علي الوائلي
لا تسمو الأمم إلا بالعلم والمعرفة، وان عظمة الأمة بعظمة علمائها، وإن الأمة التي تقدر علماءها هي أمة واعية، لأنها عرفت واجبها فعملت به، وأعظم تقدير للعالم والمثقف والأديب: طبع نتاجه ونشره.
ومن هنا تنبثق أهمية معرض الكتاب الدولي الذي حرص قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العلوية على اقامته بمستوى عالمي، في خطوة تجعل من الكتاب سفيرا يجمع المتباينات ويقرب المتباعدات بما يخدم المسيرة الإنسانية.
وهاهي العتبة العلوية كانت ولم تزل سبّاقة لخوض غمار هذا البحر المعرفي الواسع، وتؤسّس في كلّ عام تظاهرة ثقافية من أجل إبراز الدور الكبير الذي تمتاز به مدينة النجف الأشرف.
انطلقت فعاليات معرض العتبة العلوية الدولي السادس للكتاب بتاريخ 7/3/2014 وقد حضر حفل الافتتاح الامين العام للعتبة العلوية المقدسة الشيخ ضياء زين الدين واعضاء مجلس ادارة العتبة ورؤساء اقسامها فضلا عن مشاركة العلامة السيد محمد بحر العلوم وعدد من الفضلاء والمسؤولين والوجهاء.
وقد تضمن حفل الافتتاح كلمة للشيخ ضياء زين الدين اشار فيها الى اهمية العلم والمعرفة في منهج الدين الاسلامي الحنيف، وقال مؤكدا: (ورد عن اهل البيت عليهم السلام الامر بالاحتفاظ بالكتابة والاحتفاظ بالكتب، لان الكتب هي السبيل للتواصل المعرفي بين الاجيال البشرية على امتداد التاريخ).
مشيدا في كلمته بامتدادات المعرفة الخاصة بالنجف، فهي نجف العلم والحوزة والمرجعية ونجف اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين الذين جعلوا الكوفة موطنهم وشاء الله ان يجعلها عاصمة للامام علي(عليه السلام) وعاصمة للإمام المنتظر(سلام الله عليه).
واشار في كلمته الى انه من حسن الصدف ان يتزامن موعد افتتاح معرض العتبة الدولي للكتاب في السنة المقبلة مع مناسبة مرور 14 قرناً على اتخاذ امير المؤمنين(عليه السلام) الكوفة عاصمة له حيث قال: «انني في هذه المناسبة أشير الى أنه سيقام المعرض في السنة المقبلة تيمنا بمناسبة مرور 14 قرنا على اتخاذ الامام امير المؤمنين عليه السلام الكوفة عاصمة له وان شاء الله سيكون كل الإخوة الذين شاركوا في المعرض والذين سيشاركون في المعرض المقبل حاضرين وسيكون عنوان المناسبة مطبوعاً على كل كتاب في المعرض المقبل ان شاء الله».
بعدها تقدم رئيس اللجنة التحضيرية للمعرض الدكتور علي خضير حجي بكلمة رحب فيها بالحضور الكريم وأشاد في معرضها بالمبادرة التي قدمها الأمين العام للعتبة العلوية في أن يقام معرض العتبة الدولي للكتاب في العام القابل تيمنا بمرور أربعة عشر قرنا على اتخاذ الإمام علي(عليه السلام) الكوفة عاصمة للامة الاسلامية، مؤكدا في الوقت نفسه على ان (هذا المعرض هو احد مصاديق الرواية الواردة عن آل بيت الرحمة(سلام الله عليهم)، إذ ورد في الكفاية عن ابي عبد الله(عليه السلام) قوله: «احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون اليها».
وفي معرض كلمته اكد رئيس اللجنة التحضيرية قائلا: (أيها الحضور الكريم يقام المعرض في صحن الامام الحسين وقد ضم أكثر من 150 دارا للطباعة والنشر، تعرض اكثر من 50 الف عنوان، وسيضم أكثر من 300 دار للنشر في العام المقبل ان شاء الله).
