احكام البنوك

وقفة فقهية

الشيخ مقداد حامد الكعبي

البنوك على ثلاثة أصناف: الصنف الأول هو البنك الأهلي: وهو ما يكون رأس ماله من مال شخص واحد أو أشخاص مشتركين(أي قطاع خاص)، والصنف الثاني هو المصرف الحكومي: وهو الذي يكون رأس ماله مكون من أموال الدولة، والصنف الثالث هو البنك المشترك: وهو الذي تشترك الدولة والأهالي في تكوين رأس ماله.

 

أولا: أحكام البنوك الاهلية
مسألة1: لا يجوز الاقتراض من البنوك الأهلية بشرط دفع الزيادة لأنه ربا محرم ولو اقترض كذلك صح القرض وبطل الشرط ، ويحرم دفع الزيادة وأخذها وفاء للشرط .
ولتوضيح ذلك نقول: لابد ان نعلم ان كل قرض جر منفعة فهو حرام لانه ربا قرضي، ولو اقترض شخص من البنك الاهلي مليون دينار واشترط البنك ان يدفع المقترض حين التسديد مليون ومائة ألف دينار مثلا (أي يسدد المبلغ نفسه مع زيادة مئة الف دينار) فهذا النوع من المعاملة باطلة لانه ربا.
وكذلك العكس، فلو اقرض شخص البنك الاهلي أي أودع مبلغا من المال في البنك الاهلي وأشترط على البنك الزيادة فهذا غير جائز و لا يجوز أخذ الزيادة .
سؤال : هل من حل شرعي لتصحيح هذا النوع من المعاملات مع البنوك الاهلية؟
الجواب: نعم، وذلك من خلال القيام بخطوتين:
1- ان نبدل المعاملة إلى بيع وشراء بدلا من القرض مع قصد لهذه المعاملة لا مجرد صورة فقط .
2- تغير جنس العملة، بمعنى أن يشتري الشخص من البنك دولارا بالدينار العراقي أو العكس، كأن يشتري من البنك الاهلي ألف دولار بمليون ونصف دينار عراقي- مثلا- على ان يسدد المبلغ بعد شهر من وقوع المعاملة، فعندئذ تكون المعاملة صحيحة.
سؤال: هل يجوز أن يودع الشخص أمواله في البنك الأهلي مع عدم اشتراط الزيادة؟
الجواب: يجوز ذلك، ولكن اذا دفع المصرف للشخص فائدة فيجوز التصرف بها اذا كان الشخص يقطع برضا المصرف بالتصرف بها حتى مع علمه بعدم استحقاق الشخص لهذه الزيادة شرعا، فمثلا اذا اودع مليون دينار من دون شرط واعطاه المصرف ربحا مئة الف فوائد، جاز له التصرف بها اذا علم برضا المصرف بالتصرف بها، حتى لو كان المودِع غير مستحق شرعا للفوائد، وهو الغالب هكذا.

