منطقة الطار في النجف الأشرف

ارشد رؤوف قسام

عندما تتجه نحو منطقة بحر النجف غالبا ما يجذب الانتباه مرتفعات صخرية غير منتظمة الشكل تسمى الطار ومجموعها طارات.. لقد قرأت عن الطارات في عدة مراجع الا ان كتاب السيد جعفر موسى العطية الموسوم بـ(أرض النجف التاريخ والتراث الجيولوجي) قد ذكر فيه عن الطار ما يلي (الطار هو ظاهرة من مظاهر النجف الجيولوجية وتشكل الطارات الاطراف الجنوبية والغربية لهضبة النجف إذ تنقطع الهضبة بصورة حادة لتشكل جرفا صخريا بارزا يطل على الطرف الجنوبي من هضبة النجف على بحر النجف يشكل ما يعرف بطار النجف).
ان المفهوم المحلي الذي عبر عن هذه الظاهرة بالطار هو تعبير دقيق لوصف هذه الظاهرة الجيومورفولوجية وان كلمة الطار هي كلمة عربية فصيحة محوره من الطور وجمعه اطوار وهو ما كان على حد الشيء كما ورد في معاجم اللغة العربية او ربما تكون محورة من كلمة طر (بضم الطاء) وجمعها (اطرار) ويعني الطرف وكما يقال (هو يحمي اطرار البلاد) اي اطرافها والطرة هي طرف الشيء لذلك فإن استخدام النجفيين لهذه التسمية التي اطلقوها على الأطراف الغربية والجنوبية لهضبة النجف هي تسمية دقيقة تفيد معناها.
وتعرف طارات النجف بالنواويس ايضا ومفردها ناووس وقد اشار اليها سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) وهو في المدينة المنورة وهو ينبأ عن واقعة الطف في كربلاء حيث قال عليه السلام: (وكأني بأشلائي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء).. والنواويس في اللغة هي مقبرة النصارى.. حجر منقور تجعل فيه جثة الميت (كما ورد في منجد اللغة) ان الطار ظاهرة جيولوجية ويقابلها في الانكليزية (Escarpment) ويقصد بها في قاموس تلك اللغة.. عندما تمشي فوق الهضبة او عندما تتوجه نحو الهضبة تواجه حدها المقطوع..، ويحيط بهضبة النجف وامتداداتها نحو كربلاء (هضبة النجف – كربلاء) طاران الأول هو طار النجف الذي يحيط بها من جهتها الجنوبية والغربية ويقطعها باستقامة خطية تقريبا ويبلغ طوله 65كم وان اعلى نقطة ارتفاع طار النجف يبلغ حوالي 133متر وهناك نقطة عند التقاءه بالطار الثاني وهو طار السيد إذ يبلغ ارتفاها 176متر، ولكن بشكل عام فان ارتفاع الطار في النجف يبلغ حوالي 100متر عن سطح البحر.
ويبدأ ظهور طار النجف في منطقة الحيرة جنوب النجف ويتجه غربا منحرفا قليلا نحو الشمال الذي ينتهي بمنطقة التقاءه مع طار السيد وذلك في منطقة تعرف بـ(وادي اللسان) والسبب في تسمية الطار بطار السيد وذللك يعود الى دفن احد السادة العلويين الأجلاء في هذا الطار وهو الطار الثاني الذي يحيط بهضبة النجف من الجهة الغربية باتجاه كربلاء ويمتد حتى يشرف على منخفض الأخيضر.
اذن ارتبطت نشأة طار النجف وطار السيد بآلية نشأة هضبة النجف.. وهنالك ظاهرة تجدر الاشارة اليها وهي نضوح المياه من بعض الطبقات الصخرية للطار وتفسيرها هو أنها مياه جوفية مختزنة في هضبة النجف قد يكون مصدرها الدائم هو مياه الأمطار وما يتسرب من مياه الصرف الصحي لمدينة النجف – وقد استخدمت الطارات ايضا كمدفن ويعود ذلك الى زمن اللخميين الذي استوطنوا الحيرة.
وفي نهاية هذا الموضوع (نأمل من الجهات المعنية بالتراث ان تهتم بها كي لا تطول يد العبث على بعض الطارات التي تمثل تراث وتاريخ واثار النجف الأشرف).
ولا بد من الاشارة الى واحد من اعمدة العلم في مدنية النجف الاشرف وهو السيد جعفر موسى العطية شهيد العلم في هذا الوطن الذي كان له دور كبير في رسم الخارطة الجيولوجية والمعدنية للبلاد كونه حاصلاً على شهادة الدكتوراه في العلوم الجيولوجية وكان رحمه ذا مكانة علمية كبيرة معطاءاً في عمله و له بحوث ودراسات عديدة في مجال اختصاصه وكان مدير عام دائرة السيطرة على المواد المشعة حتى نالته يد الغدر من الارهابيين اعداء العلم والتطور اعداء العراق واغتيل عام 2005 لإسكات صوت العلم والمعرفة والابداع في العراق.

نشرت في الولاية العدد 110

مقالات ذات صله