العتبة العلوية المقدسة ترعى مؤتمر الأعمال الهندسية الكهربائية للعتبات والمزارات في العراق

_MG_7623

خضر الهاروني

نحو تأسيس وبناء قواعد متينة يستند إليها العمل الهندسي في مجال الهندسة الكهربائية الخاصة بالعتبات المقدسة والمزارات الشيعية في العراق، وللتعريف بواقع الأعمال الهندسية الكهربائية لهذه البقاع المشرفة وآفاقها المستقبلية، رعت العتبة العلوية المقدسة مؤتمرا واسعا امتد لثلاثة ايام تحت شعار (الأعمال الهندسية الكهربائية للعتبات والمزارات المقدسة بين تراكمات سلبيات الماضي ومنهجية التكامل المستقبلي).

 

انطلقت أعمال المؤتمر العلمي الأول لأعمال الهندسة الكهربائية في العتبات والمزارات المقدسة برعاية العتبة العلوية المقدسة للمدة من 25-27/ 11/2013 في غرفة تجارة النجف، بحضور رئيس ديوان الوقف الشيعي والأمين العام للعتبة العلوية وأعضاء مجلس الادارة وأعضاء هيأة المستشارين ورؤساء الاقسام في العتبة المقدسة، فضلا عن حضور القنصل الايراني في النجف الأشرف وممثلي الوزارات المعنية وعدد من الشركات العراقية والعربية والدولية وجمع من الاكاديميين من مختلف جامعات العراق.

 

1483594_593998580665751_1852800850_n
كلمة رئيس ديوان الوقف الشيعي:
تضمن حفل افتتاح المؤتمر كلمة ألقاها رئيس ديوان الوقف الشيعي السيد صالح الحيدري جاء فيها: «ان المؤتمرات العلمية تعد من العناصر الاساسية في تطوير مقومات العتبات المقدسة، كما انها تعمل على اصلاح الخلل الحاصل في المشاريع الجاري انجازها في العتبات المقدسة او في أي مؤسسات اخرى» مشيرا الى أن المؤتمر يعد بوابة واسعة ومهمة جدا لمواكبة التطور العلمي الحاصل اليوم، إذ تسهم النظريات والاساليب العلمية الحديثة في تطوير العمل الكهربائي بكل اتجاهاته، مؤكدا على الحاجة الى دورات للتعامل مع هذه الاساليب الجديدة.
وشَدَّد السيد الحيدري بقوله: «إن مثل هذه المؤتمرات يجب ان لا تقتصر على الامور النظرية، بل يجب أن تكون النظريات التي يتم طرحها قابلة للتطبيق لأن عدم تطبيقها يعد هدرا للوقت، ونأمل ان يخدم المؤتمر العتبات والمزارات المقدسة مع الامل بفتح دورات لتدريب المهندسين العاملين لكي يتمكنوا من المزاوجة بين الموجود الحالي والتقدم العلمي الحاصل، ونحن نعد موضوع المؤتمر احد المقومات الاساسية لنشوء التنمية التي تنمو من خلال هذه النظريات التي يمكن تطبيقها».
وعن اقامة هذا المؤتمر والهدف منه قال السيد الحيدري: «ان المؤتمر تبنته العتبة العلوية المقدسة من خلال الهيأة الاستشارية المؤسسة حديثا فيها، من خلال القيام بدراسة مستفيضة للنظريات والبرامج التي تعود للهندسة الكهربائية من اجل خدمة العتبة العلوية المقدسة وبقية العتبات والمزارات المقدسة، ويهدف المشروع الى توفير الاسباب التي تهيّىء النظريات والدراسات الحديثة والتطورات العلمية التي تحصل في الساحة العالمية وبخاصة في حقل الهندسة الكهربائية التي تحتاج الى دراسة عملية واقعية تؤدي الى قفزة نوعية في العمل الخاص بالطاقة الكهربائية».
وفي ختام كلمته اعرب السيد الحيدري عن امله بأن تعمل البحوث التي ستتم مناقشتها في المؤتمر على استغلال النظريات العلمية الحديثة لرفد مشاريع البنى التحتية الخاصة بالعتبات والمزارات المقدسة والتواصل معها لتقديم المشورة العلمية العملية لها.

