مصطلحات معاصرة(2)

hhh

حيدر محمد الكعبـــي

يتداول العالم العديد من المصطلحات العلمية في الكتب والخطابات ووسائل الإعلام، إذ وُجدت هذه المصطلحات لتفصح عن مجال واسع من المعارف في حروف قليلة.
وفي ظل تحوّل العالم إلى ما يشبه القرية الواحدة، صار لزاما أن يتسلح أفراد مجتمعنا بالمعرفة في هذا المجال، لفهم ما يدور حولهم على نحو ينأى بهم عن السطحية في فهم هذه المصطلحات، وهذا الباب يهدف إلى سد شيء من الفراغ في هذا المجال باسلوب مختصر يسير.

 

رأسمالية: مصطلح يعبّر عن حرية العمل الاقتصادي، وبموجبه يكون للفرد مطلق الحرية في أن ينتهج أي اسلوب لتنمية أمواله واستغلالها واستهلاكها بالشكل الذي يراه مناسبا، ولا يحق لأي جهة – سواء كانت حكومية أم غيرها- أن تضع عليه أيّ قيود إلا في حدود استثنائية.
وقد شاع استخدام هذا المصطلح للتعبير عن الدول الغربية بشكل عام، وهذا التعبير ليس دقيقا، فالدول الغربية إذا نظرنا إليها من الناحية السياسية فهي «ديمقراطية» وإذا نظرنا إليها من الناحية الاجتماعية فهي «ليبرالية» وإذا نظرنا إليها من الناحية الاقتصادية فهي «رأسمالية».
والجدير ذكره أنّ من ابرز نقاط الظلم الذي يستبطنه النظام الاقتصادي الرأسمالي هو إفساح المجال لتراكم الأرباح لدى الشركات الكبيرة، وتحكّم أصحاب رؤوس الأموال بالسوق بشكل كامل، بحيث تتحول شرائح ذوي الدخل المحدود – وهم غالبية المجتمع- إلى عبيد مأجورين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً عند مالكي الشركات ورؤوس الأموال.

عَلمانية: مصطلح يعبر عن الدعوة إلى الانفكاك عن الدين في التعامل مع أية ناحية من نواحي الحياة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية…الخ)، فهي نزعة فكرية ترى أن العالَم بما يضمه من مقومات مكتفٍ بذاته، وليس بحاجة إلى مدبر من وراء الطبيعة، لذا فان مصطلح العلمانية مأخوذ بالأصل من كلمة العالَم.
والعلمانيون برزوا مع ما يسمى بعصر التنوير الثقافي والثورة الصناعية والتكنلوجية، وهم يرون أن العلوم المادية وحدها هي الكفيلة بازدهار حياة الإنسان وإحلال الطمأنينة في المجتمعات، وليست الأديان.
وقد وجدت هذه الحركة رواجا في بلاد الغرب بشكل خاص، وبالذات في أوربا، فانحسرت على أثرها سلطة الكنيسة، وشهدت المجتمعات الأوربية تنصّلا مستمرا من المسيحية، ولكن مع نهايات القرن العشرين شهدت تلك الدول نشاطا دينيا متجدّدا.
أما فيما يسمى بالبلدان النامية، فان الدين بقي حيا، بل شهدت هذه البلدان نهضة دينية عامة في العقود الأخيرة، وعلى أي حال، فانه على أعتاب القرن الواحد والعشرين حدث عكس ما كان يتوقعه العلمانيون تماما.

نشرت في الولاية العدد 78

مقالات ذات صله