التربية معناها واهمية فهمها

scolding-and-punishment

الشيخ جميل البزوني

إن التربية عمل يقوم به كثير من الناس، وكل واحد من الناس يقدمه حسب رأيه الشخصي الذي يحمله في ذهنه من معنى للتربية.
ومن الضروري قبل البدء بالحديث عن العمل التربوي ان نفهم التربية فهما علميا لكي نستطيع من خلال الفهم الصحيح ان نحقق اكبر قدر من النجاح.
فقد يقول بعضهم مفسرا التربية بانها تكبير الاولاد الصغار وجعلهم رجالا او نساء وهذا المعنى كثير الورود على السنة الاباء والامهات خصوصا في حالات الامتنان على الاولاد.
قد يقول بعضهم ان التربية تعني توفير الطعام والشراب وجعل الابناء في حالة اكتفاء من الحاجة للآخرين وهذا المعنى ايضا من المعاني المنتشرة في كثير من الاذهان.
وقد يقول بعض ثالث ان التربية تعني حماية الابناء من الاخطاء في المجتمع حتى يصبحوا في مأمن عن الاخطاء ويستقلوا بشؤونهم.
وقد يقول بعض رابع ان التربية تعني منع الابناء من الوقوع في الاخطاء السلوكية بأي وسيلة كانت متاحة امام الاب والام حتى لو كان دورهم مجرد المنع من ذلك فقط.
وتوجد معان اخرى قد يذكر ها البعض لكن توجد اراء كثيرة يحملها الاباء في المجتمعات المتطورة صناعيا وملخص هذه الاراء انهم قد يفهمون التربية على اساس انها فرصة لجعل الابن يستمتع بالحياة بشكل يتناسب مع سنه كل بحسبه.
نقول: لا شك ان الجوانب التي اشارت اليها الاراء السابقة مهمة لكنها لا تمثل التربية باي ناحية من الانحاء ولهذا تبدو خطورة ان يفهم الانسان عمله بشكل خاطئ.
ولا نعني من هذا ان الانسان المربي لا يهتم بهذه الجوانب المذكورة ولكن جعل التربية هي هذه الجوانب خطأ كبيراً وذلك لأن الاب والام سيظنان من خلال هذه الرؤية المغلوطة ان دورهما مع الابن يدور مدار تحقيق هذا الهدف الخاطئ وهذه احدى اهم المشاكل التي تواجه الانسان وهو لا يعلم انه يعرقل عمله التربوي من خلال توجيه نظره الى دور غير مطلوب وترك الدور المطلوب.
فلو فرضنا ان الام تركت دورها التربوي على اساس هذه الاراء فإن اثار هذا الترك ستظهر تدريجيا على سلوك الطفل وهي لا تعلم بذلك لأنها تظن ان دورها الحقيقي هو في توفير الطعام وما شابه ذلك وليس العناية بالطفل والبقاء بالقرب منه اطول مدة ممكنة.
والسؤال المهم هو ما التربية؟
الجواب عن ذلك ليس صعاب لكن لأن الناس اخذت تتدخل في وضع مفاهيم اخرى لبيان المقصود من التربية برزت الحاجة الى معنى التربية لما في ذلك من تأثير على الدور التربوي الذي سيقوم به الاب والام او اي انسان يكلف بتربية الاطفال.
التربية بكلمة واحدة هي التنمية للملكات السلوكية عند الطفل في شتى اطواره العمرية من سن الطفولة المبكرة الى مرحلة القرب من النضج العقلي والاتزان السلوكي.
او تقول ان التربية عمل يضبط من خلاله المربي (الاب او الام) سلوك الابناء لكي يتمكنوا من مواجهة مختلف الاوضاع الاجتماعي دون ان يتأثروا بصورة سلبية، وهو عمل واجب من اعمال الابوين ولا يحق بأي نحو من الانحاء التخلي عنه.
أما لماذا تبين هذا المعنى مع ان التربية عمل وليس مجرد مفاهيم مجردة؟
فالجواب لأن كثيرا من الاباء والامهات يفشلون في القيام بهذا الدور الشرعي نتيجة فهمهم الخاطئ للتربية.
إلى هنا تبين لنا ان التربية ليس الا تنمية ملكات الابناء السلوكية وتوجيهها بالاتجاه الصحيح وان فهم هذا المعنى يوثر ايجابا في نجاح الابوين في تربية الابناء وان عدم وضوح هذا المعنى في الاذهان له دور سلبي في العمل التربوي.

نشرت في الولاية العدد 96

مقالات ذات صله