المحقّــق الشيـخ أحمد النـراقي

sdaf

حمود حسين الصراف

الفاضل المحقق والمدقق، الجامع والمبتكر صاحب التصنيفات القيمة.. أحد أعلام القرن الثالث عشر الهجري، من أبرز علماء الإسلام ومشاهير الفقهاء.. لما عرف من موسوعيته.. كان جامعا لعلوم وفنون عدة لاسيما الفقه والأصول والرياضيات.. فضلا عن انه كان اديبا وشاعرا فارسيا نحريرا..محيطاً بالحكمة والأخلاق والأدب.. ذلك هو الشيخ أحمد النراقي. 

 

هو المولى أحمد بن المولى مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني، ولد في قرية نراق من قرى كاشان، في 14 من جمادى الآخرة سنة 1185ه‍ .
أخذ مقدمات دروسه من النحو والصرف وغيرهما في بلده، ثم درس المنطق والرياضيات والفلك على يد ابرز أساتذة هذا الفن حتى برع فيها وبلغ درجة عالية، ثم قرأ الفقه والأصول والحكمة والكلام والفلسفة عند والده.
رحل إلى العراق سنة 1205ه‍ لغرض الزيارة ومواصلة الدراسة على يد فقهاء الطائفة وزعماء الأمة، فحضر في النجف الأشرف مجلس درس السيد محمد مهدي بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء، والفتوني كما قيل.
قصد كربلاء المقدسة فحضر دروس السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض والسيد ميرزا محمد مهدي الشهرستاني، وحكى في «نجوم السماء» عن « الروضة البهية» قوله: سمعت أن ملا أحمد كان يحضر درس أستاذ الكل الوحيد البهبهاني برفقة والده .
ثم عاد إلى كاشان، فانتهت إليه الرئاسة بعد وفاة والده سنة 1209 ه‍، وحصلت له المرجعية، وكثر اقبال الناس عليه وصار من أجلّة العلماء ومشاهير الفقهاء.
وأقوى دليل وأسطع برهان على مكانته العلمية وشهرته الطائلة أن الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري رحل إليه للحضور عليه والإفادة منه.
غادر بلده مرة أخرى قاصدا العراق، وذلك في سنة 1211ه‍ لغرض الزيارة والاتصال بالشخصيات العلمية فيه.
تلامذته:
تتلمذ عليه الكثير من طلبة العلم والمعرفة، أعظمهم وأجلهم وأشهرهم حجة الحق شيخ الطائفة الأعظم الشيخ الأنصاري(قدس الله سره) الذي يروي عنه أيضا، ومن تلامذته ابنه ملا محمد وميرزا حبيب الله صاحب كتاب «لباب الألقاب» والسيد محمد تقي البشت المشهدي وأخوه ميرزا أبو القاسم النراقي وملا محمد حسن الجاسبي.
مؤلفاته:
صنف المحقق الشيخ أحمد النراقي الكثير من الكتب الفقهية والأصولية والأخلاقية، ومنها: مناهج الأحكام في أصول الفقه في مجلدين، ومفتاح الأحكام في أصول الفقه، وأساس الأحكام في تنقيح عمدة مسائل الأصول بالأحكام، ووسيلة النجاة، وسيف الأمة وبرهان الملة (فارسي) كتبه باسم السلطان فتح علي شاه القاجاري، وعين الأصول، ومشكلات العلوم، والخزائن، وشرح تجريد الأصول، وعوائد الأيام في مهمات أدلة الأحكام، وهداية الشيعة، ومعراج السعادة، وحجية المظنة، وأسرار الحج، ورسالة في اجتماع الأمر والنهي، وخلاصة المسائل، والرسائل والمسائل، وديوان شعره الكبير بالفارسية، وشرحه كتاباً لأبيه في الحساب، وتذكرة الأحباب، وكتاب في التفسير، ولسان الغيب وهو منظومة فارسية، ومنظومة فارسية أخرى اسمها (جهار صفر) .

وفاته:
توفي (رحمه الله تعالى) في نراق إثر الوباء الذي اجتاح تلك البلاد، والأقوى ان وفاته كانت في ليلة الأحد 23 ربيع الآخر عام 1245 ه‍ (مستند الشيعة، مقدمة التحقيق:1/17).
وقد أرخ تلميذه الملا محمد حسين الجاسبي عام وفاته في قصيدة نذكر منها الابيات الآتية:

أضحى فـــــؤادي رهين الكرب والألــــــم            أضحى فؤادي أسير الداء والسقم ِ
تلك الضحى أورثت ما قد فجعت به             يــــا ليتها لـــــــــــم أصادفهـــا ولم أدم ِ
لــــــــــــو حملت كربات قد أصبـت بـــــــه       مطيــــــة الفلك الدوار لـــــــــــم تقم ِ
مــــــــــــــا ذاك إلا لــــــــرزء قــــــد نعيت بــه  للعالــــــم العلم ابــــن العالــم العَلم ِ
علامـــــــة في فنـــــــــــون الفقــــــــــه والأدب     مجموعة الفضل والأخلاق والشيمِ
مبدي المناهج هـــــــادي الخلق مستند               الأنـــــــام في جمـــــل الأحكــــــــام للأمم ِ
جزاه خيرا عـــــــــــن الاســـلام شارعـــــــه          جـــــــزاء رب وفيّ العهد بــــــــالذمــــــــــــم ِ
مـــــــــــن النراق سـرى صبح الفراق إلى          كل العــــــــــــراق صباحا غير منكتم ِ
بـــــــــــــــل عم أهل الولا هذا المصاب فما       لواحــــــــد منهــــــــــــم شمـــــل بمنتظمِ
لــــــــــــم يبق للخلق جيب لـــم يشق ولا           عمامة لحدوث الحــــادث العمـــــــــــــــم ِ
لا بـــــــــــــل على ما روينــــــا الدين ينثلم   لمثـــــــــل ذاك فيـــــــــــا للديـــــــن من ثلمِ
لـــــــــــــي سلوة أن شمس العلم إن أفلت       بدت كواكب منها في دجى الظلمِ
إن شئت تدري متى هذا المصاب جرى               وقد تحقق هــــــــــــذا الحادث الصمم ِ
عام مضى قبل عام الحزن يظهر من              قــــــــــولي ( له غرف ) تخلو من الألمِ

 

نشرت في الولاية العدد 81

مقالات ذات صله