مهدي هادي شعلان السلامي
الامام علي عليه السلام شخصية انسانية اسلامية المت بالجوانب الشاملة للحياة من خلال سيرته المعطاءة والفترة الحياتية التي عاشها التي لم تخل لحظة منها من التعرض للأمور شتى التي تخص الأمة لم يكن خطابها آنيا وموجهاً الى فئة معينة ولكنه كان يتضمن النظرة المستقبلية التي تنفع بني البشر في مختلف الازمان وكانت سيرته الاقتصادية والاجتماعية حافلة بالمعاني السامية التي تنبع من احترامه وتقديره للإنسان الذي هو أشرف المخلوقات.
وكان ينطلق في أصول سياسته الإقتصادية من منطلقات متعددة منها:
1. الحث على العمل بوصفه الشريان النابض للحياة فكان عليه السلام يعدُّ الكسل ملازماً للفقر وأحد إسبابه المهمة وأما العمل فهو سبب من اسباب النمو الإقتصادي ويعدُّ المجتمع الذي تهيمن عليه ثقافة الجد والعمل مجتمعا بعيداً عن الفقر والفاقة فتراه يبث في الجسد روح النشاط والمثابرة كي تستمر الحياة وتتفاعل مفرداتها وكان يصف العمل بالعبادة.
إذن نحن أمام شخصية نظرتها شاملة للحياة وليست مقتصرة على جانب معين ولاسيّما مظاهر الحرب التي كانت سائدة في بداية الدعوة الاسلامية وسرعان ما استتبت الأمور في المدينة المنورة التي عدّها النبي صلى الله عليه وآله عاصمة حضارية للإسلام، وكذلك مدينة الكوفة المقدسة التي جعلها الإمام علي عليه السلام عاصمة للحكم الاسلامي وفق معطيات حضارية غير متعصبة للسلطة والعشيرة كما كان سائدا في الجاهلية.
2. كانت نظرته للمال العام نظرة عدالة ومساواة، إذ إنه لا يدعو الى كنز الأموال بل يأمر بتوزيعها بمواعيدها والسرعة في تقسيمها كي يشعر الناس بأن جهدهم لا يذهب من اجل خراج السلطة الذي ربما تجنيه منهم وتضع بدله أولويات خاصة لطموحها السياسي وكأنه يعدُّ حقوقهم أمانة في عنق الحكام يجب تأديتها في مواعديها، وهذا مبدأ عادل في الحكم إذ تعودت السلطات أن تأخذ اللقمة البسيطة من حق الفرد وتضعها في فم ملذاتها غير الضرورية.
3. كانت سياسة الإمام علي عليه السلام في جباية اموال الدولة تتلخص في أن يراعي الجباة الجوانب الأخلاقية ويجسدوا الإنصاف وخير مثال على ذلك وصايا الإمام عليه السلام للصحابي الجليل مالك الأشتر عندما ولاه حكم مصر، وكانت هذه الوصايا دستورا للحكام وكان ولاته ينفذونها بحذافيرها، لأنهم ولاة عقائديون وليسوا اصحاب مصالح خاصة.
4. تقسيم الأموال بالتساوي دون تمييز عرقي وطائفي، وكان يؤمن بمبدأ الثواب والعقاب فيجازي من يحسن في عمله بما يستحق ويعاقب المسيء.
5. الإشراف المباشر على الاسواق فكان عليه السلام يشرف بنفسه بصورة مباشرة على معروضاتها السلعية وكان ينبه على الجودة وضرورة الإعتناء بها ومنع الغش والتحايل بدوافع ربحية وكان يقوم بجولات تفتيشية في اسواق الكوفة يرشد الباعة ويوجههم لخدمة الناس.
6. كانت نظرته الإقتصادية والإجتماعية تؤكد على جانب مهم في الإقتصاد وهو الترشيد في الإستهلاك وأن لا يخرج عن قاعدته الأساسية في مقدار الحاجة وعدم الإفراط بها، وكان يدعو الناس الى احترام المال العام وعدم الضغط على الدولة وطلب أشياء غير أساسية وشكلية تضعف قدرة الدولة التنموية وجعلها تصرف أموالاً في غير محلها مما يجعلها في ضائقة إقتصادية عند حدوث ظرف طارئ وأن يمنعها من الإقتراض كي لا يثقل كاهلها.
لقد حصن الإمام علي عليه السلام الفقراء من بطش الأغنياء ووضع دستور عمل قيّد به ولاته وعماله، وهذا نابع من إيمانه العميق برسالة الإسلام الإنسانية الخالدة التي أنقذت الإنسانية من ظلم وجور الأباطرة والحكام الجائرين وأسّست نهجاً حياتياً يصلح لمختلف العصور والأزمان.
المصادر:
1. الإمام علي أمير المؤمنين الشخصية الخالدة، عبد السلام الجعفري.
2. تحف العقول.
3. الكافي.
4. دعائم الإسلام.
5. مسند زيد.
6. بحار الانوار.
نشرت في الولاية العدد 93