م. هاشم محمد الباججي
يعرف الكسل هو حاله من التراخي، وعدم الرغبة في العمل والحركة ، وهو ناتج عكسي للنشاط والعطاء، فالشاب الكسول المتقاعس او المتباطئ عن الإنتاج النافع يقوم بقتل الوقت، على الرغم من أنه في بعض الحالات قد يكون موهوباً، لكنه في الوقت نفسه يهمل هذه الموهبة ويترك الخمول يسيطر عليه ، فضلاً عن ذلك أنه قد يملك الفرص للعمل والابداع لكنه لا يقوم بالاستفادة منها.
ومن أهم مؤشرات بوادر الكسل كثرة النوم وكثرة الأكل وقلة الحركة، زيادة على ما فعلته التكنولوجيا الحديثة التي شجعت على قله الحركة وقتل ساعات من الوقت الثمين على الالعاب او مواقع التواصل الاجتماعي ، فمثلا أصبحنا الآن نستعمل جهاز التحكم عن بعد للتلفاز وعدد من الأجهزة السمعية والبصرية والكمبيوتر الخاص، فضلاً عن تناول الوجبات السريعة، واعتمادنا على السيارة في جميع تنقلاتنا.
وقد كنا في الماضي القريب نسمع بكلمة الكسل ونعدها من الظواهر التي تطلق على الصغار في المراحل الدراسية، بسبب عدم تحضير دروسهم و واجباتهم وهذا ما يؤدي الى شكوى المعلمين وأولياء الأمور من كسل طلابهم وأبنائهم، الأمر الذي يقابله التأنيب والتقريع ، وفي كثير من الأحيان العقاب والحرمان ، ويؤكد التربويون في دراساتهم أن الطفل قد يرفض الانقياد لأوامر غير مقنعة أو يكره التعاون في بعض الأوقات ، فهذه الحال ليست من باب الخمول ولا الكسل، وإنما من اضطراب أو أعراض يجب البحث عن أسبابها، فمن الخطأ التعجل بوصف الطالب بذلك، دون السعي إلى فهمه والبحث عن الأسباب المحتملة للحالة المزعومة.
وتلك حالة يمكن السيطرة عليها وتقويمها بسهوله ، لكن ظاهرة كسل الشباب من الامور الملفتة للنظر في الوقت الحاضر ، فغلى الرغم من تمتع الشاب بكامل طاقاته وجسمه القويم الا انك تراه مصاباً بالخمول والكسل وحبه لكثرة النوم والاكل والتوجه للدعة والراحة وعدم التعب.
وقد كشفت بعض الدراسات أن الخمول البدني كان سبباً في وفاة الكثير من البشر في مختلف أنحاء العالم، بسبب خلو حياتهم من أي نشاط بدني ، ففي بريطانيا كانت 17% من الوفيات بسبب الخمول البدني ،وفي اليونان 4.2%، أما في الولايات المتحدة، فكانت نسبة الوفيات 10.8%، وكانت مالطا صاحبة أعلى نسبة في الوفيات الناجمة عن مضاعفات الخمول البدني، إذ بلغت نسبة الوفيات 19.2%، وكانت نتائج الدراسة قد أشارت إلى تصدر مالطا القائمة بنسبة 72%، تلتها سوازيلاند بنسبة 69%، ثم السعودية بنسبة 68.3% وصربيا بنسبة 68% وبريطانيا بنسبة 63.3%.
وهناك اسباب مهمة لظاهرة الكسل ولاسيما عند الشباب لعل أهمها :
الأسباب الجسدية ، وتتعلق بصحة الشباب الجسمية ونموه الحركي والمعرفي ، ومن الممكن أن تكون بعضها حالات عابرة، ولاسيما تلك التي تصيب فترة من العمر كالاضطرابات الفيزيولوجية لمرحلة المراهقة، أو الإرهاق الوقتي، أو نقص النوم مثلاً.
الأسباب التربوية ، التي تتعلق بالمحيط التربوي، فقد تكون طرق التدريس رديئة أو غير فعالة، فلا تجعل العمل مثيراً للاهتمام ، مما يؤدي إلى انصراف الطلبة عنها، وقد تكون البرامج التعليمية والمناهج مزدحمة وثقيلة وفوق طاقتهم، أو قد تكون الصفوف مكتظة ومزدحمة بالطلبة، أو تعود إلى أن المعلمين ليس لديهم خبرة تربوية و سيكولوجية.
الأسباب العاطفية والاجتماعية ، وهذه الاسباب تتعلق بالعائلة والمجتمع، مثل الاضطراب العاطفي، كالقلق أو المعارضة أو الشك بالذات، أو الشعور بالنقص أو الخوف من ملامة الآباء والمعلمين أو عقوباتهم.
وهناك اسباب كثيرة للكسل والتقاعس او التباطؤ والتلكؤ بالعمل بعضها خاصة وبعضها عامة .. ، ولكن يمكن التغلب على الكسل بعدة خطوات تكون واقعية وللتغلب على هذه الحالة الطارئة ، منها:
-العمل على إيجاد أجواء منزلية ومدرسية تشجع الاجتهاد وتهيئ المناخ الصحي الذي يقبل الأخطاء وينتقدها برفق ، فالسماحة أساس السعادة والغلظة طريق البلادة.
-العمل بالترغيب على المبادرات الذاتية، بوساطة التحدث عن فضائل الأعمال لتوليد الحرص، ولكي ينتقي الشاب الأنشطة التي يجيدها وينجذب اليها.
-إشراك الشاب الكسول في أنشطة قصيرة يجيدها، وتحفيزه ذاتياً لأداء أعمال أكبر تدريجياً.
-تنفيذ المشاريع الجماعية في المدرسة والعمل وبين الاصدقاء، فالعمل الجماعي يعطي المزيد من الدافعية.
-انتقاء عبارات جميلة وقصيرة ومحببة في الإرشاد وبعث النشاط.
زيادة على ذلك لابد من بيان خطر الكسل على صحة الإنسان، ومستوى المعيشة، والإنتاج ، فلابد من تعليم الشاب ان الذي يتكاسل عن العمل والدراسة وعدم الاهتمام بتنظيم شؤون حياته حتى الصغير منها كتنظيم وجبات طعامه أو تنظيف أسنانه بصفة دائمة، سيؤدي هذا مستقبلا الى آفات كثيرة من شأنها مستقبلاً أن تضع على كاهله وكاهل الأسرة والمجتمع والدولة أعباء بشرية ومادية كبيرة ، وبدلا من ان يكون شابا منتجا مفيدا ، سيكون بالتأكيد اذا استمر على كسله عبئا على مجتمعه وعائلته وعلى نفسه ايضاً.
نشرت في الولاية العدد 125