_MG_7626
كلمة الامين العام للعتبة العلوية المقدسة:
وتضمن حفل الافتتاح كلمة للشيخ ضياء زين الدين الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة جاء فيها: «منذ ان بدأت التحضيرات الأولى لهذا المؤتمر لم يخفِ بعضهم استنكاره بأن العتبة المشرّفة ليست نقابة للمهندسين لتجمع هذا الكم من المعنيين بالهندسة الكهربائية، وللحقيقة أقول: إن القرار بإقامة هذا المؤتمر لم يؤخذ من قبلي ومن قبل الإخوة أعضاء مجلس الإدارة في الأقل إلا من خلال شعورنا ان ابواب الإصلاح الهندسي في العتبات المقدسة بما فيها العتبة العلوية مغلقة الا من خلال استنهاض خبرة المعنيين بهذا الجانب من أبناء أهل البيت(عليهم السلام) ووضعهم امام مسؤولياتهم لتقديمهم رؤى استراتيجية كاملة واضحة الخطوط والمعالم من اجل الخدمة المثلى للعتبات المطهرة والمزارات الشيعية بشكل عام».
وأضاف الشيخ زين الدين قائلا: «من المعلوم ان العتبات المقدسة على عكس الاماكن الاخرى التي لا تُزار الا من قبل المهتمين بالتراث من الناس، وهؤلاء في الغالب محدودو العدد والحاجات، وهم في زيارتهم لهذه الاماكن ناظرون ما للبعد التراثي من اهمية ولهذا لا يأتون بتصرف او يحتاجون الى تصرف له نوع من الضغط او الاستهلاك على تلك الابنية وان كان بعضها اقدم زمانا واكثر هشاشة من ابنية العتبات المقدسة، اما رواد هذه العتبات المباركة فمع انهم غير محدودي الاعداد نجدهم متنوعي الاذواق والثقافات، واكثرهم لا يعيرون اهمية للبناء وواجبهم العقائدي والديني مع صاحب المكان، ولهذا فهم لا يرضون من الخدمات ولا يرضون من العناية الا بما يمكّنهم من اداء طقوسهم وشعائرهم في راحة ويسر مع غض النظر عن البناء ومتعلقاته، ولهذا السبب ولعدم إمكان تحديد زائري العتبات المقدسة في اعدادهم واوقاتهم من جهة من الجهات حاول خدم هذه البقاع المطهرة خلال العصور المختلفة الى اتخاذ هذا الازدواج الذي أشرت إليه في خدمة هذه العتبات ليعطوا الجانب التراثي دورا مناسبا في توفير الحاجات الفعلية للملايين من الزائرين، ومن هنا يبدأ الخلل القائم في هذه العتبات وتوفير الحاجات الخدمية لهذه الاعداد المليونية المستمرة للزائرين وجميع الحاجات بالجانب التراثي معا ليس بتلك السهولة التي تتصور حتى للخبراء من المعنيين فضلا عما كان في القصور في الكوادر عنيت والتي تعنى بهذه الخدمة والالية التي تجري فيها.
مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة أن تكون الدراسات والبحوث التي ستقدم خلال المؤتمر قائمة ومخططة على سبل واضحة المعالم والغايات تنظر المستقبل كما تنظر الماضي والحاضر، وتأخذ في حساباتها الحاجات المستقبلية وما تستوجبه من تطور وما يستجد به في مجالات الخدمة المحتملة للمكان وزائريه، وتأخذ بنظر الاعتبار الحاجات الفعلية لكل من العتبات المقدسة وزائريها وجانبها التراثي العتيد.

IMG_0184

المؤتمر يناقش مجموعة من البحوث المتخصصة:
ناقش المؤتمر الاول لأعمال الهندسة الكهربائية للعتبات والمزارات المقدسة في يومه الثاني مجموعة من الدراسات المتخصصة لباحثين أكاديميين من الجامعات العراقية والدولية بحضور نخبة من الخبراء والاكاديميين المتخصصين بشؤون الطاقة من داخل العراق وخارجه.
وقال مقرر الجلسات البحثية للمؤتمر عضو هيأة المستشارين في العتبة العلوية المقدسة المهندس سلام السوداني: «إن مجموعة الدراسات التي قدمت في اليوم الثاني من المؤتمر شارك فيها نخبة من الباحثين المتخصصين من جامعات عراقية ودولية».
وأضاف الأستاذ السوداني: «إن اول البحوث التي تمت مناقشتها كان بحث المهندس عبد الرضا موسوي من جمهورية ايران الاسلامية بعنوان (Lighting for pace of paradise)، تبعته دراسة للسيد ميرجتاري من ايران أيضا، ثم قدّم السيد سعيد سالمي ممثل شركة مهام شرق لخدمات الطاقة الايرانية بحثاً حول مشاكل الطاقة في العتبات المقدسة، ثم دراسة حول إعادة تنظيم المعدات الميكانيكية لمرقد الإمام علي(عليه السلام) وأثرها في تخفيض استهلاك الطاقة قدمت من قبل المهندس رائد عبد الكريم من شعبة الصيانة الإلكترونية في العتبة العلوية المقدسة، واختتمت الدراسات والمناقشات بدراسة مقدمة من الدكتور ضرغام أبو كَلل من كلية التخطيط العمراني بجامعة الكوفة ناقشت تقويم هندسة الانارة وتصميمها في عمارة العتبة العلوية المقدسة».
تجدر الاشارة الى ان هيأة المستشارين في العتبة العلوية قد تسلمت 23 دراسة علمية متخصصة تقدم بها كل من الدكتور قصي عبد الستار والدكتور حسين المشاط والمهندس سلام السوداني والمهندس علي صاحب والمهندس أنور المظفر والمهندسة أريج حمزة والسيد سعيد سالمي والسيد مير جتاري والمهندس رائد عبد الكريم والسيد احمد يان والسيد عبد الرضا الموسوي وضرغام ابو كلل والدكتور قاسم راشد والدكتور علاء الجبوري والمهندس احمد خالد، فضلا عن مشاركة العتبة الكاظمية المقدسة ببحث متخصص حول أعمال الهندسة الكهربائية.

