هاشم الباججي
من الحالات السيئة التي تصيب بعض الشباب ذكورا واناثا هي حالة (الغيرة) سيما بين الاصدقاء ، وان كانت عند الاناث بصورة أكبر ، الا انها تختلف من شخص لآخر، حتى أنّ أسبابها ليست واحدة، فقد يكون للجمال الخارجي في الوجه أو الجسم، وقد يكون لجمال الروح والطباع، وربما بسبب التفوق والنجاح، وحتى أقرب الناس قد يشعرون بالغيرة من بعضهم، ولا أحد معصوم من ذلك الشعور في لحظة من لحظات حياته، وقد تتحول هذه (الغيرة) عند بعضهم الآخر الى حالة اكبر وهو الحسد .
ومن وجهة نظر الشباب الذكور أنّ الغيرة من طبع الفتيات، وإحدى خصال شخصياتهنّ، خاصةً أنّ أسباب ومبررات الغيرة لدى الفتيات هي بيئة خصبة وأوسع مما يمكن أن يغار منه الشباب، فهناك بعض الأمور التي لا يهتم بها الشباب ولا تعدّ من أولوياتهم، كالشكل والمظهر، تسريحة الشعر، الأزياء ومتابعة الموضة وغيرها، وهذه أكثر الأمور التي تثير غيرة الفتيات من بعضهنّ، بينما لا يهتم الشاب بهذه الأمور ولا ينتبه لها أساساً، وأولوياته مختلفة تماماً، ويمكن أن تكون الغيرة بين الشباب محصورةً بالسيارات أو الجوالات وبعض الحالات الاجتماعية وأمور كهذه… وهذه أيضاً تصيب الفتيات، وبالتالي فالغيرة لديهنّ تكون أكثر.
ويمكن ان يكون للفتيات وجهة نظر اخرى ، صحيح الفتيات يشعرن بالغيرة أكثر من الشباب ولأسباب أكثر، ولكن هذا لا يعني أنّ عالم الشباب خالٍ من هذا الشعور، فأحياناً تكون غيرتهم أقوى وأكثر من الفتيات، حتى وإن كانت لأسباب أخرى مختلفة… الأمر بالنهاية يعود لطبيعة الشخص وشعوره بالثقة في نفسه وبما يمتلك.
وقد اجريت دراسات نفسية قامت بها جامعة القاهرة أكدت أن 64 بالمئة من الرجال تلفت انتباههم أناقة الآخرين و84 بالمئة منهم يشعرون بالغيرة من جاذبية الآخرين وقدرتهم على لفت الانتباه، وقالت أيضا إن 31 بالمئة من الرجال الذين لا يتمتعون بجمال الوجه، يغارون من وسامة الآخرين .
وبالرغم من ان رابطة الصداقة والأصدقاء تعد جانباً مهماً وجزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فالشاب يأنس بأصدقائه ويقضي معهم اوقاتا جميلة وطيبة سيما مع الأصدقاء الحقيقيين الرائعين الذين يقدرون الصداقة والمحبة المتبادلة، ولكن هناك النوع الآخر من الأصدقاء الغيورين من النجاح والتميز لدى اصدقائهم، لذا قد تظهر عليهم علامات الغيرة ، والتي يجب على الاصدقاء الانتباه لها حتى لاتستفحل في نفسياتهم وبالتالي يشقي نفسه واصدقاءه الاخرين ، ومن ابرز علامات الغيرة بين الأصدقاء :
-عدم مشاركة الصديق السعادة والفرح بالاحداث السعيدة ، وان فعل فيكون بصورة فاترة.
-سيطرة حالة الإحباط على الصديق الغيور، والتي يعمل من خلالها على التقليل من نجاح صديقه ويعكس حالته السلبية على نفسية صديقه الناجح ويستخف بإنجازاته وطموحاته.
-تعمد مقاطعة حديثك والجميع يُصغي إليك باهتمام، ويقطع كلامك ليستولي على إنتباه بقية الأصدقاء.
-المبالغة في التصنع، وفي ردات الفعل التي تكشف لك سعادته المزيفة وغير الصادقة الناجمة عن مشاعر الغيرة الخفية.
-تقليدك في الكثير من الامور، وقد يلجأ للاستخفاف والتقليل من أخبارك السعيدة.
-محاولة الابتعاد والاختفاء لعدم قدرته على رؤيتك تتقدم وتحرز نجاحات باهرة فتظهر غيرته الواضحة.
ومن الجميل عندما تتأكد من مشاعر الغيرة لدى صديقك ان لاتتركه على هذه الحال بل حاول مساعدته وافهامه بالحكمة والموعظة الحسنة ومحاولة مقابلة إساءته وغيرته بلطف وحسنى لعل هذا الإسلوب يجعله يعيد التفكير ويطفئ نار الغيرة لديه.
إن الشعور بالنقص لتفوق الآخرين ينتهي بصاحبه إلى تحقير الذات والانغلاق والاكتئاب، ولكن إذا حاول أن يكتشف مميزاته ويبرزها فلن يعاني من الغيرة ، وعلى العموم يجب أن ندرك بأن عطاء الله مقسوم للكل وان الإنسان لا يأخذ إلا ما هو مكتوب ومقدر له، وأن ملاحقة نجاح وإنجاز الآخرين لا يجلب لنا سوى الكآبة والمشاعر السلبية والعدوانية، لذا يجب علينا التسليم لله والقبول والرضا والقناعة بما نحن عليه، والعمل بمثابرة لتحقيق الأفضل وتبنيّ الأفكار الإيجابية وحب الخير للآخرين، حتى نستمتع بتبادل السعادة وحب الحياة وجمالها في كنف من نحب من الأهل والإصدقاء، الذين يساندوننا ويدعمون معنوياتنا وأحلامنا في مسيرة الحياة معاً.
نشرت في الولاية العدد 132