الإدراك الحسي وترجمة العقل للمحسوسات

د. امل عبيد السلطاني

الإدراك الحسي من العمليات العقلية التي تساعد الفرد على معرفة ما يدور حوله، وتساعده على اشباع حاجاته الاساسية والثانوية، يعرف الانسان بواسطته الأخطاء التي قد تودي بحياته، او تقلل من فرص نموه واستقراره، يعرف الادراك الحسي بانه العملية التي تشير الى استخلاص وتنظيم وتفسير البيانات التي تصلنا من البيئة الخارجية والبيئة الداخلية بوساطة الحواس.
الإدراك الحسي عملية تأويل وترجمة العقل للمحسوسات التي تنتقل إلى الدماغ على شكل رسائل مرمزة ماهيتها نبضات كهربائية تسري عِبرَ الأعصاب الحسية التي تصل ما بين أعضاء الحس والدماغ، والإدراك الحسي ما هو إلا استجابة كلية لمجموعة التنبيهات الحسية الصادرة عن موضوعات العالم الخارجي ، وهو في الوقت نفسه استجابة تصدر عن الكائن الحي بكل ما له من ذكريات وخبرات واتجاهات وميول، لكي يتم إدراك العالم الخارجي لا بد من وجود الحواس ووعينا بالعالم الخارجي يعتمد كلياً على نشاط اعضاء الحس، لذلك لا بد من أن تكون أعضاء الحس سليمة، لكي ندرك إدراكاً مباشراً، فاذا لم تكن سليمة فشل الفرد تبعاً لذلك في وعيه المباشر بالعالم الخارجي المحيط به، والإحساسات هي المواد الاولية التي لا يتم الادراك إلا بها.
حصر العلماء الحواس في سبع حواس متميزة، فالبصر، والسمع، والتذوق، والشم، واللمس، تعد حواساً ظاهرة، والحاستان اللتان تكشفان حركات الجسم نفسه هما حاسة الحركة والحاسة الدهليزية (حاسة التوازن). وتعتمد حاسة الحركة على أدوات الاستقبال في العضلات والأوتار والمفاصل، فتنبئ الانسان بالوضع النسبي للجسم عند الحركة، اما الحاسة الدهليزية فهي حاسة التوازن، فتخبر الانسان بالحركة والتوجيه لكل من الرأس والجسم بالنسبة للأرض، ويستعمل الانسان المعلومات الواردة للجهاز الدهليزي مع المعطيات الواردة بوساطة حاستي البصر والحركة لتوجيه نفسه في المكان، يحدث الاحساس عندما يستقبل عضو الحس مثيراً ما أو تنبيهاً معيناً من البيئة الخارجية أو الداخلية وأن الإحساس بهذا المثير بمعزل عن المثيرات الاخرى، ويمكن وصفه بانه ميكانزم الاختيار الذي ينظم عملية الانتباه، وأنه فعّال عند استقبال المعلومات من عضو الحس وعند تخزين وتفسير المعطيات الحسية، هذا التحليل او التفسير للمحسوسات يتم بوساطة المخ وهو ما اصطلح على تسميته الإدراك الحسي.

الإحساس والإدراك الحسي
الاحساس هو ما يتكون لدينا من خبرة نتيجة تنبيه الخلايا العصبية الكائنة في إحدى مناطق الدماغ الحسية، في حين أن الإدراك الحسي هو الإحساس مضافاً إليه الخبرة الناجمة عن تنبيه الخلايا العصبية الموجودة في المناطق الارتباطية، فالإدراك الحسي هو الإحساس المعزز بالذكريات وبالصور العقلية المستمدة من الخبرة الماضية، وعليه فالنظام الحسي يكشف المعلومات ويحولها الى نبضات عصبية ويرسل معظمها إلى المخ بوساطة الانسجة العصبية، ويقوم المخ بدور رئيس في تجهيز المعلومات الحسية.
يعد الإحساس أول مرحلة من عملية الادراك ويعد الادراك الحسي المرحلة الثانية التي فيها يتشكل التمثيل الداخلي للمادة، وتعد المرحلة الثالثة هي التعريف أو المعرفة إذ تحدد المعنى للمدرك الحسي، هذا فالإدراك الحسي خطوة ارقى من الاحساس في سلم التنظيم العقلي المعرفي لان الاحساس مجرد رؤية الصورة او سماع كلمة او شم رائحة، في حين إن الإدراك الحسي هو اضفاء معان على الصورة الحسية البصرية والسمعية والشمية بعد اتصال هذه الاحساسات بالجهاز العصبي المركزي.
مراحل الادراك
هناك مراحل متشابهة أساس متفق عليه في عملية الادراك الأولى: تتألف من مرحلة الادراك المبهم وهي المعرفة الاولية بما هو موجود في بيئة الفرد.
والثانية: مرحلة إدراك ما هو كائن في المجال الحسي والبصري وفي هذه المرحلة تغلب على خصائص الشمول.
والثالثة: هي مرحلة التخصص في الإدراك اذ يكون الفرد المدرك على وعي تام بما يريد إدراكه إدراكاً محدداً بعد ان يستبعد المثيرات الثانوية في مجال إدراكه.
أما المرحلة الرابعة: فهي التحديد وتفهم المعنى لما هو مدرك ، ففي هذه المرحلة يتم استيعاب المدركات البصرية على صورة أشياء موضوعية ويحدث الإدراك نتيجة تنبه لمجموعة من المحسوسات المرتبطة بعضو من أعضاء الحس, إن أي فرد ينمو بوساطة تفاعله مع محيطه الخاص والوحيد من نوعه مجموعه محددة من الادراكات، لكي تعالج بها التنوع اللامتناهٍ من الصور الشبكية الممكنة التي يتلقاها باستمرار، وعلى اساس خبرته ستكون افتراضاته عن كيفية بناء واقعه وهذه الافتراضات هي التي تحدد ما سوف يدركه.

نشرت في الولاية العدد 123

مقالات ذات صله