أ.م.د حسين لفته حافظ
الإمام الحسن بن علي عليهما السلام يعد من اهم منابع الثقافة الاسلامية ومصادر الفكر الخلَاق الموروث من آل بيت النبوة ، فكلامه سلام الله عليه قمة في البلاغة والفصاحة ، وكيف لا يكون كذلك وقد نشأ في بيت زقَّ العلم زقا منه صدرت البلاغة وآبت إليه الفصاحة كما يقول اميرها وقائدها عليه السلام: (وانّا لأُمراء الكلام وفينا تنشبت عروقه وعلينا تهدلت غصونه)(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13/12).
ويلاحظ المتتبع لاحاديث الامام عليه السلام كثرة الاشارات القرآنية الواردة فيها , وقد تنوعت تلك الاشارات بين تضمين نص قرآني على شكل شاهد يستفيد منه الامام في دعم حجته على خصمه وبخاصة انه عاش في عصر كثرت فيه الفتن والصراعات , واختلفت الفرق والمذاهب وكان بعض هذه الفرق يتخذ من القرآن الكريم وسيلة للاحتجاج والدفاع عن آرائه في سبيل تضليل الرأي العام احيانا , ومحاولة سحب الناس وصرفهم عن الالتحاق بالإمام , وتشتيت الرأي العام خاصة من قبل السلطة الحاكمة التي لم تدخر جهدا الا وبذلته في سبيل الحفاظ على كرسي الحكم , لانهم يعلمون جيدا – أي الحكام- ان الامام الحسن عليه السلام هو الوريث الشرعي للخلافة .
التناص القرآني في احاديث الامام
وفيما يلي نحاول ان نتناول التناص القرآني في احاديث الامام من خلال تقسيمه الى فقرات تتناول كل فقرة منها شكلا من اشكال التوظيف القرآني ، وكما يلي :
1- التضمين القرآني :
شاع هذا النوع في احاديث الامام عليه السلام وفي كل مرة كان له دلالة خاصة وموقف خاص يكشف عنه قوله عليه السلام : (نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله صلى الله عليه واله الأقربون وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلى الله عليه واله والثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كل شيء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والمعول علينا في تفسيره لا نتظنّى تأويله بل نتيقن حقائقه فأطيعونا فان طاعتنا مفروضة إذا كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة قال الله عز وجل «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول») (الامالي – للشيخ المفيد :349).
2 – احتواء مضمون النص القرآني:
لعل المتمعن في كلام الامام الحسن عليه السلام يجد انه يستفيد كثيرا من مضمون النصوص القرآنية ليحيل هذا المضمون الى معان يوظفها بحسب الموضوع الذي يتحدث عنه ومن تلك الصور قوله عليه السلام :
(أما بعدُ فإنَّ الله كتب الجهادَ على خلقه وسّماه كُرهاً ثم قال لأهل الجهادِ من المؤمنين واصبروا إن الله مع الصابرين فلستم أيها الناسُ نائلين ما تُحبون الا بالصبر على ما تكرهون إنّه بلغني أنّ معاويةَ بلغه أنّا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك فاخرجوا, رحمكم الله….)(مقاتل الطالبيين : 39).
فالإشارة واضحة الى مضمون الآية المباركة : (وَاصْبِرُوا إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ )( سورة الانفال : آية 46), وقد وفق الامام في طريقة التضمين القرآني .
نشرت في الولاية العدد 87