الحاج حسن الظالمي
أرسل عمر بن سعد رأس الحسين(عليه السلام) مع خولي بن يزيد الأصبحي إلى ابن زياد(1) ومعه حمد بن مسلم، اما باقي الرؤوس فقد امر ابن سعد بها فنظفت وسرح بها شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الاشعث وعمرو بن الحجاج بالكوفة(2) ثم سار ابن سعد بعيال الحسين(عليه السلام) ونسائه في اليوم الحادي عشر من المحرم الى الكوفة فوصل اليها في اليوم الثاني عشر من المحرم، وهنا نذكر مراحل وحوادث الركب الحسيني من السبايا التي ارسلت الى الشام من كربلاء حتى رجوعها الى المدينة.
1. يقول الشيخ المفيد: بعد سفر عمر بن سعد خرج بنو اسد وصلّوا على القتلى ودفنوا الحسين(عليه السلام) واصحابه في اماكنهم الحالية(3)، ومن المعروف ان الأجساد دفنت في اليوم الثالث عشر من المحرم من قبل بني اسد بمساعدة وارشاد الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) الذي جاء من الكوفة لدفنهم.
2. يقول الشيخ محمد مهدي الحائري في معالي السبطين 2/54 وقد وضعت الرؤوس قبل ان تدخل الكوفة في مسجد القائم المائل (الحنانة) وقد امر ابن زياد فطيف برأس الحسين (عليه السلام) في أزقّة الكوفة وسككها، وسمع زيد بن ارقم رأس الحسين (عليه السلام) وهو يقرأ (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا){الكهف/9}(4).
3. كتب ابن زياد يخبر يزيد بمقتل الحسين(عليه لسلام) ويطلب امره فيهم، وكان هذا الرسول هو ابن قيس الذي جدّ في السير حتى دخل على يزيد فأمره بانفاذ الأسارى والرؤوس اليه(5)، يقول ابن الأثير: ان آل الحسين حين وصلوا الى الكوفة حبسهم ابن زياد وارسل الى يزيد يخبره، ثم جاء البريد يأمر ابن زياد بارسالهم الى دمشق(6).
4. امر ابن زياد بحمل الرؤوس مع عيال الحسين الى الشام على محامل بغير وطاء (7)وكان معهم ابن ثعلبة العائذي الذي سلمه ابن زياد الرؤوس والأسرى، وكان معه شمر ابن ذي الجوشن فلحقوا بالقوم الذين معهم الرأس، يقول ابو مخنف: كان مع مختصر ابن ثعلبة الف وخمسمائة فارس، وكان معه شبث بن ربعي وآخرون(8)، وذكرت المصادر التاريخية ان الجيش الذي ارسل معه السبايا والرؤوس سلك الطريق السلطاني وهو الطريق الذي ذكره الميرزا النوري في كتابه اللؤلؤ والمرجان(9)، وهو ما أكده الشيخ محمود قانصوه بالقول: لا بد أن الرأس الشريف قد سار بالطريق المتعارف الذي كان يربط الكوفة بدمشق، وقد مروا بالمدن التي كانت تمتد على طول الطريق وعدّ اولها تكريت(10).
وفي الكامل للبهائي: انهم نقلوا الرؤوس من شرق الجصاصة ـ قرب الكوفة ـ الى مسجد النقطة والى وادي النخلة(11).
ولنعد مع السبايا من كربلاء.
5. دير عروة: وهو لراهب نصراني ـ لعله قرب بغداد حاليا ـ فقال لهم النصراني رأس من هذا؟ فقالوا: هذا رأس الحسين، فلما سمع سكان الدير ضربوا النواقيس وقالوا: انا برئنا من قوم قتلوا ابن بنت نبيهم(12).
6. ثم وصل الركب الحسيني الى تكريت، يقول ابو مخنف: فلما ساروا من شرق الجصاصة كتبوا الى عامل تكريت ان تلقَّنا فان معنا رأس رجل خارجي، وأمر بالأعلام فنشرت والابواق فضربت والمدينة فزينت(13)
7. ثم ساروا حتى وصلوا الى وادي نخلة، وكانت مدينة عامرة بأهلها وباتوا فيها(14)، يقول الحائري ثم وصلوا الى وادي نخلة في منطقة لينا وكانت عامرة بالناس(15).
8. ثم وصلوا الى دير لرجل نصراني ودفع لهم عشرة آلاف دينار اجر مبيت الرأس عنده وقد أسماها الشيخ الطبسي منطقة (برهاباد)(16) وأسماها البهائي في الكامل منطقة جهينة في نواحي الموصل(17).
9. ثم وصل ركب الحسين (عليه السلام) الى الموصل بعد ان انفذوا الى عاملها ان تلقّنا، فزينت المدينة ونشرت الأعلام وخرج الوالي وتلقاهم على بعد ستة اميال، فلما تحققوا أنه رأس الحسين اجتمعوا وتحالفوا ان يقاتلوهم ويأخذوا منهم الرأس ويدفنوه عندهم فلما سمعوا بذلك لم يدخلوا المدينة وأخذوا الطريق الخارجي الى تلعفر(18).
