تكوين الأسرة

فاطمة فاضل الطويل

منذ ان تزوج احمد وهو يفكر في ان سيكون ابا في اقرب فرصة لكنه على عجلة من امره فزواجه قد مر عليه عام كامل ومع ذلك لم يحصل الحمل عند زوجته وكان واضحا عليه الضجر والحزن وكانت زوجته تشعر بذلك بسبب تغير تصرفاته معها في الأيام الاخيرة.
وكانت والدته امراة مؤمنة ولما شعرت بالتغير واضحا على سلوك ابنها اخذت تداري زوجته اكثر وطلبت منها ان تاتي الى غرفتها للحديث معها.
جلست الزوجة وكانت صغيرة في العمر مع ام احمد وهي تحاول ان تبدو طبيعية.
قالت ام احمد: يبدو عليك التعب هل انت حامل؟
فاخذ الحياء يبدو على وجه الزوجة وحارت في الجواب ولم ترد على الكلام سوى بكلمة واحدة: لا ادري.
قالت ام احمد: انت زوجة ومن الطبيعي ان تحرص الزوجة على الحمل لانه يوطد العلاقة بين الزوجين ويكون هو بداية تكوين الاسرة الحقيقية كما اوصت بذلك المرجعية الدينية حيث ورد في توصياتها (الاهتمام بتكوين الأسرة بالزواج و الإنجاب من دون تأخير، فإنّ ذلك أنسٌ للإنسان ومتعة، وباعثٌ على الجدّ في العمل، وموجبٌ للوقار والشعور بالمسؤولية، واستثمارٌ للطاقات ليوم الحاجة ووقايةٌ للمرء عن كثيرٍ من المعاني المحظورة والوضيعة حتى ورد أنّ من تزوّج فقد أحرز نصف دينه، وهو قبل ذلك كلّه سنة لازمة من أوكد سنن الحياة وفطرة فطرت النفس عليها، لم يفطم امرؤ نفسه عنها إلاّ وقع في المحاذير وابتلى بالخمول والتكاسل، ولا يخافنّ أحدٌ فيه فقراً فإنّ الله سبحانه جعل في الزواج من أسباب الرزق ما لا يحتسبه المرء في بادىء نظره (وانت تعلمين اننا اخترناك لدينك وانت من عائلة مؤمنة وهذه هي التوصية الشرعية في اختيار الزوجة.
قالت الزوجة: انا بودي ان أكون أما لكن الله لم يقسم ذلك.
قالت الام الان سياتي احمد وسنتكلم في القضية حتى تراجعا من اجل العلاج ان كان السبب طبيا بشرط ان تراجعي طبيبة لان هذه المراجعة تحتاج الى كشف ولا يجوز لك الذهاب للطبيب في مثل هذه الحالة مادامت توجد طبيبة تؤدي العمل.
عندما عاد احمد طلبت الام منه ان يأتي مع زوجته الى غرفتها واخذت تذكر لهما معاناتها في انجاب ابنها احمد فقالت: ان انجاب الاولاد هو اهم ما يشغل بال الزوجين لكن الامر ليس بهذه السهولة ويحتاج الى توفيق الله تعالى.
ثم توجهت بالكلام لابنها فقالت: وليس من حق الزوج ان يلوم الزوجة لان الحمل لم يحصل وكأنها المسؤولة الوحيدة في الاسرة بل الواجب معاشرة الزوجة بالحسنى سواء انجبت ام لم تنجب.
اما الانجاب فقد يكون سببه مجرد الضعف الجسدي وهو امر يعالج بالمقويات والطعام المناسب وقد يكون السبب طبيا فان كان الامر يحتاج الى معالجة طبية فالمفروض ان نراجع طبيبة مختصة للقيام بذلك ومن الواضح انكما لا تعانيان من مشكلة وحتى لو كنتما تعانيان من شيء ولا يمكن ان تنجبا مباشرة فانه توجد وسائل انجاب بديلة اخرى لكن هذه الوسائل تحتاج الى مراعاة الشرع عند اللجوء اليها لأنها في العادة تحتاج الى كشف جسد المرأة وهو امر يجب لأجله مراجعة الطبيبة ونقتصر على المقدار الواجب واذا لم يقسم الله لكما الانجاب فعليكما ان تعلما ان عدم الانجاب هو الصالح لكما فليس بالإمكان الا ما يريده لعباده الرحمن.
بعد مدة ليست بالطويلة اصبح احمد ابا لولدين جاءا معا فكانت سعادة العائلة بهما لا توصف فان الرزق لا يؤخره الخوف ولا يعجله الحرص الزائد فان الامور مرهونة بأوقاتها فكيف والوقت بيد الحكيم.

نشرت في الولاية العدد 107

مقالات ذات صله