اعداد: عبد الحسن هادي
تحوي محافظة النجف الاشرف على اثار قيمة وحضارية تدل على جهد تراثي ملحوظ لأبناء هذه المدينة، ومنها بناء الأسوار الستة للمدينة وكذلك المراقد المقدسة والمساجد الموجودة في ضواحيها، فضلا عن عدد من الآثار، ومن هذه الآثار قلعة تدعى خان (الشيلان).
تاريخ الخان: شيد هذا الصرح التراثي في أواخر العهد العثماني سنة 1899م ووجوده في شارع الخورنق وسط مدينة النجف الأشرف القديمة، وبالتحديد في محلة البراق عند نهاية الطرف الشرقي لها، وله تاريخ قديم يمتد إلى بدايات القرن التاسع عشر الميلادي.
ويتألف خان الشيلان، الذي بني على أرض مساحتها 1500 متر مربع، من قبو وطابقين علويين بغرف كثيرة ومتداخلة، تتقدمها أواوين مقوسة، بنيت بأسلوب معماري جميل، وعلى الجدران نقوش وزخارف إسلامية، أما السقوف، فمبنية على شكل أقواس من الطابوق والآجر.
اختلفت الروايات حول من بناه، حيث يرى بعض المؤرخين أن هناك روايتين حول الشخص الذي بنى هذا الصرح التاريخي حسب روايات أهل المدينة:
الأولى: انها بنيت عن طريق شخص يدعى الحاج (معين)، والثانية: شخص يدعى أغا محمد البو شهري، وكان الغرض والهدف من بنائه هو إيواء الزائرين القاصدين مرقد الإمام علي (عليه السلام) حيث لم تكن الفنادق ودور الضيافة مقامة في المدينة القديمة التي كانت تقتصر على أربعة أحياء فقط هي البراق والمشراق والعمارة والحويش، وبمرور الزمن ازدهرت الفنادق فأصبح هذا الخان معلما حضارياً آثارياً، وعند الغزو العثماني للعراق اتخذت الحكومة العثمانية هذا الخان مقراً حكومياً لإدارة النجف الأشرف وتسيير الأمور الإدارية والعسكرية فيها. وبعد الضعف الذي حل بالسلطة العثمانية والهزيمة التي لحقت بها من قبل القوات البريطانية، استغل أهالي النجف الأشرف الوضع وسيطروا على الخان وأقاموا فيه حكومة أهلية امتدت لسنتين وبعد سيطرة الجيش البريطاني على العراق تحولت تبعية الخان إلى القوات البريطانية ليستخدم الخان ثكنة للجيش البريطاني ومعتقلا لأغلب الشخصيات الثورية.
شهد خان الشيلان عند اندلاع ثورة العشرين 1920 (ضد الإنكليز) حدثا كبيرا، إذ أودع فيه العديد من الضباط البريطانيين والجنود الإنكليز والهنود ممن وقعوا أسرى بيد الثوار في معركة الرارنجية شمال شرق مدينة النجف الأشرف وان 80 من الأسرى كانوا بريطانيين، بينهم ضابطان، فضلا عن 66 هنديًّا بين مسلم، ووثني، وسِيخِيّ ووصل عدد الأسرى إلى 167 أسيراً بعد أن أضيف لهم أسرى آخرون.
بسبب هذه الاحداث ولسوء الاستخدام انهار احد القوسين الكبيرين للخان وتسبب في تشويه كبير لهذا المعلم الأثري الذي يختزل الكثير من تاريخ المدينة الثقافي والسياسي.
وبعد سقوط النظام البائد عادت ملكية خان الشيلان إلى دائرة آثار النجف الأشرف وتحول خان الشيلان إلى متحف لمدينة النجف الأشرف.
نشرت في الولاية العدد 89