خذ حتى ترضى..

فائق الشمري

من أقصى المدينة، جاء يحث الخطى..
طالبا الاصلاح في أمة جده، لا أشرا ولا بطرا ولامفسدا ولا ظالما، آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر..
كله رغبة ان يعيد شجرة الاسلام غضة طرية بعد ان ايبسها هجير الجاهلية.
هكذا هي المواقف عندما تشرق، وتلقي بخيوطها الذهبية على جباه تعرف بسيماها.. تورق أسماء كبيرة أصلها في الارض وفرعها في السماء.
هذا هو الحسين؛ أيقونة الصمود، وسر الخلود، جاء ليمنح السعادة لكل الوجوه العبوسة، والعيون البائسة، ويفتح لهم ابوابا مشرعة نحو ذرى العلياء..
بؤسا للطغاة ينمون كأشجار خبيثة، أغصانها الشوك، وثمارها الحنظل..
لكن مهما حاولت ان تحجب ضوء الشمس من أن يصل الى الارض الخصبة، لابد من بصيص أمل يورق ثورة تتحطم عليها كل الوجوه الزجاجية القبيحة.
تُلعَن فيه سنين الرعب، وترتفع حرارة الارض، لهبا مقدسا، يحمل الجراح ويعتلي صهوة المجد، ليضيء الفجر حياة كريمة، تتهاوى فيها العروش الى اكوام من النفايات.
هكذا هو الحسين يوم قال: ( لا) فأرعبت الظالمين والمستبدين، (لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد).. كلمة حق عند سلطان جائر، رسم بها طريقا مضرجا بدماء الشهادة والكرامة ومناصرة المظلومين والمحرومين والأحرار حيثما حلوا، طريقا رسمه بدمائه، مرحّبا بالموت، ان كان ثمنا لاستقامة دين جده، فجاد من أجل ذلك بالنفس والأهل والأصحاب، والجود بالنفس كرم لايبلغه الا من انتمى الى الخلود، وذاب بالضوء..
جاء الحسين.. ورحل وحيدا،..
مات مظلوما، ليولد في الصدور ..
كان غريبا فأصبح قبلة للعاشقين..
كل ذلك في رجل! ما فتأ يقول : (إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى..).

نشرت في الولاية العدد 99

مقالات ذات صله