شارع المدينة بين الاصالة والتجديد

ارشد رؤوف قسام

شارع حيوي تدب الحياة فيه يوميا من الصباح حتى المساء في حركة لا تعرف السكون ومنذ ان خط كشارع خارج اسوار المدينة الحصينة النجف الشريف قديما… حتى كان محط رحال القوافل التي كانت تصعد للمدينة قادمة من البادية وأطرافها والبلدات المجاورة وكانت مناخا لأبلهم التي كانت تستريح في (المناخة) أكثر من أي مكان أخر وسبحان الله كانت تتجدد حيويتها في هذه المبروكة وكأنها تستنشق هواء قد لفح القبة والمأذنتين في الجوار فتعطر المكان بأنسام يبحث عنها كل الخلائق حتى الجمال.. أنه شارع المدينة هذا الشارع القديم بقدم المدينة والجديد المواكب لتطورات الزمن.
يمتد هذا الشارع من نقطة التقائه بشارع ابي صخير المعروف وينتهي بالنزلة المؤدية للجدول أو منطقة المدابغ التي كانت تعرف عند أهل النجف واذا اردنا التحديد وبلهجة النجفيين فيقال حدود شارع المدينة من (ابو الآش) الى (المحولة) وهذه علامات شاخصة الى يومنا هذا… طول الشارع يبلغ (1765مترا) يتفرع منه (19)فرعا على اليمين للذاهب باتجاه بحر النجف و(21) فرعا على جهة اليسار وهذه الأفرع متقابلة تماما وبصورة هندسية متناظرة تماما وفرق الفرعين هو امتداد ساحة اعدادية النجف فتلغي فرعين فيها بينما على الجهة المقابلة هناك فرعان مفتوحان من شارع المدينة باتجاه شارع حنون.. كما ويحد شارع المدينة مناطق معروفة منها منطقة الجديدات ومنطقة حنون ومنطقة الجمهورية وحديقة غازي ومنطقة خان المخضر والمناخة والنزلة ومنطقة الشوافع وتقاطع شارع الهاتف (الفلكة) ومدخل شارع الرسول.
ومن ابرز معالم هذا الشارع جامع الجوهرجي (مسجد ومدرسة داخلية ومستوصف) وقد شيد هذا الصرح الحاج محمد صالح الجوهرجي واكتمل بناءه في عام 1961 وكذلك جامع الرحباوي الذي يقع في تقاطع شارع الهاتف مع شارع حنون والذي شيده الحاج عباس الرحباوي عام 1960 ولكن كان قبله مدرسة دينية ومسجد ايضا شيده الحاج عباس الرحباوي عام 1955 يقع في الجهة المقابلة له تماما اي بجهة شارع الهاتف.. وهناك ايضا مسجد قديم وهو مسجد ال حبل المتين ويقع قرب مدخل شارع الرسول وكذلك يوجد مسجد المدينة المنورة ويقع بعد الفرع الثاني من جهة شارع ابو صخير ويعتبر مسجد قديم ومنذ نهاية الخمسينات وتوالت تعميرات عليه لاحقه وصولا ليومنا هذا كما توجد عدة مساجد صغيره ومتفرقه على طول الشارع كما ان هناك حسينيات ومدارس مختلفة اذكر منها الحسينية والمدرسة الباكستانية وأمثالها العديد كما وتنتشر اليوم المواكب العديدة التي تقيم نشاطاتها على طول السنه في وفيات ومواليد المعصومين عليهم السلام والنشاط الأكبر في محرم وصفر ومن هذه المواكب موكب هيأة شباب شارع المدينة وموكب هيئة شباب الإمام علي عليه السلام وغيرها.
ان تبليط هذا الشارع جاء متأخرا إذ كان تبليطه أول مرة في نهاية الستينات او بداية السبعينيات من القرن الماضي وأعيد تبليطه بعد تلك الفترة بسنوات قليلة وبنيت أرصفه نظامية له أيضا..
ومن المعالم الأخرى في هذا الشارع هو القنصلية الإيرانية التي كان لها باب مدخل من شارع المدينة وباب أخرى من الجهة الخلفية وموقع هذه القنصلية هو قرب مدخل شارع الرسول اي قرب مسجد ال حبل المتين وكما أسلفنا … من معالم هذا الشارع كان فيه مدخل (فرع) يؤدي الى حديقة غازي التي تسمى اليوم الحديقة وسوق الحديقة وقرب هذا الفرع هناك زقاق صغير عرضه لا يتجاوز الخمس مترات أشتهر في فترة من الفترات كونه سوقا للطيور..
وكانت هناك ايضا في هذا الشارع دائرة الكمرك مقابل مركز شرطة الغري اليوم وهو ايضا ركن وبعد ان انتقلت دائرة الكمرك شغل مكانها مقهى تسمى (كهوة فليح صميدح) وبالفرع كان محل عدد يدويه وانشائية لعبد الواحد عبطان (ابو نجم) وكذلك من شواهد هذا الشارع هو اعدادية صناعة النجف والتي سميت لاحقا اعدادية الكوثر المهنية ومن الشواهد المهمة ايضا (ملعب اعدادية النجف) وكانت الساحة الخلفية لإعدادية النجف ومتوسطة النجف للبنين وكانت حافلة بالمناسبات الكروية على مستوى المدينة وقد لعب على ارضها التي لم تفرش بالثيل كبار اللاعبين العراقيين أمثال عمو بابا وغيره وتحولت هذه الساحة اليوم الى مجمع تجاري استثماري .
وتعدّ منطقة المناخة في هذا الشارع اساسه ومبتداه وعنوان بقائه، ومرت فترات مختلفة على هذا الشارع تنوعت فيه المهن المختلفة ونشطت انواع من الحرف وتلاشت أخرى وهكذا تنوعت المجاميع التي ترتاده وفقا لذلك فمثلا في السبعينات وما تلاها انتعشت المقالع ومعامل الطابوق التي انتشرت في بحر النجف والنزول لها من مقتربات شارع المدينة فكانت للمطاعم ومحلات الغذائية دور كبير وقد كانت تفتح هذه المحال ليلا ونهارا وفي فترة اشتهرت محال بيع الحطب وتأجير قدور الطبخ ومستلزماتها وفي فترات اشتهرت محلات صنع الخيم والجوادر ومتطلباتها وغيرها.
ويعد اليوم هذا الشارع العصب التجاري للمدينة وكذلك هو الرئة الاقتصادية المهمة والتي يتنفس منها عدد كبير من النجفيين تجارا وكسبة حيث فيه حركة تجارية واسعه تشمل تبضع لعدد من المدن والمحافظات المجاورة اذ توجد محلات تعرض بضائع بالجملة للمواد الكهربائية المختلفة مثل الأجهزة ومواد التأسيس وأسلاك الأمداد والسيطرات الكهربائية وكذلك المعدات الميكانيكية والعدد اليدوية والمواد الإنشائية المختلفة وغالبا ما يكون الشارع مزدحما بالسيارات لكثرة مستخدميه وتعدد المناطق التي ينفذ من خلاله اليها.. كما وانتشرت على طول هذا الشارع فنادق عديدة وبخاصة في القسم القريب من المرقد الطاهر لأمير المؤمنين عليه السلام.. ونعدكم قرائنا الأعزاء بقراءة أخرى لهذا الشارع الحيوي وبمعلومات مشوقه وفي عدد قريب قادم.

مقالات ذات صله