تحقيق علي الوائلي
بعد طول انتظار دام لاكثر من عشر سنوات على زواجه استبشر احمد بمولوده الاول الجديد حينما سمع الطبيبة وهي تبشره ولم يصدق ما سمعه فبعد كثير من المعاناة التي عاشها وزوجته في مراجعة الاطباء للعلاج في داخل وخارج البلاد وصرف المبالغ الكبيرة ليرزقهم رب العزة بطفل يملأ حياتهما فلم تنجح كل هذه المحاولات ومرت السنون والعمر يتقدم باحمد وزوجته وكثرة المحيطين حولهما يسالونهما كلما وجدوهم في حفل او عرس او مأتم او لقاء عن اسباب عدم وجود طفل حتى الان لديهم مما يوقعهم في الحرج واحيانا يقعون ضحية للتغامز والتلامز والاكثر من هذا وذاك انهم قاطعوا بعض ارحامهم واصدقائهم للتخفيف من كثرة السؤال ولكن وبعد عشر سنين من هذه المعاناة تجدد الامل في نفس احمد وزوجته حين ابلغت الطبيبة الزوجة بانها حامل وبدأت الفحوصات اليومية والاهتمام بالجنين حتى حانت لحظة الولادة وهنا..
لم ير احمد ولا حتى زوجته المولود الجديد فارتعدا وخافا واصابهما الذهول وبينما هم في حيرتهم وذهولهم دخل عليهم عدد من الاطباء يبشرانهما ويقولا لهما لا تخشيا شيئا والطفل سليم قد أدخل فورا لردهة الخدّج المعقم لانه ولد مبكرا في الشهر الثامن من عمره ويحتاج لمزيد من العناية.
لم يعرفا ما يقولا حتى راحا يتعرفا اكثر عن ماهية الوليد الخديج للاطمئنان على وليدهما الجديد ومن هنا بدأت رحلة معرفة الخدّج المعقم وما يقدم للوليد في ايامه الاولى من الولادة.
وكنموذج نمر عليه لمعرفة ما يقدمه الخدج المعقم للاطفال اخذنا مستشفى الزهراء في النجف الاشرف وهو المستشفى الذي ولدت فيه زوجة احمد وقبل البدء بذكر ارقام الولادات التي تدخل صالات الخدج في المستشفى وقبل أن نشرع في تفاصيل مايقدمه قسم الخدج من العلاجات, علينا ان نعرف معنى كلمة خدج اولا، فيشير علماء اللغة بان معنى خدج خداجا الدابة القت ولدها ناقص الخلق او قبل تمام ايام الحمل المتعارف عليها، فهي خادج ومخدج وولدها خديج، والخداج كل نقصان في شيء و في البشر هم الأطفال الذين يولدون قبيل موعد ولادتهم – النقصان يكون في فترة الحمل – فيولد الطفل قبل انهاء 37 اسبوعاً من الحمل – قبل دخول الأم شهرها التاسع في الحمل. و يتميز الأطفال الخدج بكونهم يولدون بوزن اقل من الوزن الطبيعي لنظرائهم في مثل فترة ولادتهم غالباً ما تكون اوزانهم اقل من 2.5 كيلوغرام و احياناً يتسبب نقص الوزن الشديد – اقل من 1.5 كيلو غرام – بوفاة الطفل بعد ساعات من ولادته بسبب الضعف الشديد.
ويذكر مختصون اسبابا متعددة في تزايد اعداد الاطفال الخدج منهم من عزاها الى اسباب ولادية بحتة ومنهم من اوضح بانها بسبب تزايد اعداد السكان في المحافظة مع قدوم عدد كبير من مواطني المحافظات المجاورة للمؤسسات الصحية في المحافظة ومنها مستشفى الزهراء نتيجة العناية او الاهتمام الذي يلقونه او سمعوا عنه وهذا بطبيعته يسبب زخما داخل ردهات الخدج التي يحتاجها المولودون الجدد.
الزخم في ردهات الخدج المعقم
وهنا يشير الطبيب المختص بالاطفال الدكتور باسم هادي حول الطفل الخديج واسباب زيادة الاطفال في الخدج حيث يقول بان اليوم عدد الولادات ازداد من العمليات القيصيرية والولادات الطبيعية.