IMG_0322
تصريحات القائمين على المؤتمر:
صرح نائب الأمين العام للعتبة المقدسة المهندس زهير شربه قائلا: «بمشاركة ممثلي العتبات المقدسة في داخل العراق وخارجه أقيم هذا المؤتمر لبحث المشاكل ووسائل التطوير المشتركة والأفكار والرؤى التي يحملها العاملون في هذه العتبات في مجال الكهرباء، باعتبار أن كل الفعاليات التي تقام فيها تحتاج إلى الكهرباء.. وعلى هذا الاساس تبنت العتبة العلوية المقدسة عقد هذا المؤتمر في النجف».
وأضاف الأستاذ شربه: «اختير قطاع الكهرباء لمناقشته كمرحلة أولية، ومن ثم مناقشة بقية المنظومات الأخرى كمنظومة الصوت والتدفئة والتبريد والاتصالات، وباعتبار أن العتبات والمزارات المقدسة أبنية لها قيمتها التراثية والتاريخية ولها قداستها، نحتاج إلى التعامل مع هذه الأبنية في مجال الكهرباء والمنظومات الأخرى معاملة خاصة من قبيل الحفاظ عليها وعدم الإساءة إليها».
من جانبه اوضح المهندس سلام السوداني مقرر المؤتمر وعضو هيأة المستشارين في العتبة العلوية المقدسة قائلا: «في اليوم الحاضر تتسابق الدول لإقامة المهرجانات والمؤتمرات والندوات الدولية من اجل مسابقة العلم والتطور التقني، ونحن في العتبة العلوية المقدسة يجب أن نحذو هذا الحذو ونخطو هذه الخطوات».
وأضاف: «إن انعقاد هكذا مؤتمر متخصص هو الاول من نوعه تحتضنه العتبة المقدسة ونامل تكرار مثل هذه النشاطات في القريب العاجل على نطاق وحضور أوسع».
وتحدث الاستاذ السوداني عن فوائد المؤتمر قائلا: «المؤتمر له فوائد متعددة، منها تبادل الخبرات الهندسية في العتبات المقدسة مع الخبرات الهندسية الاكاديمية والعلمية المتطورة الموجودة في داخل العراق وخارجه، الامر الذي سينعكس على واقع الاعمال والمشاريع الجاري انجازها في العتبات المقدسة ويرفع من مستوى كفاءة الكوادر الهندسية العاملة في هذه المشاريع، مما يؤدي بالتأكيد الى تطور عمل الشبكة الكهربائية التي لا تنحصر بالمنظومات الكهربائية بل تشمل كل المنظومات التي تعمل بالطاقة الكهربائية».

