أنوار الله في جميع الكتب السماوية

allah____the_greater_by_roofizone-d2yxi21

أسامة حمودي حسن

إن العظماء الذين تجاوزت عظمتهم حد الارتباط بمناسبات تاريخية معينة فأرسلوا أضواء تجلت آفاقا وأبعادا رائعة في معارج الشوق الإنساني لا يغيب لهم حضور، فلولاهم لم تكن سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا فلك يدور ولا بحر يجري، فقد ذكرهم الله جل وعلا في جميع الكتب السماوية التي أنزلها على أنبيائه ليكونوا حجة على البشرية.

 

علي(عليه السلام) في إنجيل يوحنا
جاء ذكر الإمام علي(عليه السلام) وصي الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) في انجيل يوحنا. وهذا النص العبري يقول: «قي زوت عيدوت يوحانان بشلوّح هيهوديم كوهنيم أولقّيم ميرو شاليم لشؤول أو تومي أُتا؟». ومفاده: «وهذه شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنةً ولاويين ليسألوه من أنت؟ فاعترف ولم ينكر قائلاً: لست المسيح».
ويتابعون سؤاله بالقول: «قيّومروا إيلاف أومي أتّا؟ ها إيليّا هو أتّا؟ قيّومر إينيني ها أتا هنا قي؟ قايَّعن لو». ومفاده: «وقالوا له: من أنت؟ هل أنت أيليّا فقال: لا. هل أنت النبي؟ فأجاب: لا».
ثم يسألونه: «قيّومروا إيلاف مي زيه أتّا لَمِعَن ناشيف إت شولحينُوا دافار ما توَمر لِنفشيخا». أي « فقالوا من أنت إذن حتى نعطي جواباً للذين أرسلونا، ماذا تقول عن نفسك؟».
وينتهي هذا الحديث بعبارة: «قيّومَر أنّي قول قوريه بَمد بار بنّوا ديرخ يهقا كأشير آمر يشغيا هوَ هَنا قي…( انجيل يوحنا: 1: 19 ـ 14) وترجمته: «فقال: أنا صوت منادٍ في الصحراء، اتجهوا نحو الله كما قال النبي اشعيا».
إن هذه الفقرات في النص العبري من انجيل يوحنا تبشر بالإمام علي(عليه السلام) إذ نلاحظ لفظة (ايليا) وهو اسم للامام علي(عليه السلام) كما ورد عنه قوله: انا اسمي في الانجيل (ايليا) وفي التوراة (بريء) وفي الزبور (اري)..الخ.
وقد ذكر روف لفظة (ايليا) بالنبي دلالة على انه ليس نبيا وانما هو قرينه ووصيه، ومن هنا يتضح ان (ايليا) المقصود به علي(عليه السلام).

الزهراء (عليها السلام) في العهد الجديد
أما ذكر فاطمة الزهراء(عليها السلام) فقد جاء في العهد الجديد في رؤيا يوحنا: 12: 1/2 الذي يقول: «قي كادول نر اى بشامايم اشا اشير هشيميش لقوشا قي هيا ريح تحت ركليها قي عل روشاه عطيرت شنيم عاسار كوخاقيم» وترجمته: «وستظهر آية عظمى في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها اكليل من اثني عشر كوكبا» ثم يتابع النص: «قتيلد بن زاخار أشير يرعيه كل هوكويم بشيقط برزل قيلاقح بناه ال ها ايلوهيم قي ال كسؤ» والترجمة العربية لهذا النص: «وستلد ابنا ذكرا سيرعى جميع الأمم بعصا من حديد وسيرفع ابنها الى الله والى عرشه».
فذكر فاطمة الزهراء(عليها السلام) يتضح من أنه يتضمن قرائن لتأكيد منزلة ومقام سيدة نساء العالمين إذ يذكر في الفقرة الأولى من النص: (.. على رأسها اكليل من اثني عشر كوكبا) إذ أشار الى الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وهذا نص صريح يخص فاطمة(عليها السلام) وليس يقصد به السيدة مريم(عليها السلام) وابنها سيدنا المسيح(عليه السلام) ففي الفقرة يذكر أنها ستلد ابنا ذكرا سيرعى جميع الأمم وفي معتقداتهم بأن النبي عيسى(عليه السلام) قد صلب وتوفي.
أما فاطمة الزهراء(عليها السلام) فابنها يقصد به الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه) الذي سيرعى جميع الأمم بعد ظهوره ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