واختتم حفل الافتتاح بانشودة شعرية جميلة في مدح الامام علي(عليه السلام) أدّتها هيأة المرتضى(عليه السلام) للإنشاد الإسلامي التابعة لقسم الاعلام في العتبة العلوية المقدسة.
ثم توجه الحضور الكريم لقص شريط الافتتاح، وقد شارك في ذلك العلامة السيد محمد بحر العلوم بصحبة الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة ورئيس اللجنة التحضيرية وعضو مجلس إدارة العتبة المقدسة المهندس عبد الصاحب خوّام وعدد من رؤساء الأقسام فيها
.
آراء الحاضرين في المعرض
حاز معرض العتبة العلوية الدولي السادس للكتاب على إشادات مميزة تقدم بها عدد من الشخصيات الحاضرة فيه.
فمن جانبه قال السيد محمد بحر العلوم: شكرا لله سبحانه على ماتفضل وانعم في ان نلتقي في كل عام في معرض الكتاب الدولي الذي تقيمه العتبة العلوية المقدسة تدعيما للعملية الحضارية التي نأمل انتشارها في هذا البلد الذي اتعبته الآلام، اتمنى ان تكون هذه الفعاليات لها الاثر الايجابي لنقل البلاد نحو شاطئ الامان.
اما الاعلامي وجيه عباس فقال: (ليس غريبا على مدينة النجف الاشرف التي اعطت العالم علمها وثقافتها ورجالها المصلحين والصالحين ان تقيم معرضا عن علي وبجوار علي وفي علي(عليه السلام) هذه البقعة التي تفيض بالعلم فيضا، ليس غريبا ان تقيم المعارض ولاعجب ان تقيم دور النشر خيمة صغيرة لكتبهم بقرب هذا الطود الشامخ وانا لا استكثر على النجف الاشرف هذا العمل).
وللشخصيات الاكاديمية حظوة في هذا المعرض إذ عدّه الدكتور حيدر كريم الجمالي مبادرة جميلة قائلاً: (عوّدتنا العتبة العلوية المقدسة على كل ما يخدم المجتمع، وان هذا الاجتماع الذي يضم اكثر من مئة وخمسين دار نشر ومؤسسة انما يدل على قيمة التواصل بين النجف الاشرف والعالم وهذه الكتب تعبر عن حقيقة ومدى تواصل العتبة العلوية المقدسة لنشر العلم في العالم).
استعدادا واسعة لاقامة معرض الكتاب الدولي
استنفرت العتبة العلوية المقدسة كوادرها العاملة في أقسامها المختلفة لإقامة معرض الكتاب الدولي في دورته السادسة.
ومن اجل إنجاح هذه التظاهرة العلمية شكلت العتبة العلوية المقدسة لجنة تحضيرية برئاسة د. علي خضير حجي عضو مجلس ادارة العتبة وعضوية الشيخ علي الشكري رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية، والاستاذ فائق الشمري رئيس قسم الاعلام والاستاذ هاشم الباججي رئيس شعبة المطبوعات والاستاذ ابراهيم الموسوي رئيس قسم العلاقات العامة.. فضلا عن لجان فرعية من اجل إظهار المعرض بالشكل اللائق به.
وفي هذا الصدد أكد رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية الشيخ علي الشكري قائلا: قبل أكثر من ثلاثة أشهر واستعدادات قسم الشؤون الفكرية والثقافية جارية من أجل إقامة المعرض الدولي للكتاب في نسخته السادسة.
وأضاف: إننا لم نقم المعرض في السنة الماضية بسبب عمليات البناء والترميم في صحن الإمام الحسين(عليه السلام) ولكننا أكملنا الاستعدادات اللازمة هذا العام وأعلنّا فيه موعد المعرض الذي يمتد لمدة عشرة أيام، وقد وصلت طلبات المشاركة من دور النشر والمؤسسات العربية والأجنبية والمحلية بأعداد كبيرة لكن وقع الاختيار على مئة وستين مؤسسة ودار نشر فقط بسبب ضيق المكان.
