حمود حسين
اشتهرت مدينة النجف الاشرف بالدفن كونها مدفن وصي سيد الكائنات صلى الله عليه واله الإمام علي بن ابي طالب(عليه السلام) أما الأمر الثاني فهو مدارسها القديمة التي أنشئت لدراسة علوم الشريعة الإسلامية ، وفنون اللغة العربية على الطريقة المألوفة … ومن الأمور التي ذاع بسببها اسم النجف على ما نرى كثرة شعرائها فلا نعرف في بلدان العرب بلدة تجاري النجف الأشرف بكثرة تخريجها للشعراء خصوصا في القرون الأربعة الأخيرة، رغم صغر رقعتها وأنها لا تعد من الحواضر الكبيرة.
والنجف الأشرف او الكوفة او الغري.. والتي تسمى أيضاً بوادي السلام، هذه التربة التي لها قدسية وشان عظيم قد اشتراها النبي ابراهيم (عليه السلام)، وكذلك روي ان الامام علياً (عليه السلام) اشترى ما بين الخورنق الى الحيرة الى الكوفة من الدهاقين باربعين درهما.. فقيل يا امير المؤمنين تشتري بهذا المال وليس ينبت حطبا، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (كوفان يرد اولها على اخرها يحشر من ظهرها سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب واشتهيت ان يحشروا في ملكي)، وكذلك قال الامام علي (ما احسن منظرك واطيب قعرك اللهم اجعله قبري)
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (انه إذا أراد الخلوة بنفسه أتى إلى طرف الغري، فبينما هو ذات يوم هناك أشرف على النجف، وإذا برجل قد اقبل من البرية راكباً على ناقة وقدّامه جنازة، فحين رأى علياً (عليه السلام) قال له: من أين؟ قال: من اليمن، قال: وما هذه الجنازة التي معك، قال: جنازة أبي أتيت لأدفنها في هذه الأرض، فقال له علي (عليه السلام): لم لادفنته في أرضكم، قال: أوصى إلي بذلك، وقال: انه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر، فقال له علي (عليه السلام): أتعرف هذا الرجل ؟ قال: لا، وقال (عليه السلام): أنا والله ذلك الرجل قم فادفن أباك، فقام فدفن أباه)
وكانت النجف الأشرف محل دفن موتى شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام)، وذكر الشيخ الأميني مقولة الكميت الأسدي الشاعر لولده المستهل حينما حضرته الوفاة فقال له (يا بني إنه بلغني في الروايات: إنه يحفر بظهر الكوفة خندق، ويخرج فيه الموتى من قبورهم، وينبشون منها فيحوّلون إلى غير قبورهم فلا تدفني في الظهر)* (الغدير، عبد الحسين الأميني 212:1)، ويذكر أن الكميت استشهد في خلافة مروان بن محمد سنة 126هـ.
وقد جاور جماعة من العلماء والفقهاء والفضلاء والملوك والكتاب والشعراء والخطباء وغيرهم تبركاً بأمير المؤمنين (عليه السلام) مدفناً استناناً بما ورد من أن الدفن بجوار أمير المؤمنين (عليه السلام) يقي من ضغطة القبر وحسابه، ومن جميل ما قيل في هذا الجانب:
إذا مت فادفني مجاور حيدر
أبا شبر أعني به وشبير
فتى لا تمس النار من كان جاره
ولا يختشي من منكر ونكير
وعار على حامي الحمى وهو في الحمى إذا ما ضل في البيدا عقال بعيري
وقيل ان من مميزات هذه التربة اسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير، وتعتبر محشراً لأرواح المؤمنين، فعن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): (ما من مؤمن يموت في بقاع الأرض إلا قيل لروحه الحقي بوادي السلام، وإنها لبقعة من جنة عدن).
نشرت في الولاية العدد 92