IMG_0116
تصريحات بعض المشاركين:
صرح السيد سعيد سالمي ممثل شركة «مهام شرق» لخدمات الطاقة الإيرانية قائلا: «نشارك للمرة الأولى بهكذا مؤتمر متخصص، إذ إننا نعمل في مجال الطاقة الكهربائية في مختلف دول العالم.. واننا مستعدون لتقديم خبراتنا في هذا المجال لمختلف العتبات والمزارات المقدسة في العراق ، ونثمن ونبارك هذه الخطوة المهمة التي قامت بها العتبة العلوية المقدسة من اجل التواصل مع مختلف الخبرات العلمية لخدمة مشاريع العتبات المقدسة».
من جانبه قال المهندس الالماني إيرهان نيديماس من شركة كوبان الهولندية: «من المهم ان تنفتح العتبات المقدسة في العراق على مختلف التطورات العلمية التطبيقية ومنها ما يخص مجال الطاقة، وقد شاركنا من قبل بعرض لتجهيز العتبة العلوية المقدسة بعشرة آلاف صندوق خاص بحفظ امانات الزائرين ولنا الشرف ان نكون هنا مجددا ونأمل أن نشارك بالمشاريع التي تعمل الامانة العامة للعتبة المقدسة على انجازها وخاصة ما يخص مجال الطاقة».
وعلى صعيد متصل قال ممثل شركة بارتن باخ النمساوية فلوريان لدونا: «نشارك اليوم في هذا المؤتمر المتخصص بعرض منتوجاتنا المتطورة في مجال الطاقة الكهربائية لندعم بها المنظومات الجاري انجازها لمشاريع العتبات المقدسة في العراق، إذ لنا مشاريع كهربائية منجزة في عدة اماكن اسلامية عربية، من اهمها مشروع المنظومة الكهربائية لبرج الساعة في مدينة مكة المكرمة والعديد من مشاريع منظومات الطاقة الكهربائية في المدينة المنورة، ولقد شاهدت مرقد الامام علي وانا مندهش للمعالم التراثية فيه ولدينا أفكار ومشاريع ودراسات لتطوير منظومات الكهرباء والاضاءة فيه وسنتناقش مع القائمين والمسؤولين في العتبة العلوية المقدسة لتقديم مجموعة من العروض لتطوير منظومة الطاقة في المرقد المقدس».
مضيفا بقوله: «إن مؤتمر اليوم مهم جدا بل هو فكرة جيدة جدا يتم فيها جمع مختلف الخبرات المعنية بمجال الطاقة لمناقشة تطوير واقع المشاريع الجاري انجازها في العتبات المقدسة».
وقال مدير مكتب وزارة العلوم والتكنولوجيا في النجف صباح عبد محمد: «ان انعقاد هذا المؤتمر الذي يضم مختلف الخبرات الهندسية العراقية والدولية وممثلين عن الوزارات المعنية بشؤون الطاقة وتشارك فيه هذه البحوث المتخصصة له أهمية بالغة لدعم مختلف المشاريع الجاري انجازها في العتبات المقدسة أو في بقية مشاريع الوزارات، وقد قدمت الوزارة مجموعة من البحوث القيمة شاركت فيها بالمؤتمر».

IMG_0310
توصيات المؤتمر:
اختتمت أعمال المؤتمر الأول للأعمال الكهربائية للعتبات والمزارات المقدسة بتشكيل لجنة لإعداد التوصيات الخاصة بالمؤتمر ، وقامت بإصدار مجموعة من التوصيات جاء في مجملها :
1- تشكيل لجنة دائمية من مهندسي الكهرباء للعتبات والمزارات المقدسة يمثلها مهندس كهرباء من كل عتبة ومن أمانة المزارات وتقوم هذه اللجنة بوضع منهاج عمل لها يتمثل بمراجعة المشاكل ومعوقات اعمال الهندسة الكهربائية ووضع الحلول وطرحها على مجالس ادارة العتبات المقدسة لغرض تفعيل تلك الحلول.
2- تقوم اللجنة المذكورة بتشكيل لجان فرعية تنظر في المشاكل والمعوقات والمقترحات التي تم عرضها خلال ايام المؤتمر.
3- تشكيل لجنة او هيأة عليا من داخل العتبات وامانة المزارات المقدسة ويكون فيها اعضاء من وزارة الكهرباء ومجلس الوزراء للنظر في مشاكل العتبات وأمانة المزارات المتعلقة بأعمال الهندسة الكهربائية .
4- تشكيل لجنة للنظر في عقود مهندسي الكهرباء من النواحي المالية وغيرها بسبب تسرب بعض المهندسين من العتبات وامتناع كثير من المهندسين عن الانضمام للعتبات المقدسة.
وقد تضمن البرنامج الختامي للمؤتمر تقديم دراستين الاولى قدمت من قبل الدكتور علاء الجبوري من شركة أمنية للاتصالات حول(نظام تعقب المركبات)، والاخرى قدمت من قبل المهندس أحمد خالد من الجامعة المستنصرية.
واختتمت أعمال المؤتمر بتوزيع الجوائز على المشاركين بحضور نائب الامين العام للعتبة العلوية المهندس زهير شربه والدكتور علي خضير حجي عضو مجلس ادارة العتبة العلوية المقدسة وجمع من الحضور .

 

نشر في مجلة الولاية العدد 76

 

 

مقالات ذات صله