عبد الرحمن الشريفي
الصلاة في الإسلام هي خير الأعمال وسنامها وهي أهم عبادة في الإسلام، وغايتها تقوية الصلة بالله والسعي للتقرب من رحمته ورضوانه سبحانه وتعالى.
والصلاة فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده في السماء ليلة الإسراء والمعراج وخصها بسمو عروج الروح للصلة بذاته العليا، وخص أقامتها بالإنسان لكونه المخلوق ألأقوم في خلقته والأكرم عند ربه والأجدر بأن يمثل جميع المخلوقات بمناجاته من خلال الصلاة.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى الإنسان بأن يكون السباق والمبادر الأول بإقامة الصلاة بين يديه عند دلوك الشمس و زوالها وعند الغسق في غروبها وعند الفجر قبل طلوعها، قال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (الإسراء الآية 78).
وعلى أثر هذه الصلة اليومية تطل الروح على عالم الحياة في الآخرة وما فيها من بشائر الجنان ونذر النيران وتقوية هذه الصلة الإيمانية ومواصلة الإطلالة من عالم الغيب عبر الصلاة اليومية يحدث التوازن عند المصلي بين تفكيره في الحياة الدنيا والاهتمام بها وتفكيره في الحياة الآخرة والسعي لها، قال تعالى: (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا و الآخرة) (البقرة الآية 219-220).
ويتجلى هذا في دعاء المؤمن ومناجاته لله بأن يؤتيه الحياة الحسنى في الدارين بقوله تعالى: (ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار) وهذا من أهم ما تبتغيه الصلاة في تقويم وبناء الإنسان المؤمن لبعدي الحياتين (حياة الدنيا وحياة الآخرة) والاعتقاد بإرجاع ما فيهما إلى الله سبحانه تعالى، فهو البارئ والخالق والمدبر لهما، وأي خلل في احد هذين البعدين على حساب الأخر يكون سبباً للانكفاء وانتهاج المسار المنحرف.
ومثال على ذلك هؤلاء الذين يسدلون الستار على التفكر والاعتبار بآيات الله سبحانه وتعالى ناكرين للعقل والتفكير والنظر بما في السموات والأرض والإقرار بخالقهما ومسخرها.
ويهبطون إلى مستوى دون مستوى الحيوان، قال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أُولئك كالأنعام بل هم أضلّ وأولئك هم الغافلون) (الأعراف الآية 179).
الصلاة من معالم الاسلام:
فالصلاة معلم من معالم الإسلام الأساسية التي تحدد استقامة منهجنا في الحياة.
فإذا أردنا أن تكون حياتنا قبساً وامتدادا لهذا المعلم فالأولى بنا معرفة المغزى من أقوالها و أفعالها وحكمتها وآدابها و أسرارها ومعطياتها وما يفيض من بركاتها وان نستلهم من ذلك كله ما يقوّم أنفسنا ويعدها لبناء شخصيتنا الإسلامية الملتزمة .
وان يكون من أولويات مشاغلنا في الحياة السعي لإقامة الصلاة إلى المساجد عند سماع الأذان للفوز بالأجر المضاعف لمن صلى جماعة أو أن تصلى فرادى للفوز بفضيلة إقامة الصلاة في أول وقتها.
والأجدر الاستعداد قبل الأذان لنيل اجر من اخذ أُهبة الصلاة قبل وقتها، كل ذلك لأجل تجسيد معانيها الاجتماعية السامية في إعداد المجتمع الإسلامي الملتزم الواعي.
فتعال معي أخي المسلم نتأمل ونأخذ العبر من التوجيه الإلهي القرآني والإرشاد النبوي وهدى المعصومين من بعده في التأكيد على أهمية الالتزام بـ:
أولا: المحافظة على الصلاة
فقد قال سبحانه وتعالى: (والذين هم على صلاتهم يحافظون أولئك هم الوارثون) (المؤمنين الآية 9-10) وقال: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزُقك والعاقبة للتقوى)(طه الآية 132).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (ليكن أكثر همك الصلاة فأنها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين ) (تحف العقول / 26) .
وعنه(صلى الله عليه وآله) ايضا: (الصلاة ميزان من وفّى واستوفى) (الكافي3 /267 /13) .
عنه(صلى الله عليه وآله): (الصلاة كيل أو وزن فمن أوفى وفّي له ومن نقص فقد علمتم ما انزل الله عز وجل للمطففين ) (الفردوس 2/405 /380 ).
ثانيا: المحافظة على أوقات الصلاة
فقد قال سبحانه وتعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) (الإسراء الآية 78)، وقال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) (البقرة الآية 238).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) أنه قال: (لا ينال شفاعتي غدا من أخر الصلاة المفروضة بعد وقتها ) (أمالي الصدوق 326/15).
وعنه(صلى الله عليه وآله) أيضا: ( أفضل الأعمال عند الله الصلاة في أول وقتها)(مسند ابن حنبل 10 /316/173) .
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها).(الكافي 3/270/14).
ثالثا: إقامة الصلاة في المساجد
فقد قال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ). (الجن الآية 18).
وروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنه قال: (الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث قيل يا رسول الله وما يحدث؟ قال :الاغتياب (الكافي 2/357/1) .
وروي عن الإمام علي(عليه السلام) انه قال: (الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنة فان الجنة فيها رضا نفسي والجامع فيها رضا ربي) (بحار الانوار80/ 362).
نشرت في الولاية العدد 78