ارشد رؤوف قسام
مدينة النجف الاشرف القديمة وكما هو معروف عند الجميع هي اربعة اطراف (العمارة والمشراق والحويش والبراق) تجمع سكان المدينة فالمنازل المتجاورة والمتداخلة وكذلك الاسواق والمدارس والجوامع والمساجد وكلها في انسجام معيشي رائع والمحور لهذه الاطراف والقابض لها هو الحرم الطاهر لمرقد امير المؤمنين عليه السلام وكما يسمونه اهل النجف قديما دورة الصحن والحضرة.
وبخصوص طرف الحويش فانها تقع جنوب وجنوب غرب الحرم الطاهر حيث يتداخل من الغرب مع محلة العمارة ومن الشرق مع محلة البراق اما جنوبه فجبل الحويش الذي يحاذي منحدر بحر النجف – جبل الحويش وهو مرتفع ترابي (ربوة) يعتبر من ابرز معالم طرف الحويش، أما سبب تسميته الحويش بهذا الاسم قد يعود بحسب ما ذكر في بعض المصادر التاريخية ان اسرة من الجبور كانت تسمى (ال حويش) سكنت هذه المنطقة عند قدومها الى النجف الاشرف وبنت مساكن لها فيها واجتمع الناس حولهم بالسكن حتى اتسعت فاطلق على هذا التجمع بالحويش حتى شاع وصار طرفا، وهنالك قطعة من محلة الحويش هو جامع الهندي ويطلق عليه لأهميته الجامع او جامع البلد وذلك لسعته ودوره التاريخي في حياة المدينة ويطل ببوابته الصغيرة على شارع الرسول اما البوابة الرئيسية والكبيرة فتطل من جهته الاخرى على سوق الحويش ويعتبر هذا المسجد الجامع مهما حيث تقام فيه الفرائض اليومية وكذلك درس فيه الكثير من طلبة العلوم الدينية واقيم فيه المآتم الحسينية والمناسبات الدينية المختلفة.
أما منطقة السوق في محلة الحويش كانت حافلة بالحركة وكان يسمى السوق الصغير له اسم قديم سابق هو (حوض اشطيب) أما اليوم فهو سوق عامرة بالكتب، كما ان هناك منطقة اخرى في الحويش تسمى (بالمستقي) وهي اخر طرف الحويش من جهة الشرق بين الحويش الكبير والبراق الحاضرة وهي منطقة متداخلة بين الطرفين، كما ان هنالك منطقة اخرى تسمى (باب النهر) وهي الحارة التي فيها دور السادة من ال الخرسان الى ان تصل مرقد بنت الحسن الذي يجاور دور السادة العواودة قديما (كما ذكر جعفر محبوبه في ماضي النجف وحاضرها في الجزء الاول) وحسب ما تذكر المصادر ايضا ان في نهاية هذه المنطقة وفي الجزء الذي يطل على سور النجف من نهاية الحويش هنالك باب صغير يفتح من السور يتبع طرف الحويش ولعل اسمه الباب الصغيرة او باب النهر وكذلك يسمى باب السقائين وله اسم اخر وهو باب (اشتابيا) وهي كلمة تركية تعني الربوة او المرتفع وبالفعل هذا الباب تقع على مرتفع تطل على منحدر يتصل ببحر النجف حيث كان هنالك مصدر للماء الحلو فكان ينزل منه السقائين لجب الماء الى المحلة وكذلك الى اطراف النجف الاخرى حيث يباع بواسطة القرب على البيوت والمحلات والمتسائل عن مكان هذا الباب في الوقت الحاضر فهو يقع منتصف الشارع المحيط بالمدينة القديمة من نهاية جبل الحويش من جهة مقام صافي صفا حيث مكان السور القديم اذ ان النجف الاشرف قديما كانت محاطة بسور يدرأ عنها الاخطار وتشير المصادر الى ان هنالك ستة اسوار بنيت بالتعاقب على محيط النجف وبعضها قد تشير الى اربعة اسوار منيعة وعالية الا ان الاخير منها بقي منه جزء شاخص الى يومنا هذا وهو ذلك الجزء الذي يقع في نهاية شارع السور مع تقاطع شارع الرابطة الادبية حيث يعود بناء هذا السور الاخير الى سنة 1800م تقريبا وقد قام ببناءه الصدر الاعظم محمد حسن خان نظام الدولة وقد شهد هذا السور عدة وقائع اخرها ثورة النجف ضد الاتراك عام 1915 وثورة النجف ضد الانكليز عام 1918 والثورة العراقية الكبرى سنة 1920.
