رفعت الناشي
هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد مَناف بن عبد المطلب بن هاشم، القرشي الهاشمي (عليه السلام)، أمّه أمّ ولد اسمها تكتم، وقيل: الخيزران، أو أروى، ويقال لها أمّ البنين، والظاهر أنه كنيتها.
كنيته:
«أبو الحسن الثاني، وأبو بكر».
من ألقابه:
الرضا، والصابر، والزكي، والوفي، وسراج الله، وقرة عين المؤمنين، ومكيدة الملحدين، والصدّيق.
ويكاد يكون (الرضا) من أشهر ألقابه حتى إذا قيل (الرضا) انصرف إليه لا لغيره.
ولادته:
ولد في المدينة سنة ثمانٍ وأربعين ومائة، يوم الخميس الحادي عشر من ذي القعدة، وأشرقت الأرض بمولده (عليه السلام)، فقد ولد خير أهل الأرض، وأكثرهم عائدة على الإسلام، وسَرتْ موجاتٌ من السرور والفرح عند آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد استقبلَ الإمام الكاظم النبأ بهذا المولود المبارك بمزيد من الابتهاج، وسارع إلى السيدة زوجته يهنئها بوليدها قائلا: «هنيئا لك يا نجمة، كرامة لك من ربك» وأخذ وليده المبارك، وقد لف في خرقة بيضاء، وأجرى عليه المراسم الشرعية، فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنكه به.
نشأته:
نشأ الإمام الرضا (عليه السلام) في بيتٍ من أجلّ البيوت وأَرفعها في الإسلام، إنّه بيت الإمامة، ومركز الوحي ذلك البيت الذي أذِنَ الله أن يُرفعَ، ويُذكر فيه اسمه.
في هذا البيت العريق ترعرع الإمام الرضا ونشأ وقد سادت فيه أرقى وأسمى ألوان التربية الإسلامية الرفيعة، فكان الصغير يحترم ويبجّل الكبير، والكبير يعطف على الصغير، كما سادت فيه الآداب الرفيعة، والأخلاق الكريمة، ولا تسمع فيه إلا تلاوة كتاب الله، أقام مع أبيه تسعاً وعشرين سنة وستة أشهر وأقام بعده عشرين سنة إلا شهرا.
أزواجه:
إن التاريخ يحدثنا عن زوجة واحدة له تسمى سبيكة، أم ولد من أهل بيت مارية أم إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
شهادته:
ذكر ابن حبان في سبب وفاته ما نصه: «توفي علي بن موسى الرضا بطوس من شربةٍ سقاه إياها المأمون فمات من ساعته وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين، وقبره بسناباذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مراراً كثيرة، وما حلّت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرتُ قبرَ علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني إلا استجيب لي وزالت عني تلك الشدة وهذا شيء جرّبته مراراً فوجدته كذلك، أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته (صلى الله عليه وآله وسلم)».
مؤلفاته:
1. مسند في فضل أهل البيت.
2-الرسالة الذهبية.
3-صحيفة الرضا (عليه السلام)، جمعها مجمع مؤسسة الإمام الرضا وتم طبعها في مجلد واحد في مطبعة أمير (قم)، بتاريخ1408هـ).
4-مسند الإمام الرضا، جمعه وحققه عزيز الله العطاري، جزأين، الناشر المؤتمر العالمي للإمام الرضا، طبع في مؤسسة آستان للنشر، 1406هـ.
من روى عنه:
روى عنه، المأمون بن الرشيد (ت 218هـ-833م)، وأبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي (ت236هـ-850م)، وأبو عثمان المازني النحوي (ت248هـ-862م)، وعلي بن علي الدعبلي، وأيوب بن منصور النيسابوري، وعلي بن مهدي بن صدقة، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف القاري القزويني، واحمد عامر بن سليمان الطائي، وأبو جعفر محمد بن محمد بن حبان التمار.
ومن أئمة الحديث، آدم بن أبي إياس (ت،220هـ-835م) ، ومحمد بن رافع القشيري (ت،245هـ-859م) ، ونصر بن علي الجهضمي (ت،250هـ-864م) ، وآخرون.
من مواعظه وزهده:
قال (عليه السلام): الأجل آفة الأمل، والبر غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة ذي القدرة، والبخل يمزق العرض، والحب داعي المكاره، وأجلّ الخلائق وأكرمها: اصطناع المعروف، وإغاثة الملهوف، وتحقيق أمل الآمل، وتصديق مخيلة الراجي، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة، والباكين بعد الوفاة.
وقال: إن الذي يطلب من فضلٍ يكفي به عياله أعظم من المجاهد في سبيل الله.
وقال: إن الله أمر بثلاثة، مقرون بها ثلاثة: أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلّى ولم يزكِ لم تقبل صلاته، وأمرَ بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله، وأمر باتقاء الله وصلة الرحم، فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عز وجل.
وقال: الإيمان أربعة أركان: التوكل على الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله.
وقال: خمسٌ من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة: من لم تعرف الوثاقة في أرومته، والكرم في طباعه، والرصانة في خلقه، والنبل في نفسه، والمخافة لربه.
وقال: السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، والبخيل لا يأكل من طعام الناس لئلا يأكلوا من طعامه.
وقال: صلْ رحمك ولو بشربة من الماء، وأفضل ما توصل به الرحم كف الأذى عنها، ففي كتاب الله: «ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى».
وقال: عليكم بتقوى الله، والورع، والاجتهاد، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقال: عونك للضعيف أفضل من الصدقة.
وقال (عليه السلام): لا يتم عمل امرئ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقل كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، ولا يمل من طلب العلم طول دهره، الفقر في الله أحب إليه من الغنى، والذل في الله أحب إليه من العز في عدوّه، والخمول أشهى إليه من الشهرة، ثم قال: العاشرة وما العاشرة ! قيل له: ما هي ؟ قال: لا يرى أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقى، إنّما الناس رجلان: رجل خير منه وأتقى، ورجل شر منه وأدنى، فإذا لقي الذي هو شر منه وأدنى قال: لعل خير هذا باطن وهو خير له، وخيري ظاهر وهو شر لي، وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده، وطاب خيره، وحسن ذكره، وساد أهل زمانه.
وقال: لا يجمع المال إلا بخصال خمس: ببخل شديد، وأمل طويل، وحرص غالب، وقطيعة الرحم، وإيثار الدنيا على الآخرة.
وقال: لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه خصال ثلاث: التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على الرزايا.
وقال: ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة، وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله.
نشرت في الولاية العدد 87