الشيخ محمد كاظم الشيرازي

HL;

حمود الصراف

لم تزل المراقد المقدسة كعبة أهل التقوى والورع وموئل أهل العلم والأدب، تهفو اليها قلوب العاشقين لتنهل من معين أهل البيت فيأتون اليها من كل حدب وصوب يلتمسون وصل النجاة.. فيمدون جذورهم فيها لتثمر شموسا للهداية ومنابر للصلاح ودروبا للفضيلة.
ومن هذه الشموس النيرة الشيخ محمد كاظم بن حيدر الشيرازي، الذي استوطن مدينة كربلاء المقدسة والنجف الاشرف فنهل من فيوضات سيد الوصيين وسيد الشهداء (عليهما السلام) لينطلق في رحاب سبل رضا المولى جل وعلا.

 

ولادته :
ولد الشيخ محمد كاظم بن حيدر الشيرازي (رحمه الله تعالى) سنة (1292هـ) في مدينة شيراز، وعندما بلغ الثامنة من عمره توجه مسافرا مع أبيه الحاج حيدر الذي كان يعمل صباغا للألبسة، الى مدينة كربلاء المقدسة للزيارة فمكث فيها مع أبيه مدة من الزمن تعلم خلالها قراءة القرآن والكتابة وبعض المقدمات في العربية.
وعاد مع أبيه إلى شيراز وأقام بها عدة سنين اشتغل خلالها بدراسة المقدمات في الفقه والأصول ثم عاد إلى مدينة كربلاء المقدسة وهو يبلغ من العمر 15 سنة، تاركا أباه وأهله في شيراز منكبا فيها على دراسة الفقه والأصول .

دراسته وهجرته للعراق:
في سنة 1310هـ انتقل إلى سامراء واتصل بالسيد ميرزا محمد حسن الشيرازي الذي رعاه رعاية خاصة وعهد لبعض علماء حوزته بتربيته وتعليمه كالسيد محمد الأصفهاني والشيخ حسن علي الطهراني والميرزا محمد تقي الشيرازي، وبعد وفاة الميرزا محمد حسن الشيرازي سافر المترجم إلى شيراز بصحبة الميرزا إبراهيم الشيرازي ولكنه لم يمكث فيها سوى أشهر قليلة عاد بعدها إلى سامراء حيث لازم درس الميرزا محمد تقي الشيرازي وبقي ملازما له لا يفارق حوزته إلى أن تخرج على يديه وأصبح ممن يشار إليهم بالبنان.
وعند ما انتقل الميرزا محمد تقي الشيرازي في الخامس من شوال سنة 1335هـ من سامراء إلى الكاظمية عقيب الحرب العالمية الأولى مباشرة كان المترجم له مرافقا له.

مرجعيته:
وفي أواخر شهر المحرم سنة 1336 عند ما انتقل الميرزا محمد تقي الشيرازي من الكاظمية إلى كربلاء حيث انتهت اليه الرئاسة العليا بقي المترجم له مدة أشهر في الكاظمية ثم التحق بأستاذه السالف الذكر في أوائل سنة 1337 وبقي ملازما له في كربلاء إلى أن توفي الميرزا محمد تقي الشيرازي في الرابع من ذي الحجة سنة 1338 فبقي المترجم في كربلاء بعد وفاة أستاذه عدة أشهر انتقل بعدها اي في أوائل سنة 1339 إلى النجف الأشرف حيث استقل بالبحث والتدريس والتأليف حتى أصبح من مراجع التقليد خاصة بعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني سنة 1365هـ

أساتذته:
محمد حسن الشيرازي المعروف بالمجدد الشيرازي، ومحمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق، وحسن علي الطهراني، ومحمد علي الشيرازي، ومحمد الفشاركي.

تلامذته:
الشيخ محمد تقي بهجة الفومني، والشيخ حسين وحيد الخراساني، والشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني، والسيّد محمد الروحاني، والسيّد تقي الطباطبائي القمي، والسيّد محمد علي سبط الشيخ الأنصاري، والشيخ بهاء الدين المحلاتي الشيرازي، والشهيد السيد عبد الحسين دستغيب، والشيخ محمد رضا البروجردي، والسيّد محمد حسين الشيرازي، والسيّد مرتضى الفيروزآبادي، والشيخ محمد تقي الجعفري، والشيخ علي كاشف الغطاء، والشيخ راضي آل ياسين، والشيخ علي الخراساني، والسيّد جعفر المرعشي، والسيّد إسماعيل الصدر، والسيّد هادي التبريزي، والسيّد علي البهشتي.

مؤلّفاته:
للشيخ محمد كاظم الشيرازي (رحمه الله تعالى) آثار قيمة منها: بلغة الطالب في الحاشية على المكاسب، وحاشية على رسائل الشيخ الأنصاري، وحاشية على العروة الوثقى (حاشيةٌ على كتاب العروة الوثقى لمحمد كاظم الطباطبائي اليزدي)، وتعليقات على كتاب الدرر، ودورة كاملة في الأصول، ومسائل فقهية متفرقة، والمسائل الفقهية، ومناسك حج (باللغة الفارسية)، ورسالة في صلاة الجماعة، ورسالة في الخلل.

وفاته:
تُوفّي الشيخ (رحمه الله تعالى) في الثاني والعشرين من جمادى الأُولى 1367هـ بمدينة النجف الاشرف، وصلّى على جثمانه السيّد جعفر بحر العلوم (رحمه الله تعالى)، ودُفن في الصحن الشريف لمولى الموحدين الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) في الحجرة ذات الرقم (23).
وقد أرخ وفاته بعض أدباء مدينة النجف الاشرف فقال:
بكت المدارس والدروس عميدها
وتجــــاوبت من ناثر أو ناظم
وتعطلت لغـــــــة المنابــــــر لوعــــــة
مذ أرخوها بالشجا للكاظم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أعيان الشيعة -السيد محسن الأمين- ج 9- ص 401 – 402)

 

نشرت في الولاية العدد 80

مقالات ذات صله