وحول التوافد الكبير للباحثين على هذا المعرض أوضح الشيخ الشكري قائلا: ان الاستبيانات التي وصلت الينا تشير الى أن الباحثين يبدون ارتياحا يختلف عما يبدونه إزاء المعارض الأخرى من حيث دور النشر وتنوعها والجانب الأمني والاستقرار في المحافظة وقرب المعرض من معاهد العلم كالحوزة العلمية وجامعة الكوفة.
مشيرا إلى أن البعد الأكاديمي قد أضفى على المعرض سمة لافتة ولا سيما ان هذه المحافظة تتوسط محافظات عدة مجاورة لها كالسماوة والديوانية وكربلاء وبابل فعندما يقام المعرض فيها فستهفو إليه أرواح الباحثين للنهل من نور هذا المعرض.
وعن الغاية من أقامة المعرض قال الشيخ الشكري: ان الغاية من إقامة قسم الشؤون الفكرية والثقافية لهذا المعرض هي لتعبيد الطريق أمام الناس لأن يأخذوا العلم من ابوابه، ونحن نؤمن تماما بان العلم هو المفتاح لحل الكثير من المشاكل لا سيما المشاكل التي تتعلق بالعقيدة والسلوك الاجتماعي والأخلاقي، مؤكدا: إننا مع الباحث الذي يحول بينه وبين الكتاب الحاجز الاقتصادي، لذا فقد عمدت العتبة العلوية الى أن تذلل هذه المعوقات، إذ لم تقم بتأجير المكان لدور النشر بل عمدت الى توفير ضيافة مجانية للمؤسسات والدور المشاركة الأمر الذي ألقى بظلاله على سعر الكتاب المعروض.
من جانبه تحدث عضو اللجنة التحضيرية للمعرض الأستاذ هاشم الباججي عن استعدادات قسم الشؤون الفكرية والثقافية لاقامة المعرض قائلا: تم تشكيل لجنة السلامة الفكرية التي تعمل على تدقيق المشاركات والكتب المعروضة، وستكون هنالك مراقبة دورية من اللجنة طوال أيام المعرض على جميع الكتب والعناوين المشاركة لان العتبة العلوية مكان مقدس ولا يمكن عرض كتاب خارج عن حدود اللياقة الفكرية والثقافية في رحابه.
وعن ما يميز المعرض هذا العام أوضح الأستاذ الباججي: إن ما يميز المعرض انه يقع في صحن الإمام الحسين(عليه السلام) الذي هو انجاز جديد للعتبة العلوية المقدسة، فضلاً عن حضور مؤسسات جديدة تشارك لأول مرة فيه كالمؤسسات المصرية والأردنية، ولم يقتصر المعرض على عناوين معينة من الكتب المشاركة وإنما يضم كتباً علمية وأكاديمية في القانون والسياسة بالإضافة إلى الكتب الدينية.
من جانبه أكد رئيس قسم الإعلام في العتبة العلوية الأستاذ فائق الشمري أن قسم الإعلام عمل بالتعاون مع باقي الاقسام لدعم هذه التظاهرة الثقافية من خلال نشاط قسم الإعلام على المحاور السمعية والمرئية والمقروءة، فقد عمل على طباعة البوسترات والفلكسات الدعائية للمعرض وإصدار فولدر تعريفي وخريطة خاصة ومجلة توثق فعاليات هذا المهرجان بدوراته السابقة ودورته الحالية وبث برامج تخصصية تتعلق بالمعرض في إذاعة العتبة وموقعها وشبكة الإمام علي (عليه السلام)الالكترونية، بالإضافة إلى بث رسالة تلفزيونية خاصة بالمعرض على القنوات الفضائية وتوثيق المعرض بالصور الفيديوية والفوتوغرافية، وتسهيل عمل القنوات التي تغطي فعاليات المعرض إعلاميا.