ثانيا : احكام البنوك الحكومية
مسألة2: لا يجوز الإيداع في البنوك الحكومية بمعنى إقراضها مع اشتراط الحصول على الزيادة فإنه ربا، بل إعطاء المال إليها -ولو من دون شرط الزيادة- بمنزلة الاتلاف له شرعا، لأن ما يمكن استرجاعه من البنك ليس هو مال البنك بل من المال المجهول مالكه، وعلى ذلك يَشكل إيداع الأرباح والفوائد التي يجنيها الشخص أثناء سنته في البنوك الحكومية قبل إخراج الخمس منها، لأنه مأذون في صرفه في مؤونته وليس مأذونا في إتلافه، فلو أتلفه ضمنه لأصحابه.
ولتوضيح ذلك نقول: إذا أراد شخص أن يودع أمواله في البنك الحكومي لغرض الحصول على الفوائد والارباح فلا يجوز له، لان ذلك ربا، سواء كان في الحساب الجاري أم التوفير، اما اذا كان الايداع بدون شرط الفوائد فهو جائز، لكن يجب اخراج خمس الاموال المودعة في البنك عند حلول رأس السنة الخمسية.
سؤال: اذا أودع شخص أمواله في البنك الحكومي من دون شرط الزيادة، ومع ذلك أعطاه البنك فوائد، فما حكم هذه الفوائد؟
الجواب: لا يجوز التصرف بهذه الفوائد قبل التصدّق بنصفها للفقراء المتدينين والنصف الآخر له.
مسألة 3: لا يجوز الاقتراض من البنوك الحكومية بشرط دفع الزيادة لأنه ربا، بلا فرق بين كون الاقتراض مع الرهن أو من دونه، ولو اقترض كذلك بطل القرض والشرط معا، لأن البنك لا يملك ما تحت يده من المال ليملّكه للمقترض.
وللتخلص من ذلك يجوز للشخص أن يقبض المال من البنك بعنوان «مجهول المالك» لا بقصد الاقتراض، والأحوط أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي، ثم يتصرف فيه بعد المراجعة إليه لاصلاحه، ولا يضره العلم بأن البنك سوف يستوفي منه أصل المال والزيادة قهرا، فلو طالبه البنك جاز له الدفع حيث لا يسعه التخلف عن ذلك.
ولتوضيح ذلك نقول: في هذا المطلب توجد صورتان:
الاولى: أن يقترض الشخص الاموال من البنك الحكومي بعنوان ان هذه الاموال هي ملك للبنك الحكومي مع شرط دفع الزيادة للبنك، وفي هذه الصورة لا يجوز ذلك، لان البنك الحكومي لا يملك هذه الأموال حتى يقرضها لغيره بل هي أموال مجهول المالك.
الثانية: أن يقترض الشخص الأموال من البنك الحكومي بعنوان «مجهول المالك» وقد أذن سماحة السيد المرجع في التصرف بها، لان الشخص قد أخذ الاموال بطريق قانوني، ففي هذه الحالة تكون المعاملة صحيحة ويجوز التصرف في الاموال ويجوز ان يدفع الزيادة للمصرف لانه مجبور على دفع الزيادة له.
وشبيه بهذه الصورة ما يستلمه الموظفون من سِلَف من دوائرهم كسلفة المئة راتب، إذ تُصحح المعاملة بهذه الطريقة.

ثالثا: أحكام البنوك المشتركة
أما البنوك المشتركة، فتشترك في حكمها مع احكام البنوك الحكومية التي تقدم ذكرها، اذ يتعامل مع الأموال الموجودة لديها معاملة مجهول المالك، فلا يجوز التصرف بها من دون مراجعة الحاكم الشرعي.

استفتاءات تخص التعامل مع البنوك
سؤال: ما احكام التعامل مع البنوك الاسلامية وغير الاسلامية، وهل يجوز اخذ الفوائد من البنوك ؟
الجواب: يجوز التعامل بالعقود الشرعية الصحيحة مع البنوك مطلقا ولا يجوز اشتراط اخذ الفائدة عند الايداع، ولكن يجوز التصرف فيها ان كان البنك اهليا، واما اذا كان حكوميا او مشتركا في بلد اسلامي فيجوز التصرف فيه بعد التصدق بنصفها على فقراء متدينين.
سؤال: ما المصارف اللاربوية، وهل يمكن وضع المال في البنوك لاستثمارها؟
الجواب: يجوز إذا لم تشترط الفائدة، ولكن لا يجوز التصرف في الفائدة اذا كان البنك حكوميا او مشتركا الا بعد التصدق بنصف الفائدة على فقراء متدينين.
سؤال: ما حكم العمل في البنوك الربوية؟
الجواب: لا يجوز كل عمل له صلة بالمعاملات الربوية كالتوكيل في اجرائها وتسجيلها والشهادة عليها وقبض الزيادة لأخذها ونحو ذلك، ومثلها الأعمال المرتبطة بمعاملات الشركات التي تتعامل بالربا او تتاجر بالخمور كبيع أسهمها وفتح الاعتماد لها وما شابه ذلك فهذه كلها محرمة لايجوز الدخول فيها ولا يستحق العامل اجرة على ذلك.
سؤال: حاليا أعمل في بنك ربوي في ادارة وطبيعة عمل هذه الادارة لايشمل أي معاملة ربوية وانما يقوم على التدقيق فقط ، فهل يجوز العمل وأعمل به؟
الجواب: اذا كان العمل مجرد التدقيق في المحاسبات فلا بأس.

 

نشرت في الولاية العدد 78

مقالات ذات صله