ومن معالم طرف الحويش المهمة ايضا مسجد الشيخ الانصاري او ما يسمى بمسجد الترك وهو مسجد كبير اسسه الشيخ مرتضى الانصاري المتوفي عام 1281هـ حيث كان يقيم فيه الصلاة ويلقي محاضراته على طلاب الحوزة العلمية اما عن سبب تسميته بمسجد الترك فهو يعود الى اتخاذ الاتراك في مدينة النجف الاشرف من هذا المسجد مكانا لاقامة المآتم الحسينية والشعائر الدينية والمناسبات الاخرى الخاصة بهم.
ومن المعالم الاخرى لطرف الحويش مسجد السيد هاشم الحطاب وقد اسسه العلامة السيد هاشم الحطاب الموسوي وهو جد اسرة ال السيد سلمان ويقع هذا المسجد في فضوة طرف الحويش الصغيرة وقد جدد في العام 1341هـ، ومن معالم الحويش الاخرى مسجد المشروطة ويقع في سوق الحويش وهو مسجد صغير يقع قبالة حمام النجوم اما اسمه فقد يكون مستمد من اتخاذه من قبل جماعة المشروطة في النجف الاشرف مقرا لهم في اثناء صراعهم الفكري في جماعة المستبدة، وهناك ايضا العديد من المساجد ومنها كانت تتخذ اسماء لأسر نجفية مشهورة قامت بتأسيس تلك المساجد مثل مسجد ال شربة الذي ادى فيه السيد السبزواري صلاة الجماعة الذي وسع فيما بعد ثم اضيفت اليه مساحة اخرى هي اليوم مقبرة السيد السبزواري قدس الله روحه الطاهرة، كما ان هناك العديد من المدارس الدينية في طرف الحويش منها مدرسة الخراساني الكبرى وتقع في فضوة الحويش ابتداءا وحتى باب السور انتهاء (الباب الذي ذكرناها سابقا) حيث تقدر مساحة هذه المدرسة (730) متر مربع وهي مدرسة ذات مكانة علمية عالية وفيها مكتبة عامرة، وكذلك مدرسة السيد كاظم اليزدي وهي من المدارس المشهورة التي ضمت عدد كبير من طلبة العلم وخرجت اكابر العلماء وتقع في (العكد) الشارع الذي يربط شارع الرسول بسوق الحويش كما ان في طرف الحويش عدد كبير من المكتبات العامة منها مكتبة امير المؤمنين عليه السلام وقد تأسست في العام 1373هـ على يد العلامة الكبير الشيخ عبد الحسين الاميني وقد جمع فيها العديد من امهات الكتب المخطوطة والمطبوعة، وكذلك مكتبة العلامة الامام الحكيم الملاصقة لجامع الهندي ومقبرة السيد الحكيم وتعد مكتبة كبيرة جدا وفيها العديد من العناوين الكبيرة والنادرة للكتب المخطوطة، وهي اليوم على درجة عالية من التنظيم وتحتاج وقفة خاصة بأعداد قادمة.. الى هذا الجد قد انتهيت من ذكر ابرز معالم الطرف ولكن معالم طرف الحويش لا تنتهي بما تشكله من تاريخ وتراث وتركيب معماري وحركي قل نظيره.
نشرت في الولاية العدد 100