غَبش الرؤية والفكر

مسلم القزويني

من الصفات الجميلة في المفكر والمثقف والاديب وغيرهم.. وضوح الرؤية؛ التي تعني إدراك الأشياء على حقيقتها ؛ فيروا الجميل جميلاً، والقبيح قبيحاً.
وما الاضطراب في الفكر والعقيدة لدى فئات من الناس الذي أوصلهم إلى عالم الزندقة، وكذا الجنوح الثقافي الذي أوصل ثلة من المثقفين إلى درجة الذبذبان والتردد إلا نتيجة لغبش الرؤية وعدم وضوحها؛ لأنهم عندما ينظرون بلا هدى، ينظرون إلى مظاهر الأشياء، أو بعض أجزائها، أو من زوايا ضيقة؛ ثم ينطلقون في تصوراتهم وآرائهم من خلالها، ولهذا نجدهم عند قراءتهم لبعض النصوص يستخلصون من نصٍ واحدٍ آراء وطروحات متباينة ومتناقضة.
ومما يزيد في غبش الرؤية شلة ورفقاء الدرب الكبار في الفكر، الذين سرعان ما يجدون تابعين وامعات فكرية من اشباه المثقفين والمفكرين وهم كثر. ولهذا فان المرء إذا انطلق في فضاء القراءة النزيهة بعيدا عن التعصب والتحزب، وبعيدا عن الوصاية، مع استحضار دائم للعقل والوعي الموضوعي، طبعا مع شيءمن التوفيق بالاتصال ببعض ممن يحملون التصور الصحيح، ليقف على حقائق الأمور، واستطاع ان يمييز الصحيح من السقيم، وأن ما كان عليه في السابق سراب في أرض قاحلة فسيحة، اذا ما بني افكاره السابقة من واقع الجمود الفكري أو التبعية والتقليد الاعمى أو بالنظر للامور من وراء الحجب.
اعترف بعض المثقفين إلى أن ضيق التصور هو الذي جرفهم الى منزلقات منحرفة من التفكير قبل أن يعودوا إلى جادة الطريق، وحينما عادوا رأوا الأشياء بوضوح؛ فعرفوا أنهم كانوا واهمينً في رحلتهم السابقة.

نشرت في الولاية العدد 97

مقالات ذات صله