من احكام الشعائر الحسينية

وقفة فقهية

الشيخ مقداد حامد احمودي

ورد في الشريعة الاسلامية جملة من الاحكام تخص الشعائر الحسينية الخالدة(على صاحبها آلاف التحية والسلام) نذكرها في هذه الرسالة الموجزة اعتمادا على مجموعة من الاستفتاءات الواردة الى مكتب سماحة المرجع السيد السيستاني(دام ظله الوارف) سائلين المولى التوفيق والسداد للجميع.

 

سؤال: ما رأي سماحة سيدنا ومرجعنا بصحة الحديث الوارد عن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): (من بكى أو تباكى على الحسين(عليه السلام) وجبت له الجنة)؟
الجواب: نعم ورد في أحاديث متعددة ـ جملة منها معتبرة ـ الوعد بالجنة لمن بكى على الحسين(عليه السلام) كما في بعضها مثل ذلك لمن تباكى عليه أو أنشد شعراً فتباكى عليه.
ولا غرابة في ذلك إذ الوعد بالجنة قد ورد في أحاديث الفريقين في شأن جملة من الأعمال، ومن المعلوم أنه لا يراد بذلك أن يشعر المكلف بالأمان من العقوبة حتى لو ترك الواجبات وارتكب المحرمات، وكيف يشعر بذلك مع ما ورد من الوعيد المغلظ في الآيات بالعقوبة على مثل ذلك، بل المفهوم من هذه النصوص في ضوء ذلك أن العمل المفروض يجازى عليه بالجنة عند وقوعه موقع القبول عنده سبحانه، وتراكم المعاصي قد يمنع من قبوله قبولاً يفضي به إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.
وبتعبير آخر : إن العمل الموعود عليه يمثّل نقطة استحقاق للجنة، وفاعلية هذه النقطة تماماً منوطة بأن لا يكون هناك نقاط مقابلة توجب استحقاق النار بارتكاب الأعمال التي أوعد عليها بها.
وأما ثبوت هذه المكانة للبكاء على الحسين(عليه السلام): فلأن البكاء يعبر عن تعلقات الإنسان وكوامن نفسه تعبيراً عميقاً، لأنه إنما يحدث في أثر تنامي مشاعر الحزن وتهيّجها لتؤدي إلى انفعال نفسي يهز الإنسان، ومن ثم فإن البكاء على الإمام(عليه السلام) يمثل الولاء الصادق للنبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار وللمبادئ التي نادى بها ودعا إليها واستشهد لأجلها، ومن المشهود أن حركته(عليه السلام) قد هزت التاريخ وزلزلت عروش الطغاة ورسخت القيم الإسلامية في قلوب المؤمنين، ولم يحدث ذلك إلاّ في أثر التمسك والتعلق بذكره نتيجة حث أئمة أهل البيت(عليهم السلام) بمثل هذه الأحاديث.
وأما التباكي فليس المراد به إظهار البكاء أمام الآخرين بل هو بمعنى تكلّف الإنسان البكاء على ما يراه حقيقاً به، ولكنه يواجه لحظة جفاف في قلبه ومشاعره فيتكلف البكاء عسى أن يستجيب قلبه وتتدفق مشاعره لنداء عقله، وبهذا المعنى أيضاً ورد الوعد بالجنة لمن بكى أو تباكى عند ذكر الله سبحانه وتعالى كما نبه عليه غير واحد منهم : العلامة المقرم (رحمه الله) في مقتل الحسين(عليه السلام).
في فضل البكاء على الحسين: روي عن الإمام أبي جعفر(عليه السلام) أنه قال: «كان علي بن الحسين(عليه السلام) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين(عليه السلام) حتى تسيل على خديه بوّأه الله بها غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من الاذى من عدونا في الدنيا بوأه الله مبوأ صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة ما أُوذي فينا صرف الله عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار».
