المكتبة الأهلية في البصرة

أحمد المرتضى

يعدُّ وجود المكتبات في أي بلد مقياسا مهما للحضارة والتطور، لما تمثله المكتبات من عمق تراثي وخزين علمي كبير، والمكتبة الاهلية في البصرة واحدة من اهم واقدم مكتبات المحافظة التي لعبت دورا مهما في حفظ تراث هذه المحافظة، ومن اجل توثيق وحفظ تراث هذه المكتبة كان لنا وقفة مع امينها الاستاذ غازي فيصل حمود الذي حدثنا عن تأسيس المكتبة وتطورها وذكرياته عن روادها ، حيث يقول :
تأسست المكتبة الاهلية من قبل والدي المرحوم فيصل حمود في البصرة عام 1928م ، بعدما بدأ بمكان صغير في منطقة البصرة القديمة منطقة السيف لبيع الصحف والمجلات ، وبالرغم من ان والدي كان اميا لكنه كان محبا للعلم ومولعا به ، لذا ومن خلال المكتبة تعلم القراءة والكتابة .
ويستطرد الأستاذ غازي قائلا : وتعرف والدي من خلال عمله في المكتبة على الكثير من رجالات العلم والثقافة والادب والسياسة ، وارتبط في ذلك الوقت بحزب الاستقلال برئاسة الشيخ محمد مهدي كبة الزعيم الوطني المعروف ،وكانت المكتبة حينها ملتقى ثقافيا وادبيا وسياسيا لهذه الرجالات .
وعن تطور المكتبة قال : وبعد افتتاح مطار البصرة الدولي في خمسينيات القرن الماضي وسهولة وسرعة النقل الجوي ، بدأ والدي باستيراد الكتب والمجلات المختلفة من مصر ولبنان وازدهرت حركة الثقافة والادب في تلك الفترة بشكل كبير، ولم تقتصر المكتبة حينها على مواضيع معينة بل تنوعت مواضيعها وعناوينها من دينية وتاريخية وسياسية وادبية وغيرها ، وقد عمل المرحوم الوالد على حفظ تراث البصرة من خلال الاحتفاظ بأرشيف كامل عن تاريخ البصرة داخل المكتبة.
وأضاف قائلا : وفي هذه الفترة نفس افتتح والدي في المكتبة صالة للمطالعة الداخلية للباحثين والادباء ، ومن ذكرياتي عن تلك الفترة عن الشاعر الكبير بدر شاكر السياب الذي كان يأتي بشكل مستمر الى المكتبة ويجلس في قاعة المطالعة فيها واتذكره كان يجول بخاطره ويشرد بذهنه وبعد برهة يناديني (عمي غازي) – وكنت حينها صغيرا- اتني بورقة وقلم فيبدأ بتدوين قصيدة من قصائده ، وكان الكثير من الادباء والمثقفين يلتقونه في هذه المكتبة وتدور الاحاديث الفكرية والادبية فيها.
وعن الشخصيات التي كانت تزور المكتبة قال الأستاذ غازي : لقد زار المكتبة الكثير من الشخصيات الأدبية والعلمية كالسيد مصطفى جمال الدين والسيد مصطفى المدامغة والقاضي مصطفى علي وغيرهم الكثير .
وعصره الألم حينما تحدث عن احداث عام 1991 قائلا : في عام 1991م احترقت المكتبة نتيجة الحرب لإخراج صدام من الكويت ،وضاعت جهود عشرات السنين واحترقت جميع الكتب والارشيف الخاص بمدينة البصرة.
واختتم حديثه عن إعادة افتتاح المكتبة بالقول : وبفضل جهود الخيرين من ابناء المحافظة ودعمهم المعنوي لنا افتتحت المكتبة من جديد ، ونعمل اليوم رغم قلة القراء على تنويع مصادر المعلومات في المكتبة من خلال تنوع المواضيع والعناوين لرفد الحركة العلمية والثقافية في المحافظة .

نشرت في الولاية العدد 104

مقالات ذات صله