ويتابعه ايضا الدكتور محمد مهدي طبيب الخدج المعقم بالقول بان هناك اسبابا اخرى منها بان يكون لدخول الطفل بسبب ضيق النفس الولادي الحاد ويزيد كلما كان الخديج عمره اصغر او عدم اكتمال نمو الطفل او عدم وصوله للعمر الكامل وهذا سبب رئيسي من اسباب العسر الولادي الذي يدخله للخدج
ويضيف محمد مهدي باننا كما نرى في الخدج تشوهات خلقية مصحوبة بعسر ولادي او غير مقترن بتشوهات ولادية وهي تكون في داخل الخدج و ممكن علاجه.
المؤسسات الصحية الجاذبة
ويتفق الدكتور مصطفى الهرموش مع عدد من المتتبعين والمختصين بان «هناك اسبابا لزيادة هذه الحالات وذلك بان المؤسسات الصحية في النجف الاشرف جاذبة للمناطق والمحافظات المجاورة فيتركون مؤسساتهم الصحية في المحافظات وياتون الى المؤسسات الصحية في النجف مما يؤدي الى تزايد اعداد الاطفال في كل عام وقد بلغت العام الماضي ستة وعشرين الف حالة ولادة وهو رقم كبير ومن الضروري السيطرة عليه والولادة متفاوتة ونستقبل ليس أقل من سبعين حالة ولادة في اليوم الواحد من عملية قيصيرية وولادة طبيعية».
وهذا بطبيعته يشكل عبئا اخر على المؤسسات الصحية في المحافظة ومن المهم الاشارة الى ضرورة إبداء الرعاية وتقديم مستوى خدمات أفضل في المؤسسات الصحية خارج المحافظة لتخفيف العبء عن مؤسساتنا الصحية بحسب ما ذكره المختصون.
ومع تزايد هذه الاعداد من الاطفال الخدج فان الامر يتطلب توسعة صالات الخدج المعقم والخدج المنزلي واضافة عدد اكبر من الحاضنات ورفدها بالكوادر التمريضية، فيؤكد مدير مستشفى الزهراء التعليمي في النجف الاشرف في هذا المجال بانه وبعد زيادة عدد السكان في المحافظة كان من الضروري توسعة ردهتي الخدج المنزلي والخدج المعقم فقد بدأنا في المشروع سنة 2014 بتوسعة الخدج المعقم ورفع عدد الحاضنات الى اكثر من مئة بالمئة اضافة الى وحدات انشات بالخدج المعقم كانعاش الطفل بالعناية المركزة للطفل واستطعنا الحاق تطور آخر في العام الاخر بتوسعة الخدج المنزلي الى اضافة حاضنات ايضا لها اضافة لبعض الخدمات المتطورة منها جهاز ( السي باب ) اجهزة الانعاش الرئوي ومتابعة الحالة المرضية للاطفال .
وسائل علاج متطورة وحديثة
ويعرج الطبيب الاخصائي في طب الاطفال الدكتور باسم هادي على ذلك قائلاً «بان وسائل العلاج اليوم توفرت في الخدج المعقم مثل جهاز السيباب» CPAP Device و هو قناع صغير يتم وضعه على الأنف أو الفم أو كليهما و يتم وصله بجهاز ضخ الهواء تحت ضغط موجب حتى يمنع انسداد مجرى التنفس ليلا. ويستدرك باسم قائلا «وهذه الاجهزة قامت تطور اعمارهم واحيانا يعبر الاسبوع او الاسبوعين واحيانا يوم او يومين الكامل غير الخديج, سابقا كانت فرصة حياتهم قليلة لكن اليوم بسبب هذه الاجهزة وفرت فرصة كبيرة مما يفسر تواجد اعداد المرضى الكبيرة».
كما يضيف الهرموش ايضا «ان الخدج المعقم والمنزلي حاليا جيدة ولكن تاتي ايام وخاصة في الصيف فيها حالات اليرقان ( ابو صفار) فتاتي حالات عديدة مما يولد زخم كبير داخل ردهات الخدج».