وأضاف: إن القسم عمل عبر الشبكة الالكترونية منذ أشهر للإعلان عن المعرض واستقبال المشاركين من خلال استمارة الكترونية خاصة فضلا عن دعوة الجهات الإعلامية من قنوات ووكالات إخبارية, كما عمل القسم على إعداد دروع و كتب الشكر للاخوة المشاركين في المعرض.
وعلى صعيد ذي صلة أوضح السيد محمد إبراهيم مسؤول قسم العلاقات قائلا: لقسم العلاقات إلى جانب بقية الأقسام دور في أعمال المعرض، إذ تم التنسيق في استقبال الضيوف وأصحاب دور النشر في العتبة ودار الضيافة، أما أصحاب دور النشر فقد تم تهيئة أماكن لسكناهم في جميع الفنادق التابعة للعتبة العلوية بواقع ثلاثمائة شخص إضافة إلى تخصيص وجبة طعام وأماكن مجانية لعرض الكتب، وعملنا على وضع منهاج لزيارة المراقد الطاهرة للأئمة(عليه السلام) لأصحاب الدور.
من جانبه صرح مسؤول الشعبة الصباحية في قسم الشؤون الخدمية الأستاذ سلام الجبوري قائلا: إن استعدادات قسم الشؤون الخدمية بدأت قبل أسبوعين من افتتاح المعرض، إذ تم تنظيف وتهيئة المخازن الخاصة بالكتب وبعدها باشر المنتسبون في القسم بتقديم الخدمات التي يحتاجها أصحاب الدور والزائرين, مبينا أن الاستعدادات لإنشاء المخازن استمرت لعدة أيام وأعمال قسم الشؤون الخدمية مستمرة في المعرض بشكل يومي منذ الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثامنة مساء.
اختتام معرض الكتاب الدولي
بعد عشرة ايام عاشها الجمهور النجفي وابناء المحافظات المحيطة بالنجف والقريبة منها في رحاب الكتاب، اقامت العتبة العلوية المقدسة حفل اختتام فعاليات معرضها الدولي السادس للكتاب، واغتنمت الفرصة لتكريم اصحاب الدور والمؤسسات المشاركة مع عدد من الشخصيات المساهمة لانجاح هذا المشروع الثقافي الكبير.
وقد ألقى في حفل الاختتام د. علي خضير حجي رئيس اللجنة التحضيرية للمعرض كلمة أوضح فيها أن هذا المعرض كان يمثل تظاهرة ثقافية ومعرفية، مؤكدا على ان العتبة بصدد إعداد خطة متكاملة لمشاركة أكبر في نسخة المعرض للعام المقبل على أن يكون على امتداد صحن الإمام الحسين(عليه السلام) لكي يستوعب بكامله أكثر من 300 دار ومؤسسة للنشر.
واكد د. علي خضير الى ان المعرض المقبل سيقام بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على اتخاذ الإمام علي(عليه السلام) الكوفة عاصمة للدولة الإسلامية في الثاني عشر من رجب لعام 36هـ، وبمناسبة مرور عشرة قرون على رحيل السيد المرتضى علم الهدى عام 436هـ، ووعد بأن المطبوعات التي سيتضمنها المعرض في دورته المقبلة ستزدان بشعار هاتين المناسبتين.
وفي ختام كلمته وجه كلمة شكره وامتنانه للأمين العام للعتبة المقدسة وأعضاء مجلس الإدارة ورؤساء الأقسام واللجنة المنظمة ولكل المنتسبين العاملين في العتبة المقدسة وأصحاب دور النشر والمؤسسات لانجاح المعرض في دورته هذه.
وفي الختام تم توزيع الهدايا التقديرية على المؤسسات ودور النشر المشاركة من اعضاء مجلس ادارة العتبة وهم كل من السيد محمد علي الحكيم والدكتور علي خضير حجي والأستاذ محمد جواد الطريحي ورئيس قسم الاعلام الاستاذ فائق الشمري ورئيس قسم العلاقات العامة السيد محمد إبراهيم موسى والاستاذ سلام الجد رئيس قسم شؤون حفظ النظام.
نشرت في الولاية العدد 79