية شعرت بحالة من القدسية عند دخولها إلى هذا المكان المقدس”
رئيس بعثة الاتحاد الأوربي الجديد في العراق باتريك سيمونيت يقول “تعد النجف الأشرف من المدن المهمة التي ينبغي لأي دبلوماسي في العالم زيارتها لأمرين الأول وجود مرقد الإمام علي عليه السلام ابن عم النبي محمد صلى الله عليه وآله وثانيا لوجود المرجعية الدينية المحترمة التي نقدرها تقديرا عاليا لمواقفها في حفظ الوحدة ونبذ العنف بين جميع الطوائف العراقية دون تمييز”
وأضاف “وقد وجدت خلال تجوالي في أروقة المرقد وجود زائرين من عدة طوائف إسلامية وغير إسلامية مختلفة ومن مذاهب وقوميات مختلفة مما يعطي انطباعا بأن هذا المكان المقدس يمكن أن يكون مركزا للوحدة والوئام والسلام بين جميع الأديان والطوائف”
هكذا هو مرقد أمير العدالة الإنسانية تأتي الناس إليه من كل فج عميق من آخر نقطة في العالم تقف تنظر إليه، إمام عادل يستهدي به العالم بأسره كما بقيت القلوب تسبح عنده في كل وقت.

نشرت في الولاية العدد 94

مقالات ذات صله