معالم نهضة الزهراء(ع)

 

في ذكرى رحيل كوثر الرسالة فاطمة الزهراء (ع)

الشيخ ستار المرشدي

إن لمقام السيدة الزهراء(عليها السلام) خصوصية خاصة في عموم الوسط الإسلامي وذلك لمؤهلات عدة، أولها: البعد الإلهي في شخصيتها(عليها السلام) فكل من تأمل بحديث الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) يلاحظ هذا البعد، وقد روى البخاري في صحيحه – وصححها الذهبي في ميزان الاعتدال- عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) أن الرب يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضب فاطمة).
وثانيها مؤهلاتها الشخصية، فقد ورد انما سميت «فاطمة» لان الخلق فطموا عن معرفتها، وقد شهد بهذه المؤهلات القريب والبعيد،حتى قالت عائشة بنت ابي بكر: (مارأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة الا ان يكون الذي ولدها).
ولكن مع كل هذا العمق والامتداد والمكانة العالية تنكرت الأمة لهذه الشخصية، وكأن الباري عز وجل لم يقل بكتابه الكريم: (وآت ذا القربى حقه) حتى صرحت هي بذلك وقالت: (اللهم اني اشهدك فأشهدوا يامن حضرني أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي)، وهي في هذا الحال من الجفاء والضغوطات الشديدة اندفعت في بيان مدى الانحراف والتحذير منه وركزت على اهم القضايا التي اذا اهملتها الامة ضلت عن مسارها، وهي الإمامة، مع لحاظ أن الباري عز وجل قد حذر في كتابه العزيز من مثل هكذا انحرافات، قال تعالى: (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين).
ان تأكيدها على هذه المفردة الحساسة كان لأن (الإمامة) تضمن الموازنة والاستقامة على الصراط السوي، وان مانراه من انحراف وجرائم بين المسلمين اليوم ما هو الا أثر لنكران (الإمامة) وقد حذر الباري عز وجل من ذلك فقال: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب أليم) واشارت السيدة الزهراء(عليها السلام) في نهضتها إلى الانحراف الذي حدث بعد غياب الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) مبينة طريق نجاة الامة قائلة: (جعل الله طاعتنا نظاما للملة وإمامتنا أمانا من الفرقة).
وروي عن محمد بن لبيد أنه قال:عندما قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله) كانت فاطمة(عليها السلام) تأتي قبور الشهداء وتأتي قبر حمزة وتبكي هناك، فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة فوجدتها(عليها السلام) تبكي هناك، فأمهلتها حتى سكنت فأتيتها وسلمت عليها وقلت: (يا سيدة النسوان، والله قطعت نياط قلبي من بكائك، ياسيدتي اني سائلك عن مسالة تتلجلج في صدري) قالت: (سلْ)، قلت: (هل نص رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل وفاته على عليّ عليه السلام) قالت: (واعجباه أنسيتم يوم غدير خم؟) قلت: (قد كان ذلك، ولكن اخبريني بما أسر اليك) قالت: (اشهد الله تعالى لقد سمعته يقول: (عليّ خير من ان اخلفة فيكم، وهو الامام والخليفة من بعدي، وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار، لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين، ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم الى يوم القيامة) قلت: (يا سيدتي فما باله قعد عن حقه؟) قالت: (مَثل الإمام مَثل الكعبة إذ أنها تؤتى ولا تأتي) ثم قالت: (اما والله لو تركوا الحق على أهله واتبعوا عترة نبيه لما اختلف في الله اثنان، ولورثها سلف عن سلف وخلف عن خلف حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين، ولكن قدّموا من أخرّه الله وأخرّوا من قدّمه الله حتى اذا ألحدوا المبعوث واودعوه الجدث المجدوث اختاروا بشهوتهم وعملوا بآرائهم، تبا لهم او لم يسمعوا الله تعالى يقول: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ) بل سمعوا ولكنهم كما قال الله سبحانه: (فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)(اعلام الهداية 3: 168).

نشرت في الولاية العدد 80

مقالات ذات صله