أمير الحسيني
كثيراً ما نسمع عن التشريح أي تشريح بدن الإنسان بعد وفاته ليتبادر للأذهان هذا السؤال ما أسباب التشريح؟ أليس هو تعد على حقوق الانسان؟ أليس فيه تعد على حرمة هذا الإنسان بل وحرمة الموت وما تحيطه من قدسية، ولكن جميع علماء الطب الحديث ربما يجمعون على ان التشريح عامل مهم في الطب السريري لأنه يساعد في تحديد الخطأ الطبي في التحسين المستمر للطب.
فقد اثبتت إحدى الدراسات التي ركزت على حالات احتشاء عضلة القلب (نوبة قلبية) كسبب للوفاة، على حصول الأخطاء والإهمال والتقصير. أي أن عددا كبيرا من الحالات التي نسبت إلى خلل في عضلة القلب (ميس) لم تكن كذلك، والعكس صحيح.
أظهرت إحدى المراجعات المنهجية لدراسات تشريح الجثث أن حوالي 25٪ من أن التشخيص كان خاطئا. إلا أن هذه النسبة ستنخفض مع مرور الزمن، إذ ان الدراسة تتنبأ بان المؤسسات المعاصرة في الولايات المتحدة ستخطئ في نتيجة التشخيص الرئيسة بنسبة تتراوح ما بين 8.4 ٪ إلى 24.4 ٪ من حالات.
أن نسبة عالية من التحليل أظهرت أن ما يقرب من ثلث شهادات الوفاة غير صحيحة، وأن نصف عمليات تشريح الجثث أظهرت عدم صحة استنتاجات أسباب الوفاة. أيضا، يعتقد أنه ما يزيد على خمس النتائج غير المتوقعة لا يمكن تشخيصها الا تشريحيا، أي عن طريق الخزعة أو تشريح الجثة، وأن ما يقرب من ربع النتائج غير المتوقعة، أي 5٪ من كل النتائج، هي نتائج رئيسة ولا يمكن تشخيصها إلا من خلال تشخيص الأنسجة.
وجدت احدى الدراسات ان «التشريح كشف أخطاء في التشخيص في 171 حالة، بينهم 21 حالة داء السرطان و12 حالة سكتة دماغية، 11 حالة داء عضلة القلب و 10 في الصمات الرئوية، و9 في التهاب الشغاف، فضلا عن أمور أخرى».
كما وجدت احدى الدراسات التي ركزت على مرضى مدخل الأنبوب، أن «ظروف مرضية في البطن والخراجات وثقوب الأمعاء، أو الاحتشاء كما الصمات الرئوية هي أسباب متكررة للأخطاء من الفئة الأولى. في حين اعتبرت آلام في البطن غير ذات شأن في معظم المرضى، لا تطلب اجراء أي متابعة مع أن المرض كان أخطر».
هذه أمور طبية توصل إليها الطب الحديث وبالتأكيد إذا ما نظرنا الى التشريح من هذا الجانب فإنّ له فائدة وضرورة قصوى ولكن ماذا عن أصل التشريح من الناحية الفقهية والتشريعية؟ جمعنا لكم أعزاءنا القرّاء بعض الأسئلة والأجوبة التي تتعلق بهذا الأمر وذلك من خلال رأي المرجع الديني الأعلى سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله).
السؤال: أنا طالب في كلية الطب هل يجوز لي أن أشرح الجثث؟
الجواب: يجوز تشريحها ومسّها يوجب الغسل الا أن يكون مع حائل.
السؤال: أنا طالب في كلية الطب هل يجوز تشريح المسلم المختل عقلياً لأجل الدراسة في كلية الطب أو إذا توقف عليه حياة الانسان المسلم في المستقبل؟
الجواب: لا يجوز تشريح بدن الميت المسلم مطلقاً إلا اذا توقف عليه حياة مسلم ولو في المستقبل.
السؤال: هل يجوز تشريح أعضاء الميت للأغراض الطبية؟
الجواب: يجوز تشريح جسد غير المسلم إذا لم يكن محقون الدم في حال حياته وإلا فالأحوط لزوما الاجتناب عن تشريح بدنه.
نعم إذا كان ذلك جائزا في شريعته مطلقا أو مع إذنه في حال الحياة أو إذن وليه بعد الوفاة فلا باس به حينئذ واًما المشكوك كونه محقون الدم في حال الحياة فيجوز تشريح بدنه إذا لم تكن امارة على كونه كذلك وإذا توقف حفظ حياة مسلم على التشريح ولم يكن تشريح الكافر غير محقون الدم أو مشكوك الحال جاز تشريح غيره من الكفار ولا يجوز تشريح المسلم لغرض التعلم ونحوه مالم تتوقف عليه انقاذ حياة مسلم أو من بحكمه ولو في المستقبل.
السؤال: هل يجوز تشريح الميت لتشخيص القاتل إذا توقف عليه خصوصاً في موارد الشبهة وضرورة رفع الاتهام؟
الجواب: لا يجوز لمجرد ذلك وإنما يجوز إذا توقف عليه إنقاذ حياة مسلم ونحو ذلك في المستقبل.
السؤال: في دراسة الطب البشري يطلب من الطلبة تشريح اجساد مسلمين من نفس المنطقة من اجل التعرف على اسباب وفاتهم، وهذا الدرس يطلعهم على امراض مميتة يكون التعرف عليها مساعداً لوقاية اشخاص احياء مسلمين قد يتعرضون لها في المستقبل ويكون الطبيب بمعرفته لها منقذاً لبعض من يتعرضون لهذه الامراض من الموت بمشيئة الله، فما حكم التشريح المذكور؟
الجواب: لا يجوز تشريح بدن الميت المسلم لمجرد معرفة سبب الوفاة، ولكن لو توقف عليه الحصول على الاختصاص الطبي في حقل معين وعلم طالب الطب ان حصوله على هذا الاختصاص مما يتوقف عليه انقاذ نفس محترمة في المستقبل جاز له ذلك بمقدار الضرورة.
السؤال: تطلب بعض الدوائر في بعض الحالات تشريح جثة المتوفى لمعرفة سبب الوفاة، فمتى يجوز السماح لها بذلك، ومتى لا يجوز؟
الجواب: لا يجوز لولي الميت المسلم أن يسمح بتشريح جسد الميت للغرض المذكور ونحوه، ويلزمه الممانعة منه مع الإمكان. نعم، إذا توقفت عليه مصلحة مهمة توازي مفسدته الأولية أو تترجح عليها، جاز.
السؤال: هل يجوز تشريح الجنين المسلم قبل بلوغه أربعة أشهر، وقبل ولوج الروح فيه، أو قبل تماميّة خلقته؟
الجواب: لا يجوز إلاّ في بداية نشوئه، حيث يعدّ قطعة لحم، وفي الفرض الاول تجب الدية على قطع أعضاء بدنه وإن لم تتكامل، كما لو لم تتمّ خلقته وإن نمت عظامه، حيث تكون ديّته ثمانين ديناراً.
نشرت في الولاية العدد 92