ابو صفار او اليرقان ((هو ارتفاع نسبة مادة البيليروبين في الدم عند الأطفال حديثي الولادة، وهي مادة يفرزها جسم الإنسان بشكل طبيعي بواسطة تحلل كريات الدم الحمراء، وبعدها يقوم الكبد بأخذ تلك المادة ليتم طرحها بالبراز حتى يتم التخلص منها. تجدر الإشارة إلى أنّ مادة البيليروبين عند زيادة نسبة تركيزها في الدم تكون سامة، تلك الزيادة في المادة تؤدي إلى ظهور أبو صفار عند الأطفال حديثي الولادة، وفي الغالب يظهر على الأطفال منذ اليوم الأول، وله أسماء عديدة مثل الصفراء، ويرقان الأطفال، أو الصفرة)).
وهنا يؤكد الدكتور مصطفى الهرموش بان المستشفى حصلت على مبادرة من وزارة الصحة باضافة حاضنات الى المعقم لانشاء المستوى الثالث من الحاضنات تضاف ثمانية عشر حاضنة وهو مشروع متكامل من وزارة الصحة وشركة جي الامريكية .
اما طبيعة استقبال الاطفال في الخدج فتمر بمراحل عدة لتناول العلاج فيدخل الى الخدج المعقم ويبين حسن متعب مسؤول الخدج المعقم بانه يوجد انعاش عدد اثنين منها انعاش صالة عمليات وانعاش ولادة طبيعية كما يوجد ممرض بالاضافة الى الطبيب المقيم وعليه مساعدة الطبيب بتقديم اللقاحات منها البي سي جي والتهاب الكبد الفايروسي واللقاحات الاخرى فيبقى الطفل تقريبا نصف ساعة الى ساعة في حالة الولادة الطبيعية واما في حالة العملية القيصرية فهنا اذا كانت مستقرة حالته الصحية وبعدما يقوم الطبيب بفحصه عندها يخرج اما في حال انه يحتاج عناية مباشرة فتشكل له كانولة وتجهز اليه الحاضنة وحتى اذا اضطر الامر واحتاج الى جهاز السيباب والاوكسجين وبعد ان تستقر اموره الصحية يبدأ الرضاعة ونقوم بدفع الحليب له بالسرنجة وعند تحسن حالته تماما تاتي الام لارضاعه مباشرة.
يقدم للخديج عدد مختلف من اللقاحات
ويكمل الدكتور قائلا بان وحدة الخدج المعقم تعمل على استلام الاطفال المولودين حديثا سواء من صالة الولادة او المولودين بالعمليات ولدينا غرفة انعاش نتابع فيها حالة الطفل الخديج فاذا شاهدنا وتتبعنا نفسه جيدا سنستطيع عندها اخراجه اما اذا كان نفسه غير مستقر او يعاني البعض من تشوهات فسنضعه تحت المراقبة ونقوم باعطاء الاوكسجين واذا لم يستجب سنعطيه السي باب الى ان تتحسن حالته بالاضافة الى العلاجات الاخرى كالمضادات الحيوية والفيتامينات والمغذيات بحسب الحاجة التي تقتضيها صحة كل طفل وهناك حالات منها خديج غير متكامل وتكون حالته صعبة فنلاقي بعض الصعوبات ليس في العلاج وانما بحالة الطفل ولكن الكثير من الاطفال كانوا يستجيبون للعلاج.
