مكتبة الجواد العلمية الادبية العامة في النجف الاشرف

هاشم الباججي

فما أجمل المكتبات التي تعرفنا بعقول ونفوس وتجارب أناس كثيرين في مختلف البقاع والأزمان ، ومهما كان جميلاً أن يرث المرء مكتبة ، فإن الأجمل به أن يجمعها ويجعلها مشروعا ثقافيا متاحا للجميع ، وهذا ما صنعه مؤسسها المرحوم الحاج محمد جواد العندليب ومن بعده أمينها العام الاستاذ احمد الازيرجاوي الذي سعى بكل ما يحمله من عطاء فكري وثقافي لان تكون مكتبة الجواد من بين المرافق الحضارية التي من شأنها أن تلعب دورا بارزا في تحسين المستوى الثقافي، و تطوير البحث العلمي، فبعد أن كانت في بدايتها مجرد مكان لحفظ الإنتاج الفكري، ووضعه وفي متناول الباحثين والمستفيدين وبمختلف مستوياتهم التعليمية، أضحت اليوم خلية نشطة، حية، متجددة، و مركزا ثقافيا ، «فالمكتبة الحقيقية يجب أن تكون كندوة يجتمع فيها المثقفون ليتبادلوا الآراء ويتحدثوا عما يفضلون ويتعرفوا أذواق الآخرين « كما يقول (ديهاميل) وهذا ما سعى اليه الازيرجاوي في ندواته وامسياته الفكرية والثقافية التي احتضنتها هذه المكتبة .
فعند دخولك قاعة مكتبة الجواد تجذبك رفوفها العالية والمتناسقة بطريقة فنية جميلة المصنوعة من خشب الصاج، وفي وسط القاعة كتبت عبارة رائعة( العلم سلطان دائم البقاء)، ورغم مساحة المكتبة الصغيرة نوعا ما اذا ما قيست ببعض مكتبات النجف ،الا انه تم استغلال كل امتارها وزواياها بصورة جيدة لتكون في خدمة العلم وطلابه .
ويسعى مؤسسو المكتبة لاسيما أمينها العام الاستاذ احمد الازيرجواوي لان تكون المكتبة منبرا ثقافيا رائدا ، لان الثقافة هي التي تصنع الإنسان ، ومصادر الثقافة عديدة ومتنوعة ، لكن لا شك أن الكتاب أقدم وأقوى هذه المصادر ، فالكتاب المدرسي وحده لا يكفى ليخرج لنا إنساناً مثقفاً ، لكنه الوسيلة التي تضع أقدامنا على أول طريق المعرفة ، لينطلق الإنسان بعد ذلك إلى آفاق ليست لها حدود ، وفق الله العاملين عليها لتقديم المزيد من العطاء والافكار في خدمة العلم والباحثين والقراء .
كذلك يسعى القائمون على المكتبة لتنوع مصادر المكتبة ورفدها بكل ما هو جديد من ابحاث وطروحات وافكار وعناوين الكتب لتتنوع موضوعاتها ، فكلما تنوعت قراءة الإنسان كلما ازدادت ثقافته واتسعت مداركه ، لتكون الأمل في بناء حياة سليمة ومجتمع أفضل .
تضطلع مكتبة الجواد العلمية الادبية العامة بتقديم الخدمات المكتبية لطلاب العلم ، بأجواء علمية مفعمة بالعطاء والمعرفة ، ولعمري كم يسعد الإنسان وهو يقضي أوقات فراغه بين الكتب حيث المتعة التي لا تضاهيها متعة حيث تأخذه إلى طريق المعرفة والثقافة ليهتدي بهدي الأفكار الجيدة التي تجلب له النفع أو تدرأ عنه الضرر ، فالقراءة احد الأسلحة الفعالة التي تجعل الإنسان يواكب مسيرة التقدم العلمي وإفرازاته ومعطياته ، فلنحرص دائماً على أن نفتح عقولنا وقلوبنا للكتب ونعيش في ثناياها ، في ظل مكتباتنا الجميلة ، ومنها مكتبة الجواد العلمية الادبية العامة.

نشرت في الولاية العدد 110

مقالات ذات صله