د. خليل المشايخي
حاول أعداء الاسلام واعداء رسول الله صلى الله عليه واله ان يستأصلوا حب الناس لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله بكل الاساليب القذرة والوحشية البربرية، فما استطاعوا الى ذلك سبيلا، فقد ظل الناس يحبون الامام امير المؤمنين عليا وابناءه عليهم السلام.
وقد نلمس هذا الحب يتجسد في حبهم للإمام الحسين الشهيد وابنائه عليهم السلام وانعكس حبهم بعد ذلك على كل من شارك في معركة الطف دفاعا عن الامام الحسين الشهيد عليه السلام.
فلا غرو ان خلدهم التاريخ على مر الزمن.
لقد حاول معاوية بن ابي سفيان بن هند بكل ما فُطر عليه من خبث وحقارة وقذارة ان يشوّه منزلة علي بن ابي طالب عليه السلام في نفوس الناس مستعينا بالملعون خاله عمر بن العاص ولو تصفحنا التاريخ سنجد امثلة ما زالت تنبض بالحياة.
فبعد ان وصل الى الحكم بطرق معروفة بقذارتها اخذ يتابع كل من ناصر الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
ولنأخذ مثلا على ذلك: يروى انه قدم على معاوية صاحب الامام علي عليه السلام ابو طفيل الذي كان يتفانى في حب الامام علي عليه السلام فكان الناس يسمونه (خليل ابي الحسن) وكان معاوية يتمنى ان يصادف ابا طفيل..
وحينما التقى رضوان الله عليه بمعاوية صادف دخول الملعون عمرو بن العاص وزمرته القذرة فقال لهم: اتعرفون هذا؟ واشار الى ابي طفيل قائلا: هذا خليل ابي الحسن.
فأراد معاوية أن يجعل القوم يرون مدى اخلاص هذا الرجل للإمام علي.. فقال معاوية: ما بلغ حبك لعلي؟
فقال ابو طفيل: حب ام موسى موسى.
فقال معاوية: فما بلغ من بكائك عليه؟
فقال ابو طفيل: بكاء العجوز الثكلى على الرَّقوب، وإلى الله اشكو التقصير.
فقال معاوية والله: لو سألت هؤلاء اصحابي عني ما اجابوا بمثل ما اجبت ابدا والله.
ويذكر التاريخ ان معاوية كان يجلس مع جماعة من بني امية فذكر اسم الزرقاء بنت عدي بن قيس الهمدانية، وكانت شهدت مع قومها صفين.. فقال لجلسائه: أيكم يحفظ كلامها؟
فقال بعضهم: نشير عليك بقتلها.
فقال معاوية: بئس الامر ما اشرتم به علي: أيحسن بمثلي ان يتحدث عنه انه فعل بإمرأة بعدما ظفر بها.. فكتب الى عامله في الكوفة فأوفدها اليه، ثم قال لها بعد الترهيب: أتدرين فيم بعثت اليك؟
قال: انى لي بعلم ما لم يعلم؟
قال: الست الراكبة الجمل الاحمر والواقفة بين صفين تحضين على القتال وتوقدين الحرب! فما حملك على ذلك؟
قالت: يا أمير المؤمنين، مات الرأس وبتر الذنب ولم يعد ما ذهب.
فقال لها معاوية: أتحفظين كلامك يومئذ؟
قالت: لا والله لا أحفظه ولقد نسيته.
قال معاوية: لكني احفظه.. لله ابوك حين تقولين:
(ان المصباح لا يفنى في الشمس ولا تنير الكواكب مع القمر، ولا يقطع الحديد الا بالحديد.. ألا من استرشد ارشدناه ومن سألنا اخبرناه).
ثم قالت: (ألا وان خضاب النساء الحناء، وخضاب الرجال الدماء)
ثم قال لها معاوية: والله يا زرقاء لقد شركت عليا في كل دم سفكه.
فقالت له: احسن الله بشارتك وادام سلامتك فمثلك بشّر بخير وسرّ جليسه.
فقال لها معاوية متعجبا من امرها: أو يسرك ذلك؟
قالت: نعم والله لقد سررت بالخبر، فانّى لك بتصديق الفعل؟ فقال لها معاوية: والله لوفاؤكم له بعد موته اعجب من حبكم له في حياته، اذكري حاجتك.
فقالت: يا معاوية آليت على نفسي ان لا اسأل اميراً اعنتُ عليه ابدا.
وغير ذلك الكثير مما ترويه كتب التاريخ المعتبرة.
اردنا من ذلك ان نبين ما دفع معاوية لاستئصال اخبار الامام امير المؤمنين علي عليه السلام ليتسنى له خنق الحقائق وتشويهها وتزوير التاريخ لكي يمهد لشارب الخمر والمنغمس في الملذات المحرمة ابنه يزيد ليعيش بأمان، وخنق أي معارضة في مهدها وليشرع لزمره سنة ضرب الدين وما جاء به رسول الله وآل بيته صلى الله عليهم.
نشرت في الولاية العدد 101