استقرار الحالة الصحية شرط تسليم الطفل لذويه
فيما يضيف ايضا حسن متعب موسى مسؤول الخدج المعقم ابرز ما يتعلق بقسمه قائلا توجد مراقبة دقيقة من الطبيب للحالة الحرجة ويوجد انعاش طفل اسمه ( R C U ) والطفل لا يسلم لأهله الا اذا استقرت حالته الصحية حتى حين المطالبة باستلامه على مسؤوليتهم الخاصة حفاظا على صحة الطفل اما الحاضنات فيها تحكم برفع درجات الحرارة حسب وزن الطفل من سبعة اشهر الى الطفل الكامل بالاضافة الى العلاجات الخاصة كالمغذي وتوسيع القصبات والانتي بايتك, كما ان الخدج مجهز بالكامرات داخل وخارج الخدج وما من طفل يدخل الخدج الا و موجود سوار يوضع في قدمه يكتبون فيه اسم الام واسم الطبيبة في اول خروجه من الرحم ويؤكد مسؤول الخدج بان الخدج المعقم لا يدخله من لا يلبس الكاون والشوت ونمنع اي شخص من الدخول للحفاظ على صحة الطفل والكاون هو بدلة خاصة كبدلات العمليات يلبسها الطبيب او الممرض اثناء دخوله للخدج المعقم.
ويؤكد الطبيب المختص الدكتور باسم هادي حديثه حول متابعة الطفل مابعد الخدج مشيرا بان متابعة الطفل بما انه خرج من الخدج وليد جديد يحتاج الى جو معتدل ومعقول وان لا يكون جوا باردا ولا حارا فكلا الحر والبرد الزائد يؤذي الطفل.
اجراءات لاستلام وتسليم الخدج
ويخضع استلام الطفل وتسليمه من الخدج المعقم لاجراءات عدة وضوابط عدة منها ما يوضحه احمد عبد الامير جريو وهو ممرض فني في الخدج المعقم حيث يشير بقوله نحن نبدأ حين وصول الطفل من صالة العمليات او صالة الولادة الطبيعية و لدينا غرفة انعاش واعطاءه اللقاحات الاربعة بي سي جي وشلل الاطفال والكبد وكل طفل يصل لجناح الخدج نعطيه من هذه اللقاحات وحسب الوزن لكن اذا كان اقل من كيلوين لانعطيه اي من هذه اللقاحات
اما طريقة التسليم فيبين ايضا احمد جريو بان تسليمه يكون لذويه من الدرجة الاولى وهما الاب والام وبالامكان جدة الطفل ان تعذر ذلك ثم نقوم باخذ جنسية الاب والام وبشرط وجود عقد الزواج وتوقيع الاب ومعلوماته واسمه واسم الام ووزن الطفل فالمستمسكات مهمة لانها تثبت حق الطفل والمصداقية تكون موجودة اذ لا يمكن تسليم الطفل دون وجود المستمسكات الرسمية, كما ان المرحلة الاخيرة من الاجراءات هي اعطاء ورقة اللقاحات التي اخذها الطفل بختم المستشفى والخدج المعقم وورقة للبيان وورقة باب الخروج للمستشفى حتى تدقق بشكل اكبر منعا للاشتباه او التبادل .
وبعد ما عرفنا ما يمر به الطفل من مراحل علاجية في الخدج المعقم واسباب تزايد الاطفال فيه فان الأطفال الخدج يكونون في وحدة عناية خاصة بهم في المستشفى والتي تسمى بالخدج المعقم و ذلك لمراقبة اوضاعهم الصحية ولان الطفل الخديج لم تتح له الفرصة لبناء اجهزة جسمه الداخلية بصورة كاملة فيعاني من نقص نمو في الجهاز الهضمي او التنفسي او تنظيم حرارة الجسد و تنظيم نبض القلب و ضغط الدم في الجسم. و لتجنب خسارة الطفل الخديج يتم وضعه في حاضنات تؤمن له درجة حرارة مناسبة لجسده كما يتم تزويدها إذا دعت الحاجة بأجهزة مراقبة نبضات القلب و اجهزة للمساعدة على التنفس فيما يعمل الاطباء على اجراء العديد من الفحوصات للأطفال الخدج للتأكد من سلامتهم و تعتمد الفترة التي يمكث فيها الطفل في الحاضنة على نمو الاجهزة الداخلية فالاطباء لن يسمحوا للاهل باخراج ابنهم في حال شكل الأمر خطورة على حياته و إنّ الطفل الخديج يحتاج إلى عناية اكبر من المولود الطبيعي, واخيرا عرف احمد وزوجته الخدج المعقم واستلما ابنهما الذي طال انتظاره.
نشرت في الولاية العدد 109