سؤال: تقام في منطقتنا العديد من المجالس الحسينية لعدد كبير من المآتم وذلك بمناسبة الذكرى السنوية لشهادة سبط الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وأصحابه الأبرار، وتفاعل المؤمنين وتفانيهم بحب أهل البيت(عليه السلام) جعلهم يدعمون المآتم وذلك بالمشاركة في المجالس الحسينية وتقديم الدعم المادي السخي والمعنوي لتلك المجالس، أذ تعقد العديد من المجالس في وقت واحد وفي أوقات متقاربة بالنسبة للمجموعات الأخرى وأغلب هذه المجالس تقدم وجبات الطعام (الأرز) وذلك منذ الصباح الباكر (الساعة 7 صباحاً) إلى ما بعد الظهر (الساعة الثانية والنصف)، مما سبب حالة من رمي معظم هذا الأكل في أماكن النفايات، فما هي وجهة نظركم الشريف في ذلك؟
الجواب: التبذير مبغوض ومحرّم شرعاً فلابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة للمنع منه، ولو كان ذلك بالتنسيق بين أصحاب المآدب ليوفر من الطعام بمقدار ما يتيسر صرفه.
سؤال: قد يقوم بعض المؤمنين في شهري محرم وصفر – بل في عموم أيام المناسبات الحزينة- ببعض الأعمال التي قد لا تكون مناسبة منها على سبيل المثال: الزواج أو الانتقال إلى بيت جديد أو شراء أشياء جديدة كالأثاث والملابس وغيرها، أو التزين في البدن واللباس أو ابتداء مشاريع جديدة وغير ذلك، فما الموقف الشرعي المناسب لذلك؟
الجواب: لا يحرم ممارسة ما ذكر في أيام المناسبات إلاّ ما عُدَّ هتكاً كإقامة الفرح والزينة في اليوم العاشر.
نعم ينبغي أن لا ينفذ في أيام مصائب أهل البيت (عليهم السلام) وحزنهم ما لا يوقعه الإنسان عادة في أيام حزنه ومصابه بأحبائه إلاّ ما اقتضته الضرورة العرفية، فيختار وقتاً أبعد عن المساس بمقتضيات العزاء والحزن، والله الموفق.
سؤال: هناك بعض الأقراص الحسينية (الليزرية) يظهر فيها بعض الشباب من دون ارتداء القميص فهل يجوز للنساء مشاهدة تلك الأقراص؟
الجواب: لا يجوز للمرأة النظر إلى ما لا يتعارف النظر إليه من بدن الرجل مثل الصدر والبطن ونحوهما على الأحوط.
سؤال: ما حكم فتح الأماكن التجارية في أيّام تاسوعاء وعاشوراء أبي الأحرار(سلام الله عليه)؟
الجواب: إذا عدّ نوعاً من عدم المبالاة بما جرى على أهل البيت(عليهم السلام) في هذين اليومين الحزينين فلا بدّ من تركه.
سؤال: يقام العزاء الحسيني في منطقتنا على طريقة العزاء البحريني، بمعنى احتواء العزاء على أطوار أو ألحان مختلفة ولربما شابه أحد هذه الألحان الغناء المتعارف في مجالس اللهو أو في غيرها، فهل يجوز استعمال هذه الألحان والأطوار في العزاء الحسيني أم لا؟
الجواب: إذا لم يعلم كون تلكم الألحان من الألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب جاز استخدامها في قراءة التعزية، وإذا علم ذلك لم يجز.
سؤال: ما حكم استعمال الطبل والبوق ونحوهما من الآلات في مواكب العزاء؟
الجواب: لا مانع من استخدامها في مواكب العزاء ونحوها على الطريقة المتعارفة مع كونها من الآلات المشتركة وليس من آلات اللهو المحرم.
سؤال: هل يجب قطع التعزية (العزاء/الموكب) والمبادرة إلى الصلاة (الظهر مثلاً) عندما يحين الوقت، أو إتمام مراسم التعزية، وأيهما أولى؟
الجواب: الأولى أداء الصلاة في أول وقتها، ومن المهم جداً تنظيم مراسم العزاء بنحو لا يزاحم ذلك.
سؤال: هل يفضل الخروج بموكب العزاء مبكراً بثلة قليلة من المعزّين والانتهاء قبل وقت صلاة الفريضة أو الانتظار ليتجمع المعزّون متأخرين عندها يصادف وقت الفريضة قبل إتمام مراسم العزاء؟
الجواب: يمكن الانتظار إلى حين تجمع عدد اكبر من المعزين ولكن ينبغي قطع مراسم العزاء حين دخول وقت الصلاة لأدائها ثم الاستمرار فيها بعد ذلك.

 

نشر في مجلة الولاية العدد 75

مقالات ذات صله