10. ثم وصلوا الى تلعفر ومنها الى سنجار قال ابو مخنف: ان الركب الحسيني لم يدخل الموصل وأخذوا الى تلعفر ثم جبل سنجار(19).
11. ثم وصل الرأس الشريف والسبايا الى نصيبين فنزلوا، ونشروا الرأس والسبايا وقد زينت المدينة ونصبوا الرأس في وسطها(20).
12. ثم وصلوا الى عين الوردة، فخرج عاملها وتلقاهم، وضربت الأبواق ونصبوا رأس الحسين (عليه السلام) في الرحبة من الظهر الى العصر وأهلها قسم يضحكون وقسم يبكون(21).
13. ثم وصلوا الى قنسرين، فأغلقوا الأبواب عنهم وجعلوا يلعنونهم ويرمونهم بالحجارة فرحلوا عنهم(22)، وفيها جاءهم راهب ودفع لهم مبلغ عشرة آلاف دينار لبقاء الرأس عنده وقد أسلم امام الرأس الشريف(23).
14. ثم وصلوا الى حلب، وفيها مسجد السقط، وهو ولد للحسين(عليه السلام)، اسقط هناك اسمه محسن، ثم وصلوا الى جبل غربي حلب فقطرت من الرأس قطرة فعمروا هناك مسجدا وهو مسجد النقطة(24).
15. ثم وصلوا الى معرة النعمان، فاستقبلوهم وفتحوا الأبواب لهم وقدموا الأكل والشراب(25).
16. ثم وصلوا الى كفر طاب، وكان حصنا صغيرا فأغلقوا عليهم بابه ولم يسقوهم الماء ولم يستقبلوا جيش يزيد(26).
17. ثم أتوا (سيبور) وكان فيها شيخ كبير اخبرهم بانه رأس الحسين(عليه السلام) فقالوا: والله لا يجوز مدينتنا، وحدث قتال مع حملة الرأس، ودعت لهم ام كلثوم(عليها السلام) وقالت: عذب الله اشرافهم(27).
18. ثم وصلوا الى حماة فأغلقت الأبواب في وجوههم، وبالقرب من حماة مسجد يسمى مسجد الحسين(عليه السلام)(28)
19. ثم وصلوا الى حمص وكان أميرها خالد بن النشيط، فأمر بالأعلام فنشرت وزينت المدينة وشهروا الرأس ودخلوها، لكن الناس رموهم بالحجارة واغلقوا الأبواب في وجوههم(29).
20. ثم وصلوا الى بعلبك فزينت ونشرت الأعلام فدعت عليهم أم كلثوم(30).
21. ثم وصلوا الى دمشق عاصمة الخلافة الأموية وبقوا على مشارفها حتى اذن لهم فدخلوها في اليوم الأول من صفر وقد ادخل الرأس على يزيد(31).
22. ثم في اليوم الخامس من صفر أمر يزيد بإعادتهم الى المدينة مع النعمان بن بشير (32)، يقول ابن نما في مثير الأحزان:1/82 ان عيال الحسين طلبوا المرور بكربلاء ولما مروا بها وجدوا جابراً الأنصاري وجماعة قدموا لزيارة الحسين (عليه السلام) فتلاقوا في وقت واحد(33)، ثم انهم لم يمكثوا كثيرا حتى عادوا الى مدينة جدهم النبي (صلى الله عليه وآله).
___________________________
الهوامش:
1. روضة الواعظين، النيسابوري: 181.
2. الكامل في التاريخ، ابن الأثير: 3/298.
3. الارشاد: 114.
4. الارشاد: 115.
5. الكامل في التاريخ: 3/198.
6. مقتل الخوارزمي: 2/55.
7. ن.م: 2/55.
8. مقتل ابي مخنف: 119.
9. وقائع الطريق، الطبسي: 5/86.
10. ما بعد كربلاء: محمود قانصوه: 33.
11. مقتل ابي مخنف: 119.
12. المناقب، ابن شهر آشوب: 4/62.
13. قصة كربلاء: 481 نظري منفرد.
14. ما بعد كربلاء، محمود قانصوه: 483.
15. معالي السبطين، الحائري: 2/56.
16. وقائع الطريق، الطبسي: 5/68.
17. معالي السبطين، الحائري: 2/56.
18. الطبسي، وقائع الطريق: 5/86 نفس المهموم: 427.
19. مقتل ابي مخنف: 123.
20. ن.م 123، معالي السبطين: 20/65.
21. ما بعد كربلاء، قانصوه: 40، معالي السبطين: 2/65.
22. وقائع الطريق، الطبسي: 5/86.
23. مقتل ابي مخنف: 124.
24. ما بعد كربلاء، محمود قانصوه: 63.
25. معالي السبطين، الحائري: 2/70.
26. مقتل ابي مخنف: 127.
27. قصة كربلاء، نظري منفرد: 483.
28. قصة كربلاء: 484.
29. ما بعد كربلاء: 63 محمود قانصوه.
30. الإمام الحسين في بحار الأنوار: 335.
31. مقتل الخوارزمي: 2/55.
32. معالي السبطين: 2/76.
نشرت في الولاية العدد 76