كثير من الناس يشكون من سلوك المسلمين ليصل الأمر إلى تذمر من مبادئ الإسلام الصحيح مما يرى في كل يوم من هجمات اتجاه المسلمين ,وهذا الكم الهائل من التهم ينقاد البعض إليه دون تروي, كما شكلت عبادة البعض إلى روتين يومي ,يشهده الجميع دون الحماس لروحانيتها المعتادة قال تعالى (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (سورة العنكبوت /45) وعن جابر قال : قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فلانا يصلي بالنهار ويسرق بالليل، فقال: إن صلاته لتردعه ( بحار الأنوار : – ج ٧٩ – ص ١٩٨).
نجد اليوم في مجتمعنا الكثير من التصحر الفكري قال تعالى :(يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) (الفرقان 28- 29) لذ يستوجب علينا النظر في العبادة لانه الدافع والمحور في التفكر وليتكون لنا وعي في قيمة الشعيرة التي نتخذها يوميا دون الإقبال والتوجه عليها بصورة أو بأخرى قال تعالى :(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)) (الفجر 24) وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا) أنظر أيها القارئ اللبيب في قوله تعالى (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (الفرقان30)
كما علينا أن نجعل من عباداتنا اليومية علاقة تربطنا ارتباطاً وثيقاً مع الخالق جلَّ شأنه قال تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (الكهف 49) وهل حققت لنا هذه العبادة ارتباطاً روحياً في الواقع, لكي نواجه الباطل والانحراف في المجتمع، كل ساقٍ سيسقى بما سقى … ولا يظلم ربك أحداً (نجيب محفوظ) وهل هذه الحركات من قيام وقعود هي فلسفة تنهج حقيقتها وأهدافها قلوبنا الناهية للمنكر؟ حتى تعيش روحها وكيفية تأصيلها في المجتمع الذي نعيش معه قال تعالى : (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ) (المؤمنون110) لكي نواجه الباطل والانحراف الذي نجده قد استشرى في المجتمع (( قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ((المؤمنون: 106).
اليوم ومن خلال التجربة نجد المسلم الذي يقوم بحل المشاكل العالقة في الاذهان منبوذاً بعض الشيء قال تعالى (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)) المؤمنون 107- 108) مع وجود أناس تمركزت فيهم العادات التي تحولت إلى عبادة بشكلها الطبيعي من قيام وركوع وسجود قال تعالى: (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) (الفجر 24) لكنها لم تنه عن منكر ولم تأمر بمعروف, فهي روتين يقلل من أهمية الشيء دون نبض يستحضره المرء في حياته .
علينا أن ندرك أهمية الوقت بقيمته الفعلية قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) (المنافقون:9) وكيف نستثمر هذا الوقت قال تعالى (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر)) العصر /2 (أعتقد إن لدينا وقتاً كثيراً دون استثمار له قال تعالى:(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (الأعلى 16-17(نجد) اليوم أغلبنا منشغل في عالم الفيسبوك وعالم الانترنت قال تعالى:(وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(المنافقون: 10-11) هذا العالم الذي لم ندرك غفلتنا من خلاله (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) (النازعات 46) ولعلنا نجد أخباراً مفبركة نأخذه بها كحقائق و لم ندركها الا بعد حين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 135) واليوم بات الصدق فينا معطلاً والخير والسلام وغيرها الكثير قال تعالى((وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة: 148) قد عطلت أحكامه فينا ,فالنفوس تلهث خلف سراب وهذا السراب قد أحكمت حلقاته فينا دون العلم والحذر منه, لكي يعطي الإنسان من نفسه العدل والإحسان والسلام لتتربى أحاسيسه ومشاعره المخملية ,علينا أن ندرك أهمية الوقت لكي نرتب أوضاعنا لتنسجم أنفسنا بما ينسجم مع الخط الإرادي لله تعالى وحكمه الذي بات فينا مشلول الحراك.
نشرت في الولاية العدد 135