وفي انجيل يوحنا: 9 ـ 12 جاء بالنص العبري: «يوحنا بخبر عن ال خروج بكربلا» / «كي أتا نشحطتا»/ «قي بدمخا قانيتا لإيلوهيم» / «من كل مشبحا وي لا شون وي كل عم وي – وي» / «قي إيريه قا اشمع» / «قول ملاخيم ربيم»/ «قورئيم عوشير وي حاخما»/ «قوي – بورها وي هدار كاود وي براخا».
ويعني هذا النص بحسب تتابع المقاطع: «إنك الذي ذبحت»/ «وقدمت دمك الطاهر قربانا للرب» / «ومن أجل إنقاذ الشعوب والأمم» / «وسينال هذا الذبيح المجد والعزة والكرامة إلى الأبد»/ «لأنه جسد البطولة والتضحية بأعلى مراتبها».
يشير النص العبري الى الإمام الحسين(عليه السلام) من خلال ما جاء على لسان يوحنا بأنه المذبوح الذي ضحى بنفسه من أجل الله وأنه سينال المجد والعزة على مر العصور والأجيال.
فالحسين(عليه السلام) انقذ البشرية بملحمته الدامية ضد الطواغيت المتسلطين على مقدرات الناس وعلى شؤونهم، فقد استطاع(عليه السلام) أن ينقذ الإنسان من مصيدة النفس وأهوائها المادية ويحلق به في سماء طلب الحق والعدالة والسعادة الواقعية.

الحسين(عليه السلام) في سفر ارميا
فقد جاء كذلك في سفر ارميا 46: 6، 10 الاصل العبري العهد الجديد: «قي هيوم ههو كاشلوا» / «قي نافلوا تسافونا عل يد نهر فرات»/ «قي اكلا حيرب»/ «قي سابعا» / «قي راوتا من دمام» / «كي ذبيح لأدوناي يهقا»/ «تسقاؤوت يا ايرتس»/ «تسافون ال نهر الفرات».
ويعني هذا النص بحسب تتابع المقاطع فيه: «في ذلك اليوم يسقط القتلى في المعركة»/ «قرب نهر الفرات» / «وتشبع الحراب والسيوف وترتوي»/ «من الدماء التي ستسيل في ساحة المعركة»/ «بسبب مذبحة رب الجنوب في ارض» / «تقع شمال نهر الفرات».
فالنص الذي اخبر عنه (ارميا) يكشف بكل وضوح عن ملحمة الطف في كربلاء الحسين(عليه السلام).. ومن خلال التحليل اللغوي للنص العبري نجد تعظيما لفداحة ما يحدث في ذلك اليوم إذ يسقط القتلى في المعركة شمال نهر الفرات.
فاخبار ارميا بسقوط الشهداء وارتواء السيوف من دمائهم على ارض تقع على نهر الفرات يدل دلالة واضحة على ان هذه الأرض هي كربلاء.
وهذه هي أكبر ملحمة انسانية وأعظم أنشودة حمراء سماوية، وأوج المعنويات الإنسانية والإسلامية التي تكونت من نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) وامتدت لترفد جميع الثورات الإصلاحية ضد الطواغيت والظلمة بشحنات معنوية هائلة وفي الحقيقة ابرزت هذه النهضة دعوة الأنبياء(عليهم السلام) بشكل شخصيات عملية في سبيل الإيمان والعدالة والمواجهة الميدانية للشرك والضلال والظلم والفساد.

 

نشرت في الولاية العدد 81

مقالات ذات صله